الطاهر ساتي يكتب : دولة القبائل..!!

:: عادت الحياة لطريق التحدي – الخرطوم عطبرة – بعد انقطاع ثلاثة أيام.. وكما يفعل صبيان وشباب لجان المقاومة بالمُدن، لم يجد نُظار وعُمد وشيوخ مجلس شورى الجعليين من وسائل التعبير عن قضيتهم غير إغلاق طريق التحدي، ولم يبالوا بآثار هذا الإغلاق في حياة الناس واقتصاد البلد.. وليس في أمرهم عجب، فالناس في بلادي – بمختلف أعمارهم، المراهقون منهم والشيوخ – سواسية في انتهاك الحق العام باسم الحرية والديمقراطية..!!

:: ألقت لجنة إزالة التمكين بنهر النيل، القبض على زعيم عشائري، فاستنفر مجلس شورى الجعليين بعض الأهل هناك، ليغلقوا الطريق.. واشترطوا – على فتح الطريق – إطلاق سراح هذا الزعيم وإقالة واليهم الدكتورة آمنة المكي.. ثم فتحوا الطريق بعد نجاح الحكومة في التفاوض معهم، وتلبية أحد الشرطين (فوراً)، وتأجيل الآخر لوقتٍ لاحقٍ.. أطلقت السلطات سراح الزعيم ثم وعدت بالنظر في أمر الوالي خلال (15 يوماً)..!!

:: وبهذا لن تعتقل السلطات هذا الزعيم العشائري – مرة أخرى- حتى ولو نهب كل ثروات نهر النيل، ولن تعتقل أي زعيم عشائري آخر حتى ولو مارس كل أنوع الفساد والتمكين، لأن القبيلة أقوى من المسمى بالقانون والمسماة بالدولة.. وكذلك عند التشكيل الحكومي المرتقب – خلال 15 يوماً – لن تعيد الحكومة تنصيب آمنة المكي – ولا أية امرأة أخرى – والياً لنهر النيل، ليس لفشل آمنة أو تجربة المرأة، بل لأنّ سطوة القبيلة أقوى من سُلطة الدولة..!!

:: وبالمناسبة، عند ترشيح د. آمنة مكي والياً لنهر النيل، كتبت بالنص: (مع الشمالية، فإن الخرطوم والجزيرة وجنوب كُردفان هي الأفضل أن يكون واليها  امرأة.. ولم توفّق الحكومة في اختيار آمنة المكي والياً لنهر النيل، وهو اختيار يؤكد جهل – أو تجاهل – من رشحها بثقافة المجتمعات.. وليس هناك ما يُعيب مجتمع نهر النيل – وغيره – بأن يكون له ثقافة يعتز بها، ولكن العيب هو عدم احترام السلطة لثقافات المجتمعات..

:: ولأن الغاية هي استقرار هذه المرحلة، لن استرسِل في الشرح.. فقط اكتفي بتأكيد أن الشمالية والخرطوم والجزيرة وجنوب كردفان فقط هي الولايات ذات المجتمعات المؤهلة – من حيث الثقافة والعادات والتقاليد – على قبول التجربة.. ومعرفة القيادة لطبيعة القواعد – وثقافتها وعاداتها وتقاليدها- مهمة للغاية، ولكن يبدو أن المنافي أفقدت قيادة الحكومة فضيلة المعرفة، ولذلك صدَمَت مجتمع نهر النيل بهذا الاختيار الغريب..!!

:: بتلك الأسطر، نصحت السادة بقوى الحرية وحكومتهم، قبل تعيين آمنة الفكي، فلم يستبينوا النصح إلا ضُحى إغلاق طريق التحدي.. كان الأكرم لهيبة الدولة أن ينظروا إلى أمر والي نهر االنيل بعقولهم، بدلاً من الخضوع لأمر مجلس شورى الجعليين.. وليس في هذا العهد فحسب، بل منذ عهد النظام السابق، فالنخب السياسية – بقصر نظرها – هي التي تضعف مؤسسات الدولة، ولا تعلم بأن القبائل تستقوى بهذا الإضعاف، بحيث تصبح هي الدولة..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى