عبد العزيز يعقوب- فلادلفيا يكتب:انتحر ترمب سياسياً.. ودنّس الرجرجة والدهماء محراب الديمقراطية

كتبتُ مقالاً في بداية الأسبوع  يتحدث عن السلوك النرجسي والعنجهية السلوكية للرئيس الأمريكي دونالد وحاولت إجراء مقارنة حول الإقصاء وعدم قبول الآخر ونتائجها المحتومة في إذكاء روح العنف وتعطيل مصالح الأمة والتناحر وإضعاف الإنتاج وعدم الشعور بالأمان والطمأنينة مما ينعكس سلبًا على المواطن في دخله السنوي ومعاشه اليومي ووحدته الوطنية والاجتماعية..

قبل يوم ٦ يناير ٢٠٢١ تحدث الرئيس ترمب عبر التوتير إلى مؤيديه بالتحديد في ديسمبر ٢٠٢٠ يشجعهم ويحثهم مرارًا وتكرارا على الخروج في احتجاج كبير “big protest”لمنع موافقة الكونجرس على نتيجة الانتخابات واعتمادها.

وتحدث بعد ذلك في ولاية جورجيا يوم 4 يناير في حشد كبير من أنصاره، وقد قال ترمب لمؤيديه “سناخذ ما فعلوه بِنَا  في 3 نوفمبر وسنستعيده”، مشيرًا بذلك إلى يوم الانتخابات.

أما ما قاله لمناصرين قبل أعمال الشغب فقد أثنى وأشاد بمناصرين لحضورهم من ولايات مختلفة وحرصهم على إنقاذ الديمقراطية وطلب منهم السير نحو العاصمة وإظهار الشدة وأن يكونوا أقوياء.

كما أقدم عَلى تحريض مؤيديه في تجمع حاشد في منطقة “البس” بالعاصمة واشنطن بتسيير مواكب حاشدة إلى مبنى العاصمة الحكومي بشأن مزاعمه في تزوير الانتخابات، وقد دعا الرئيس ترمب نائبه مايك بنس الذي سيرأس الجلسة المشتركة للكونغرس بأن يرفض نتائج الانتخابات وعدم اعتماد نتيجة الانتخابات النهائية لصالح الرئيس المنتخب جو بايدن.

كل هذا الحشد والتحريض السالب من الرئيس ترمب   لمؤيديه ومناصريه الذين تجمعوا من ولايات مختلفة وقاموا باقتحام مبنى الكونجرس بشكل همجي بربري أدى إلى أعمال شغب في العاصمة وسقوط عدد من القتلى وبعض الحرجى من المواطنين والقوات النظامية، وتجرأ الدهماء باقتحام وتدنيس محراب الديمقراطية ورمز التمثيل الوطني الديمقراطي الشعبي “مبنى الكونجرس”، اقتحام الرجرجة والغوغاء للكونجرس بدوره استفز عدداً كبيراً من عضوية الحزب الجمهوري الذي يدعم ترمب الذي ترشح ممثلاً عنه في 2016 وأصبح رئيسًا للولايات المتحدة، قد رفضوا هذا السلوك الهمجي الذي يمثل الفوضى والجهل، وطالبوا الرئيس ترمب بقبول نتيجة الانتخابات والاعتراف بها واحترام رغبة الشعب الأمريكي واتباع الوسائل الديمقراطية والقانونية في إثبات مزاعمه بتزوير الانتخابات غير اقتحام مؤسسات الشعب وتخريبها.

هذه التجربة وما بها من أعمال شغب ودعوات للخروج على القانون بشكل مبطن والانقلاب على المؤسسة الديمقراطية التي أرست قيماً ومفاهيم في مسيرة قرنين في الولايات المتحدة يمكن أن نستخلص منها

  1. انتصار المؤسسة الديمقراطية والتأكيد على قبول نتيجة الانتخابات سلباً أو أيجاباً ورفض أي طريق يمكن أن يؤدي إلى الانقلاب على هذه المؤسسات.
  2. 2. تأكيد القيادات المؤثرة في الحزب الجمهوري على قبول نتيجة الانتخابات بل واعتمادها داخل الكونجرس وبموافقة نائب الرئيس مايك بنس والتعامل مع جو بايدن بأنه الرئيس المنتخب للولايات المتحدة.
  3. 3. موافقة عدد مقدر من نواب مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري على تجريم ومحاسبة كل من شارك في أعمال الشغب واقتحام مبنى الكونجرس وتسبب في قفل الطرق والخسائر في الأرواح والممتلكات.
  4. 4. موافقة عدد مقدر من النواب في الحزب الجمهوري على مساءلة الرئيس ترمب من خلال مجلس الشيوخ والكونجرس والذي يمكن أن يؤدي إلى عزله من الرئاسة ومن ثم محاكمته.
  5. 5. تأكيد قائد الجيش ووحداته بأنهم أقسموا لحماية الدستور وليس الأرض أو الحاكم أو الحزب مما أكد على ثوابت الدستور وسيادة القانون.
  6. 6. ثوابت الأخلاق بالالتزام بالدستور واحترام القانون أوقف الاستقطاب بين أطراف النزاع وزاد من قيم قبول الآخر والتسليم بنتيجة الانتخابات والتعامل معها إيجابياً حتى الآن.

ولكن على الصعيد الآخر رغم خسارة الرئيس ترمب للانتخابات، ودعمه للغوغاء والذي يمثل إعلاناً لنهايته السياسية له بحسب الأعراف هنا، إلا انه قد حاز على أكثر من 74 مليون صوت تمثل ٤٦.٩%؜ من إجمالي الأصوات، وهو رقم كبير جداً ويمكن أن يشكل تهديداً حقيقياً للوحدة الأمريكية الفيدرالية والاستقرار والسلم الاجتماعي، إذا حدثت أي خروقات جديدة في احتفال التنصيب يوم 20 يناير القادم. كما أن الدوافع الشخصية للرئيس ترمب وأسرته وأتباعه لحماية أنفسهم من الملاحقة القانونية بعد ترك البيت الأبيض يمكن أن تلعب دوراً كبيراً فيما سيحدث في الأسبوع القادم.

* المؤسسية تقطع الطريق أمام الجهل والغوغاء وتؤسس للحكم الراشد.

* دولة الدستور والقانون ضمانة للحرية والسلام والعدالة

* الأخلاق كقيمة للتعامل تحمي الأفراد والمؤسسات من التغول عليها بدواعي الوصاية وإنقاذ الديمقراطية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى