مَن ظلم الآخر في صدفة تاريخ الرحيل؟بين مصطفى والحوت..

 

يحتفل الجمهور من كل عام في السابع عشر من يناير، بذكرى رحيل أسطورتين من أساطير الأغنية السودانية، هما الفنان الراحل المقيم مصطفى سيد أحمد المعروف بــ(أبو السيد)، وفنان الشباب الراحل محمود عبد العزيز المعروف بــ (الحوت).

بينما لعبت الصدفة، دوراً كبيراً في أن يكون يوم وفاتهما بنفس التاريخ من منتصف يناير، فضلاً عن رحيلهما وهما في قمة عطائهما الفني.

تقرير- نيازي أبو علي

حدثت وفاة مصطفى سيد أحمد في يناير 1996م وكانت مسيرته الفنية قصيرة جداً، لم تتجاوز الخمسة عشر عاماً ما بين 1976 ـــ 1992م، بينما زادت رحلة الحوت الفنية منذ نهاية الثمانينات ومطلع التسعينيات، حيث سطع نجمه آنذاك حتى رحيله في العام 2013م فهي رحلة فنية امتدت لـثلاثة وعشرين عاماً أو أكثر.

وقال البروفيسور محمد سيف في حديثه لــــ(الصيحة)، إن معظم  أغنيات مصطفى سيد أحمد، سجلت بالعود في جلسات فنية لم يستطع التلفزيون القومي أن يحرص على التوثيق والتسجيل للراحل مصطفى، خاصة أن أبو السيد تمت محاربته من قبل الحكومة وكان وقتها النظام يحارب الفنانين والمبدعين وهم أشد شريحة وجدت التشريد والتجريح والمعاناة من النظام السابق، وقال إن مصطفى سيد أحمد توفي وهو في عز مجده الغنائي، وأشار سيف إلى أن مصطفى يمثل رمزاً من رموز الأغنية السودانيّة، واصفاً إياه بالفنان المهذب الأنيق الذي يقابل الجميع بالحب والابتسامة والبشاشة والكرم.

تحدث الشاعر مدني النخلي، عن مشروع الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد قائلاً: مصطفى عانى من المرض ما عانى، فقد لازمه مرض الفشل الكلوي لسنوات طويلة، أجرى خلالها عملية لزراعة الكُلى، وفي أواخر الثمانينات تعرض لانتكاسة في بداية عام (1993)، وانتقل بعدها للعلاج بالقاهرة ومنها للدوحة القطرية، إلى أن توفي في 17 يناير 1996م، وختم النخلي: أبو السيد رغم المرض ظل يغني ولم يتوقف.

ويرى الصحفي عثمان الأسباط أنّ من عجائب الصدف والأقدار أن يتزامن تاريخ رحيل الفنان محمود عبد العزيز، مع الفنان القامة مصطفى سيد أحمد في السابع عشر من يناير وفي يوم الخميس تحديداً، وللبحث عن الروابط المشتركة التي تجمع بين الاثنين قال الأسباط، إنه ليس بالأمر العسير، فكلاهما تمتع بخامة صوتية متميزة، وأداء تطريبي عالٍ، مضيفاً أن كلا الفقيدين ارتكزا في بداياتهما الأولى على مخزون أغنيات المكتبة السودانية المتمثلة في أغنيات الحقيبة والحديثة ما بعد الخمسينات من القرن الماضي.

الموسيقي عبد الله بدوي، عضو فرقة الشباب الموسيقية في عروس الرمال، عبر عن بالغ سعادته، قائلاً: كنا بالفرقة من أوائل الموسيقيين الذين شاركوا الحوت بداياته الفنية بولاية شمال كردفان بمدينة الأبيض، ووقتها كان يردد أغنيات الفنانين أبو عركي البخيت، مصطفى سيد أحمد، الهادي الجبل وغيرهم.

يذكر أن الكروان مصطفى سيد أحمد، ردد أغنيات متجانسة ومتشبعة ما بين العاطفة والحبيبة والوطن من مفردات ما زالت راسخة في ذاكرة المستمع السوداني منها، (حاجة فيك، قولي الكلمة، الحزن النبيل، البت الحديقة، عم عبد الرحيم ويا ضلنا).

بينما غنى الحوت ليلامس وجدان الشباب عبر ترديد: (لهيب الشوق، نور العيون، اتفضلي، ما تشيلي هم، لقيتك، عمري والفات زمان).

ويبقى الذوق العام، هو مربط فرس المستمع السوداني في ظل عدم وجود وجه شبه أو مقارنة بين مشروعين غنائيين، لكل منهما حظوظه من الانتشار والشعبية، غير ذلك، فالسنوات وحدها كفيلة برسم خارطة طريق للأجيال لتلمُّس الخطى وتحديد مصير لمن يعطي آذانه من الفنانين.

وأخيراً نترك الإجابة للقارئ الفطن، من ظلم الآخر في تاريخ الرحيل؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى