صلاح الدين عووضة يكتب : المهــــم !!

 

لم يعد هناك ما يهم..

أو إن الذي لا يهم هذا بلغ حدّاً – إزاء استحالة بلوغ ما يهم – حتى بات هو المهم..

تماماً مثلما أن العدم قد يكون له وجودٌ..

وذلك إن حل الشعور به مكان وجود يأبى على التحيُّث..

ومفردة (مسح) فرضت نفسها على ذهني أمس… وأبى تحيُّثها أن (يتمسح) منه..

فرضت ذاتها بلا سبب… وإذا عُرف السبب بطل العجب..

كما تفرض نفسها على الناس انقلابات الصباح للسبب ذاته… أي بلا سبب..

ثم لا يُعرف السبب… ولا يزول العجب… إلى أن تزول هي..

وإلى أن زالت (مايو) لا أحد عرف لماذا فرضت نفسها على الشعب فجراً..

ولا منظروه من أمثال بخيت… وعوض الكريم… وأبي ساق..

ولا حتى المنقلبون أنفسهم… فالمهم إنه انقلاب… يعقبه تقلُّب في نعيم السلطة..

ثم يعقبه تقلب آخر في جحيم الزوال… طال الزمن أم قصر..

فيتم (مسح) النظام… وآثاره… ورموزه… وخطبه… وهرائه؛ من ذاكرة الشعب..

المهم أن كلمة (مسح) تأبى أن تنمحي من ذاكرتي..

بمثلما عجزت ذاكرتي عن مسح ذكريات زمان (أمسح) الدراسية… الأليمة..

أيام (مسحنا) للزاوية؛ وظلها… وجيبها… وجيب تمامها..

فبعد كل ذلكم المسح – والإعادة – ثبت لنا أن الهندسة المستوية مُسحت من زمان..

مُسحت من مقررات الدراسة في الدول المُتطوِّرة..

واُستعيض عنها بهندسة نظريات أينشتاين الخاصة بعدم استواء المكان..

أي الهندسة المقعرة… والمحدبة… و(المكعبرة)..

وهذا هو الواقع الذي كان علينا دراسته… ولا وجود لخط مستقيم بين نقطتين..

وكان الواجب (مسح) هذا الخطأ… لا مسح أخطائنا..

المهم أنه ليس هنالك من مهم… ولا يمكن أن يكون هذا المهم مفردة (مسح)..

وتزامن ترجرجها داخل رأسي مع تذكُّري (المساح)..

وما قادني إلى تذكره إعلان (متشاعر) شاب تسعيرة أشعاره الجديدة..

ولا أدري إن كان السبب (ارتفاع) الدولار… أم (هبوط) ذائقتنا..

فالقصيدة الخام بمبلغ ثلاثين ألف جنيه… والمصقولة بخمسين ألفاً..

والفرق بينهما أن الثانية هذه جاهزة لحناً… وتشذيباً..

وما على الواحد – أو الواحدة – سوى أن يغنيها… فيصير نجماً ذا (عداد)..

حتى وإن كان صوته من طبقة أصوات الحمير..

فصخب اللحن يمسح كل ما قد ينتقص من نجومية الأمير… أو الملك… أو القيصر..

وتذكّرت – بمناسبة المسح – شاعرنا (الأمي) الفذ… علي المساح..

فهو كان (يمسح) حواري مدني بحثاً عن جمال يحرك مكامن موهبته الفطرية..

ومن بين أزقة هذه الحواري يتحفنا بـ(خلاصة الحواري)..

أو كما جاء في إحدى درره التي يستهلها بمقطع (يا غصن الرياض المايد)..

ثم يجئ الآن زمان شعري… وغنائي… نتمنى أنْ لو (يُمسح)..

وكذلك كل ما هو من زمان ظل الزاوية… وجيبها… وجتاها؛ مما تجاوزه الزمان..

فأمواج الزمن كأمواج النهر؛ تتغير دوماً… وأبداً..

والحالمون وحدهم من يتمنون ثبات الزمان… أو بقاء بعض ماضيه دون مسح..

و(قول للزمان… أرجع يا زمان)..

و….. المهــم !!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى