الخروج من القائمة.. مكاسب اقتصادية

 

الخرطوم ــ جمعة عبد الله

يُشكل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مدخلًا مهماً للعلاقات الدولية المتوازنة ووضوح الرؤية السياسية مما يؤدي لنتائج إيجابية على الاقتصاد بإزالة الصعوبات أمام حركة التعاملات المالية مع الصناديق ومؤسسات التمويل الدولية، كما سيؤدي للتخلص من القيود التي تواجهها البلاد أمام قدرتها على جذب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، علاوة على تخوف مؤسسات التمويل من التعرض للعقوبات حال تعاملها مع دول مدرجة في قوائم الإرهاب.

مكاسب متوقعة

ورحبت وزيرة المالية هبة محمد علي أمس، بالقرار الأمريكي بإزالة السودان من القائمة، وقالت إن الخطوة من شأنها دفع عملية الاستثمار، وتوقعت أن تشهد الساحة الكثير من طلبات المستثمرين الأجانب، ونوهت إلى أن الجهات الحكومية المختصة جاهزة للرقابة على الاستثمار وحماية المستثمرين.

وتسود توقعات بأن تحقق عدة قطاعات اقتصادية مكاسب كبيرة عقب القرار، وتشمل قطاعات النقل الجوي والبحري والقطاع الصناعي والزراعي والتعدين، كما يترقب قطاع الاتصالات تطوراً، إلا أن مختصين يقولون إن التعافي وتحقيق الاستفادة الكاملة يلزمه بعض الوقت ولن يتحقق بين يوم وليلة، والأمر يعتمد على مدى الاستعداد الداخلي، من ناحية السياسات وتهيئة البيئة الاستثمارية وإحلال السلام الكامل.

المركزي يرحب

ورحب بنك السودان المركزي بالقرار، وذكر في بيان له، أن وضع السودان في قائمة الإرهاب والذي استمر لأكثر من (27) عاماّ كان أحد أهم أسباب عدم تحقيق الاستقرار الاقتصادي وعدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأعاق استفادة السودان من المبادرات الدولية الخاصة بإعفاء الديون الخارجية، مما نتج عنه العديد من الضغوط والاختلالات في أساسيات الاقتصاد الكلي والتي انعكست سلباً على الرفاه الاجتماعي في حياة المواطن السوداني.

وأوضح أن القرار سينعكس إيجابياً على الاقتصاد السوداني ويساعد في سرعة إعادة اندماجه في النظام الاقتصادي الإقليمي والدولي من خلال المساعدة على التوسع في حركة التبادل التجاري مع العالم، وانسياب التحاويل عبر المصارف مما يسهل عمليات استرداد عوائد الصادرات وانسياب تحويلات ومدخرات السودانيين العاملين بالخارج ودخول الاستثمارات الأجنبية بأشكالها المختلفة ويساعد على معالجة ديون السودان الخارجية وتدفق التمويل الميسر والمنح للسودان.

واكد المركزي أن مرحلة ما بعد رفع اسم السودان من القائمة تتطلب تضافر كافة الجهود لتهيئة وتقوية المصارف السودانية بما يشجع البنوك الخارجية للتعامل معها، وأن تقوم المصارف بالعمل على استعادة وتوسيع علاقة المراسلة مع المصارف الخارجية مع إبراز صورة إيجابية للسودان من خلال تحسين درجة تصنيفه في مجال مكافحة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الترويج له كدولة ملتزمة ومتعاونة لدى الجهات الرقابية الدولية والتواصل مع الجهات التي تصدر التقارير الدولية لتحديث المعلومات الخاصة بالسودان في تلك التقارير.

وحث المركزي كافة المصارف للالتزام والتقيد بالمعايير الرقابية والإشرافية الدولية في مجال الحوكمة والضبط المؤسسي وتهيئة قدراتها للانفتاح العالمي.

مكاسب الجنيه

وتهاوت أسعار الصرف بالسوق الموازي فور الإعلان عن شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب، واسترد الجنيه السوداني بعضًا من قوته التي فقدها، حيث هبط سعر الدولار بالسوق الموازي إلى (240) جنيهاً “قابلة للمزيد من الانخفاض” مقارنة بـ(267) جنيهاً صباح أمس.

وتوقع متعاملون في سوق العملات الأجنبية مزيداً من الانخفاض، وقالوا إن الانخفاض حدث بمجرد تداول الخبر، مع توقف عمليات البيع والشراء، ووصفوا تعاملات أمس باليوم الأسود.

تخوفات

ورغم التفاؤل بحدوث اختراق في الوضع الاقتصادي، إلا أن مواطنين أبدوا تخوفهم من تحديات تجعل استفادة البلاد من القرار الذي طال انتظاره محدودة، لا سيما في ظل أزمات اقتصادية خانقة تواجهها البلاد.

ودفع مواطنون بتطلعاتهم بأن يعوض المردود خسارة البلاد خلال (30) عاماً، علاوة على ما دفعه السودان كتسوية لشطبه من القائمة (335 مليون دولار) لضحايا الإرهاب الأمريكيين وعائلاتهم.

تحديات

وأقرت الأمين العام المكلفة السابقة للجهاز القومي للاستثمار حنان مسند، بتحديات تجابه الاستفادة من قرار الإزالة من قائمة الإرهاب، لاسيما في القطاع الاستثماري.

وأكدت لـ(الصيحة)، عدم التفات الحكومة الانتقالية إلى تهيئة البيئة المؤاتية للاستثمار في مجال القوانين والتشريعات، وكشفت عن عدم إجازة مشروع قانون الاستثمار للعام 2020م.

وأوضحت أن الوثيقة الدستورية لم تحدد مستويات الحكم بصورة واضحة، بمعنى هل ستظل البلاد مؤلفة من ولايات أم ستكون أقاليم، لتحديد العلاقة بين الاستثمار في المركز والولايات.

كذلك، هناك إشكاليات في البنى التحتية مثل الكهرباء والطرق وتوفير الوقود والنقل بكل أنواعه، يضاف له موقع السودان المتأخر في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر سنوياً عن البنك الدولي.

صعوبات مصرفية

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي د. محمد الناير، أن القطاع المصرفي السوداني لم يستعد بعد بالصورة المطلوبة لاستقبال قرار إزالة السودان من قائمة الإرهاب.

وقال الناير لـ(الصيحة): “كنا نتوقع أن تفرغ الحكومة من إعادة هيكلة القطاع المصرفي، قبل صدور القرار، خاصة فيما يختص برفع رأسمال المصارف السودانية، لأن معظم المصارف رأسمالها أقل من مليون دولار، ما يجعل سقوفاتها الإئتمانية ضعيفة”.

وقلل الناير من استعداد الحكومة الانتقالية لقرار الإزالة كما يجب في قضية الديون الخارجية التي تتطلب تصنيفها وفقاً للجهات الدائنة والاستعداد للمطالبة بالإعفاء وفقاً لمبادرة (هيبك).

وشدد على أهمية أن تعمل الحكومة الانتقالية للحصول على تمويلات ميسرة من الصناديق الدولية دون اشتراطات مسبقة، كما كان يحدث في السابق.

رهان على المستقبل

بدوره، يرى المحلل الاقتصادي د. طه حسين، صعوبة القراءة والتنبؤ بما ستؤول إليه الأمور قبل تحقق الاستقرار السياسي، وأشار إلى أن وجود حكومة مستقرة ومتفق عليها سياسياً ضرورة لازمة للتحسن الاقتصادي.

وقال حسين لـ(الصيحة): “مع أهمية القرار، إلا أن ثمة ضرورات وواجبات ينبغي على الحكومة عدم إغفالها”، وأشار إلى أن أبرز المطلوبات الاقتصادية عقب إزالة السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية، تحرير حركة التحويلات المصرفية والسعي في البحث عن سوق للمنتجات السودانية، لأن منتجاتنا كانت مُحاربة وتصدر كمواد خام قبل إعادة تصديرها بأسماء دول أخرى، فأدى ذلك لقلة وجود المنتجات السودانية في السوق العالمي، مع ضرورة السعي لإزالة الدين الخارجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى