النيل الأبيض تذرف الدُّموع لرحيل الإمام .. الجزيرة أبا وربك.. حُزنٌ بلون مُختلف الإمام.. الرحيل المُر

 

ربك- أحمد جبريل

ما أن تسامع الناس في النيل الأبيض خبر رحيل إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي حتى غشيهم الحُزن العميق وألجمتهم المفاجأة، قيادات وأعضاء الحزب وأحباب الإمام يشرعون أبواب دار الأمة بربك يتقدّمهم قياداتهم التاريخية، صالح عبودي ورفاقه وشباب الحزب عبد الكريم جقدول وعبد الله محمود الصبحي وبلال ضو البيت وغيرهم، يتدافع المئات إلى الدار للبحث عَن تَكذيب للخبر ربّما، لكن الموت حَقٌ، حيث ترفع الأيدي بالفاتحة ويضج الدار بالحُزن والنشيج.

منزل الأنصاري الكبير محمد هارون بربك كان قبلةً لأنصار النيل الأبيض، الذين تدافعوا لتعزيته في رحيل الإمام، حيث ظلّت داره المنزل الوحيد لإمام الأنصار في زياراته إلى مدينة ربك.. حاج محمد، جمعته صداقة طويلة وانتماء بالإمام الصادق، بينما تجاسر عبد الله رشو متجشماً الصعاب إلى أم درمان لإلقاء نظرة الوداع على صديقه وإمامه، البعض في سرادق العزاء كان يبحث عن الأنصاري الصميم الشهير حامد إدريس (إنترنت) الذي يحب الإمام، ومن نوادره أنّ الإمام فى زيارة له إلى مدينة نيالا أشفق على (إنترنت) من مشقة الرحلة، دعاه بلطف إلى عدم السفر مع فتح الباب لمرافقته في الرحلات القصيرة، لكن المَحَبّة للإمام سرت بحامد إدريس ليلاً من الخرطوم إلى ربك ليصبح فيها ثم يمتطي عربة سخّرها له الله إلى نيالا، يحكي (إنترنت) أنه كان في الصفوف الأمامية لاستقبال الإمام بمطار نيالا، الأمر الذي دفع الإمام الراحل للابتسام ومُداعبة الرجل بسبب إصراره على مرافقة قائده المحبوب.

في أحياء ربك والجزيرة أبا وكوستي، فتح بعض الأنصار منازلهم لتلقي العزاء، بينما سافر العشرات فور سماعهم النبأ إلى الخرطوم لحضور الدفن.

في الجزيرة أبا، أقيم عزاء في مباني هيئة شؤون الأنصار، حضر أهل أبا يكسوهم الحُزن العميق، لم يتأخر أحد طلاب المدارس والعُمّال، يُردِّدون الهتاف والشعار الأنصاري: (الله أكبر ولله الحمد).

حرص حزب الأمة قدر الإمكان على استبقاء عُضويته في قُراهم ومُدنهم، اتباعاً للتدابير الاحترازية لوباء “كورونا”، لكن البعض خَالَفَ ذلك بالسفر المباشر إلى أم درمان.

العَم يوسف حسين الأنصاري، الذي لم يَتأخّر يوماً عن نداء للإمام أو الحزب، أخفى عنه أبناؤه خبر الرحيل ليُبلِّغوه صباحاً، احتمل الرجل المُفاجأة الصاعقة، وفور سَماعه حَزم حَقيبته للسفر، لَكن تَجمُّع القيادات بدار الحزب أفلح في إقناعه بالبقاء.
بَينما كابد الأنصاري محمد بخيت أبو النذير، حُـــــــــزنه وهو يتوجّه إلى مَوقف البَصات فجر الخميس ليلقي نظرة الوَداع على إمام الأنصار، فما يربطهم به ليس انتماءً سياسياً بقدر ما هو حُب أكبر من عبارات الوصف، وفي صلاة الجمعة تحدّثت المنابر عن الصادق المهدي الزعيم الديني وأُقيمت له صلاة الغائب في عدة مساجد، على رأسها مسجد الأمة بربك الذي كان يعتلي منبره نصر الدين مفرح إماماً وخطيباً قبل الوزارة.

إسماعيل فتح الرحمن وراق والي النيل الأبيض، نعى الإمام، مُعدِّداً مآثره ووسطيته واعتداله، وسارعت أحزاب سياسية بالنيل الأبيض وحركات دارفور، على رأسها حركة العدل والمساواة التي نشر مسؤولها في النيل الأبيض، سيف مساعد عوج الدرب، تعزية من مقر إقامته بألمانيا، وأصدر رئيس حركة مناوي بالنيل الأبيض، العمدة شرف الدين عكرة، احتساباً لإمام الأنصار، مُتحدِّثاً عن دوره في الحياة السياسية، بينما تبارى ناشطون لنعي الصادق المهدي، ووصف فقده بالخسارة للوطن وللعملية الانتقالية برمتها.

ناشطون وقيادات بحزب الأمة من النيل الأبيض، استبقوا خطوات ترتيب مراكز قيادات الحزب، تحديداً الرئاسة التي شغرت برحيل الإمام، حيث كتب عبد الكريم أحمد يوسف (جقدول) على موقع التواصل فيسبوك: (أجدد العهد والالتزام بالولاء المُبصر لمُؤسّسات حزب الأمة القومي وهيئة شؤون الأنصار القائمة والالتزام بكل توجيهاتها حتى انعقاد المؤتمرات العامة وانتخاب القيادة الجديدة) تلاه شباب الحزب على ذات النسق.

برحيل الإمام الصادق المهدي، فقدت ولاية النيل الأبيض قائدها وزائرها الأكبر الذي تفتح له الأبواب وتعلى له الرايات وتُنحر له النُّوق.

ويحتشد لاستقباله الآلاف من ود جار النبي على تخوم جبل أولياء إلى جودة الفخار في أقصى حدود النيل الأبيض الجنوبية مع دولة الجنوب، فالصادق المهدي من خلال الشارع العام في بحر أبيض حالة حُب أكثر مما هو مفكر وزعيم سياسي وديني، وقد صدق حين يُردِّد (الما عندو مَحَبّة ما عندو الحَبّة).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى