كسلا.. مآلات الصراع وآفاق الحلول

تقرير: صلاح مختار

عندما زار وزير ديوان الحكم الاتحادي د. يوسف الضي ولاية كسلا ومعه وفد اتحادي في وقت سابق، لم يكن المشهد يذهب في اتجاه ينبئ بأن تكون هناك فتنة أو صراع بين مكونات قبلية في الولاية، وهي التي يشهد لها بالنسيج الاجتماعي القوي بين كافة مكوناته الإثنية. وفي مساء تلك الليلة جمعتنا في زيارة إلى عدد من أحيائها بعض من مواطنيها اللافت في المشهد أنهم جميعاً لا تجمعهم سوى كسلا المدينة والولاية يتسابقون في إكرام الضيف وتعريفه بالنسيج القوي الذي انصهر في بوتقة لتخرج نموذجًا يحتذى به في كل ولايات السودان.

شبّه أحد قيادات التحالف الثوري لشرق السودان علاج تلك الأزمة بطريقة الطبيب عندما يريد أن يداوي جرحاً أن يقوم باستئصاله. ولكن ما فهمته أن العملية لا تمس المكونات الاجتماعية بالولاية بقدر المعالجة وإعادة الثقة وترميم ما أحدثته تلك الفتنة من شرخ ليس بالسهولة أو السرعة أن يلتئم معه الجرح.

ألقى القيادي بالتحالف صالح أحمد في المؤتمر الصحفي باللائمة على مؤسسة الدولة  في أحداث كسلا، وقال هي طرف أساسي، وأضاف أن غياب الدولة تسبب في الأزمة ورأى بأنها أي الحكومة تدير الصراع بشكل أو بآخر . وانتقد بشدة قرار إقالة الوالي صالح عمار الذي تسبب في الأحداث التي وصفت بالقبلية.. وأكد أن الدولة تتعامل مع الشرق كمناطق طرفية وبعيدة بالتالي تتقاصر فيها يد الدولة وهيبتها، وعاب في ذات الوقت على الثورة قال لبسها أناس هم أبعد منها، مؤكدًا أن التغيير جاء به الشعب.

وصف صالح ما يشعر به المجتمع بالولاية بسبب عدم معالجة الاحداث بأنه تخذيل واستهتار بمطالب الناس داعياً للنظر إلى تلك القضايا بمنظار المسؤولية ورأى أن غياب الدولة أدى للنظر إلى الصراع بأنه قبلي، مشيرا إلى تورط جهات مختلفة في الأحداث. وأبدى رفضه القاطع لإقصاء أي مكون من مكونات الشرق، ولفت إلى أن هدف التحالف تجاوز تلك النظرة الضيقة، ونوه إلى أن التحالف يجمع كل مكونات شرق السودان، وقال: أهل الشرق ليسوا بدرجة من الغباء حتى يأتوا بحديث فيه استخفاف ووصف الوضع الآن بالمزري لم يحدث من قبل حتى أيام النظام البائد، معتبرًا ذلك انتكاسة وأن الثورة تحتاج لإنقاذ، ولابد أن نحرص  على ان لا تنهار، وشدد على ضرورة الوضوح والصراحة في طرح قضايا الدولة.

ويقول القيادي بالتحالف عبد الرحيم كرميداي: إذا استمر الوضع كما هو عليه سيؤدي إلى وضع أسوأ ولا يقود لاستقرار شرق السودان، وبالتالي لابد من طرح تلك القضايا والمطالب للرأي العام وتمليكها لهم والعمل لتحقيقها حتى وإن أدى ذلك لإسقاط الحكومة ولو للمرة العاشرة، وقال: سنقدم مذكرة للمجلس السيادي في مطالبنا لتنفيذها واعتبر عدم خروج حمدوك ببيان بشأن شهداء الولاية مسألة مرفوضة ومدانة، وقال: نحن قادرون على إسقاط الحكومة ونفى أن يكون وراء المذكرة إعادة صالح عمار، مشيراً إلى وجود مبادرات كثيرة لمعالجة الأزمة. وتحفظ على قيام المؤتمر التشاوري لشرق السودان قبل أن يتم التمهيد له بمبادرات، والعمل على تنفيذ المطالب لإعادة الثقة، وأكد أنهم ليسوا ضد المؤتمر أو المسار باعتبار أنه واقع يجب التعامل معه ليس بالرفض المطلق أو القبول المطلق.

طرحت المذكرة عدة مطالبات أمام المجلس السيادي، منها التأمين على تصحيح الثورة وحمايتها ومناهضة كافة أشكال خطاب الكراهية ودعاوى العنصرية مع إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير بالمركز والولاية كسلا، وطالبت المذكرة الحكومة بحماية الحقوق الدستورية وكفالة حرية التعبير وتحييد الإدارات الأهلية من ممارسة العمل السياسي، وتقديم المتورطين في مجازر 15 أكتوبر وكل شهداء الثورة للمحاكمة ودعت المذكرة إلى إلغاء حالة الطوارئ وجميع التشريعات المقيدة للحريات وتعويض المتضررين. ونفذ التحالف في مدينة كسلا سلسلة بشرية صامتة رفعت شعارات تطالب بمحاسبة حمدوك وإقالة ما سموه كوشيب الشرق وقائد التطهير والقصاص للقتلى كذلك رفعت شعارات بإقالة مدير شرطة الولاية كذلك الأمين العام للولاية وكذلك إقالة ممثل شرق السودان بالمجلس السيادي والهدف من السلسلة البشرية التعبير السلمي عن قضايا ومطالب أهل الشرق.

وضع التحالف الثوري لشرق السودان لنفسه منصة إعلامية لطرح قضايا المنطقة للرأي العام.

وقال القيادي صالح أحمد، أمام حشد من مواطني كسلا: مشكلتنا مع النظام القائم في المطالب التي ظللنا ندفع بها ولرفع الظلم الجاثم منذ الاستقلال، وقال: نريد من الحكومة أن تعدل بين الناس، وأشار إلى أحداث بورتسودان، ونوه إلى وجود استهداف لزيادة الغبن ومحاولة لتفتيت شرق السودان، مبيناً أن التحالف يدعو إلى التعايش السلمي، وقال: لن نسمح بذلك ودعا إلى محاسبة رئيس الوزراء بإقالته الوالي  السابق صالح عمار وحمله مسؤولية إراقة الدماء بالولاية، كذلك إقالة مدير عام الشرطة، كما طالب هيكلة قوى الحرية والتغيير بالمركز والولايات، ووقف خطاب الكراهية.

من جانبه قال القيادي بالتحالف أحمد بامنت أنهم سيكونون حراساً للبوابة الشرقية ولن يؤتى السودان منها، مشيراً للسلسلة البشيرية التي نفذت بكسلا ولفت في الوقت نفسه إلى استمرار خطاب الكراهية، مطالبًا بالكشف عن من يقف وراءه، وأرسل رسالة بأن مجتمع الشرق واع ومتماسك ضد أي دعاوى قبلية ودعا الدولة أن تقف على مسافة بين كل مكونات الولاية، مشيرًا إلى المضايقات التي تتم بالولاية وتحاول إعاقة عملهم وأكد أن الحديث عن أذيال النظام السابق فزاعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى