القطاع الخاص.. أدوار مفقودة!!

 

*عباس علي السيد: قدمنا مبادرة  للحكومة لحل الضائقة الحالية

*مستورد: ما تمارسه الحاضنة السياسية على الحكومة ابتزاز

*مستثمر: الأزمة سببها الحكومة

 * رجل أعمال: تنقصنا المؤسسية والسياسات الثابتة والشفافة

**خبير اقتصادي: القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في قيادة عملية التنمية

حمّل عدد من رجال الأعمال في القطاع الخاص الحكومة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مشددين على أهمية الشفافية والوضوح ودراسة رؤية القطاع الخاص المقدمة لهم وإنزالها على أرض الواقع كبرنامج عمل تنفيذي للخروج من المأزق الاقتصادي، مشددين على ضرورة التوسع الضريبي الأفقي وليس الرأسي ما عدا بعض القطاعات التي لا تؤثر على الشرائح الضعيفة.

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس

رؤية متكاملة

وفي ذات السياق، أشار المستورد حافظ نوري إلى معاناة القطاع الخاص من العديد من الإشكاليات، وقال في حديثه لـ(الصيحة)، إن القطاع الخاص قدم رؤية متكاملة للحكومة لحل الأزمة الاقتصادية، مبيناً أن رؤيته الشخصية تتمثل في تحرير سعر الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات والخبز والأدوية والكهرباء على أن يتم ذلك بشروط محددة وتحديد الحد الأدنى مدعوم،  مراعاة للأسر الضعيفة، وقال إن يحرر سعر الدواء بشرط أن يغطى التأمين الصحي بالبطاقات العلاجية لكل الأسر تفادياً لتهريب الأدوية لدول الجوار، ومنع اللاجئين والأجانب من التمتع بهذه الخدمات،   بالإضافة إلى تحرير الوقود، مضيفاً أن تحديد سعرين للوقود لا يستفيد منه المواطن، لذلك لابد من سعر واحد والتفكير في طريقة أخرى لدعم المواصلات، منادياً بأهمية تحرير العملة تحريراً كاملاً وتشجيع مدخرات المغتربين وفتح الصرافات وتشجيع الودائع وبث الطمأنينة في نفوس التجار والمواطنين.

 *ضوابط صارمة

وشدد نوري على أهمية إصلاح الدمار والتردي المريع الموجود في البنوك وتغيير سياسات بنك السودان غير المواكبة للتطورات وصياغة سياسات جديدة بعد دراسات متأنية لتكون مواكبة، وتشجيع المستثمر الأجنبي والوطني ورجال الأعمال للعمل في بيئة مناسبة ذات سياسات مالية وبنكية معروفة وثابتة، فضلًا عن وقف المرابحات التجارية فوراً،  ووضع ضوابط صارمة للمرابحات في القطاع الزراعي والصناعي والحرفي، وإحكام الرقابة على حركة الإيداعات والسحوبات البنكية، والعمل الجاد في مشاريع التنمية  قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، ويتطلب ذلك عملاً دوؤباً وتنسيقاً تاماً بين وزراء القطاع الاقتصادي وزير المالية والصناعة والتجارة والزراعة والثروة الحيوانية والبنية التحتية، بالإضافة لبنك السودان للقيام بنهضة زراعية وصناعية تشجع على الاستثمار للمستثمر المحلي قبل الأجنبي، نهضة كاملة شاملة في الزراعة بكل أنواعها والثروة الحيوانية والصناعة، وتشجيع الصناعات التي تعتمد على المنتجات المحلية أولاً سواء كانت زراعية أو ثروة حيوانية.

*التوسع الضريبي

ونادى حافظ بضرورة التوسع الضريبي الأفقي وليس الرأسي ما عدا بعض القطاعات التي لا تؤثر على الشرائح الضعيفة مثل الاتصالات مع إعادة هيكلة ديوان الضرائب. وتعديل تدريجي للدولار الجمركي مع تعديل القيمة الجمركية لبعض السلع سواء بالإعفاء لجزء منها وتخفيض البعض وزيادة جمارك كل ما هو غير ضروري أو ما يمكن تصنيعه  أو توجد له بدائل محلية، وضبط الاستيراد بوقف استيراد السلع الكمالية، وكذلك غير الضرورية بوضع جدول زمني تدريجي لإعادة فك حظر استيرادها، فضلاً عن ضبط الإنفاق الحكومي للحد الأدنى وإنهاء الترهل الإداري.

ولو تم تطبيق ما ذكر أعلاه ستجد أمامك رجال الأعمال الوطنيين والمغتربين ومن بعدهم المستثمرون الأجانب لأن السودان يمتاز بمزايا لا تتوفر للمستثمر في كثير من دول العالم، فقط تنقصنا المؤسسية والقانون والسياسات الثابتة الواضحة الشفافة.

*مبادرة لحل الأزمة

وقال الأمين العام للغرف الصناعية السابق د. عباس علي السيد لـ (الصيحة): سلمنا رؤيتنا كاتحاد أصحاب عمل محلول إلى جميع أجهزة الدولة ووزاراتها، جددنا فيها الدعوة لمبادرة رجل الأعمال صالح عبد الرحمن يعقوب، لكن للأسف الشديد الحكومة الحالية لم تناقشنا فيها، ولم تتم دراستها وهي مبادرة كبيرة وفرصة للحكومة لحل الضائقة الاقتصادية الحالية .

*وقف الممارسات السالبة

ومن جهته، أكد عضو شعبة مستوردي الدواء د. طارق محيي الدين صابر على دور القطاع الخاص في حل الأزمة الحالية خاصة الدواء، ولفت في حديثه لـ(الصيحة) إلى أهمية وقف كل الممارسات السالبة التي تقف أمام تطور الأمن الدوائي في البلاد. وقال:  يجب أن نعرف الأزمات الحالية ونأخذ موضوع الدواء كنموذج، ونسأل هل هي أزمة موارد أم أخلاق أم هي اتجار واسترزاق بالأزمات والشح، أم سوء إدارة للموارد المتاحة، وبعد ذلك يمكننا وضع التعريف المناسب والخروج بحل ذي قيمة، وزاد قائلاً: الأزمة الحالية خاصة في مجال الأدوية  سببها الحكومة بإلغاء الغرف التجارية واستبدالها بلجان تسيير للأسف بواسطة نفس لجان الغرف القديمة بدون شفافية أو انتخاب والتي نتج عنها فقدان منابر التواصل بين رجال الأعمال ومتخذي القرار، فضلاً عن حل مكان رجال الأعمال وذوي الخبرة موظفين واجهة لنفس القوى القديمة التي يفترض إزاحتها ــ بالتالي لا يريدون للأزمة أن تحل، ويريدون إفشال حكومة الثورة سواء بالمزايدة أو الرفض لكل الحلول المتاحة، وقال إن الحل ليس مستحيلاً ولا صعباً وخلال عملنا في استيراد الدواء تمكنا من تجاوز مثل هذه الأزمة في العام ٢٠١١م.

وأوضح صابر أن معالجة الأزمة يجب معرفة أسبابها وحل لجان تسيير ليس من مصلحتها ولا من مصلحة من أتوا بهم حل الأزمة أو نجاح حكومة الثورة.  وإيقاف عصابات التهريب إلى دول الجوار التي باتت معتمدة تمامًا على السودان في مجال الدواء والوقود والقمح، بالإضافة إلى مافيا السوق السوداء التي تنتعش في ظل الشح والأزمات والموظفين الفاسدين الذين أثروا من توزيع الحصص للموارد المحدودة.

وعاب على الدولة تخليها عن القطاع العام المتمثل في الإمدادات الطبية ومؤسسات التأمين الصحي الولائي والقومي (علماً بأن توجيه إمكانيات الدولة المحدودة إلى هذه المؤسسات العامة كفيل بحل سبعين بالمئة من الأزمة الحالية) وترك القطاع الخاص لاستيراد باقي الحاجة من الدواء لمن يستطيع وأرواح المرضى لا تقدر بمال وأن أغلى دواء هو الدواء المعدوم. للأسف لن تحل هذه الأزمة طالما متخذ القرار لا يسمع إلا للجان التسيير الحالية وعدم السماح بقيام غرف تجارية نظيفة ووطنية بانتخابات حرة ونزيهة لتقوم بدورها في نهضة البلاد .

* ضعف الإدارة

وقال أحد المستوردين ــ فضل حجب اسمه لـ (الصيحة) ــ نسمع كل يوم وكل ساعة دولاً تمارس الابتزاز تجاه دول أخرى ضعيفة مادياً أو عسكريًا وهذا وضع طبيعي لمبدأ القوة المجردة من الأخلاق ويرجع لطبيعة الحياة البشرية من عقيدة البقاء للأقوى متى ما سادت لغة البلطجة الدولية المرتبطة بمصالح التعايش وفرض الهيمنة الإقليمية والدولية…

لكن الغريب أن يكون هنالك ابتزاز وبلطجة من المواطن تجاه الوطن وهذا وضع غير طبيعي وغير خاضع لأي حسابات سواء بالمنطق أو خلافه واعتقد هذا نتاج ضعف الإدارة والإرادة والمعرفة والقوة والهيبة للدولة نفسها.

وأضاف: الآن نمر بمنعطف خطير جداً وهو ضعف حكومي غير مسبوق من كل النواحي إداري مؤسسي معرفي إرادي… نتج من ذلك ممارسة أبشع أنواع الابتزاز من الحاضنة السياسية تجاه الوطن، وللاسف ابتزاز ليس هدفه مصلحة المواطن بقدر ما هو مصلحة سياسة من أحزاب ضعيفة لا تستطيع تقديم بضاعة جيدة وتصبر على المنافسة بالغضافة للنظرة الضيقة ممن يدعون أنهم خبراء الاقتصاد وتقديم مصالحهم الشخصية على مستقبل بلد اقتصادي وتحميل تلك الحسابات ذات النظرة الضيقة للأجيال القادمة بتركة مثقلة من الديون أو بتفتيت الدولة برمتها….

* ابتزاز معكوس

لافتاً إلى ماتمارسة الحاضنة السياسية للحكومة من ضغط عليها بعدم رفع الدعم هو ابتزاز معكوس وغريب لم يحدث في أي دولة من دول العالم.  وقال: دعونا نتكلم بلغة العقل والأرقام دولة ليست لديها موارد ومحاصرة دولياً من أين لها أن تدعم المواطن، ومن أي بند تستطيع تغطية ذلك الدعم والدول ذات الإمكانيات الكبيرة لا تدعم مواطنيها ناهيك عن دولة منهكة ومثقلة بديون كبيرة.

خلاصة القول، لابد من حكومة قوية وذات معرفة ودراية وخبرة تستطيع اتخاذ القرارات السليمة الواقعية بدون أي ابتزاز من أي جهة كانت… حكومة شفافية ودولة قانون ومؤسسات حكومة لا تخضع لأي انتماءات فكرية أو  ترضيات سياسية وأهواء شخصية.

إن لم نتدارك الأمر اليوم قبل الغد، سنفقد الوطن قريباً وعندها لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب.

*إزالة المعوقات الإجرائية

وفي سياق متصل شدد الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي على أهمية دعم القطاع الخاص بشكل كبير لكي نتمكن من تجاوز هذه الأزمة الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد السوداني وإزالة المعوقات الإجرائية والإدارية والمالية وتحفيز القطاع الخاص، ومكون آخر يتعلق بتحفيز الاستثمارات

ودعم الصادرات وعولمة المنشآت المحلية الخاصة وكذلك تنوع الاقتصاد ورفع المحتوى المحلي، والاقتصاد المعرفي والابتكار والإنتاجية، والتوسع في الخصخصة.

لافتاً إلى ضرورة إجراء التعديلات اللازمة في البيئة التشريعية المتعلقة بالعمل التجاري ومنع الاحتكار ولتشجيع المنافسة في السوق.

إقامة وإتاحة الفرصة له لإقامة المؤسسات المصرفية المتطورة والمدن الصناعية مع إقامة أو تشجيع إقامة صناديق استثمارية لمساعدته في عمليات إعادة الهيكلة ودخوله مجالات استثمارية جديدة متطورة حتى يتمكن من زيادة معدل النمو الاقتصادي والتقليل من حجم الأزمة الاقتصادية الخالية فالقطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في قيادة عملية التنمية وتحقيق أهداف المجتمع من خلال توظيف كامل للموارد وكفاءة في استغلالها وتوجيهها، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتحسين مستوى المعيشة، واستقرار الأسعار وغيرها موكداً أن قيام شراكة حقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص تقوم على تفاهم حول دور كل قطاع وحول طبيعة العلاقة بينهما، وتقوم على أسس واضحة ترتكز على التكاملية بدلاً من المنافسة، وعلى المشاركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى