المجلس التشريعي.. الصراع على التكوين !

 

تقرير/ نجدة بشارة

تواصلت حدة التوترات بشأن تكوين المجلس التشريعي بين الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية من جهة، ومكونات سياسية وثورية من جهة أخرى، وتفجرت الخلافات مؤخراً بسبب استحقاق التمثيل داخل التشريعي ونسب المشاركة حتى خرج الصراع  للعلن وأصبح على المكشوف! ربما كانت اتفاقية السلام الموقعة في جوبا بين الحكومة والجبهة الثورية بمثابة مخالصة نهائية، أي أنها (جبّت ما قبلها) على أساس تعديل الوثيقة الدستورية التي سبق وحددت أن يراعى في تكوين المجلس التشريعي مكونات المجتمع السوداني بما فيها القوى السياسية والمدنية، المهنية، الصوفية، الإدارات الأهلية والحركات المسلحة الموقعة دون تحديد نسب معينة، لكن الاتفاقية ادخلت للملعب لاعبين جدد أصبحوا يتقاسمون بينهم وقوى الحرية والتغيير معظم مقاعد المجلس التشريعي.. عقب فتح الوثيقة.. إلا أن  للثورة  أيضاً حساباتها  واستحقاقها مثلما للدستور أعرافه وقوانينه، وقضت  بأن للثوار أن يكون لهم تمثيلهم داخل التشريعي.. وذلك حسب رأي خبراء ومراقبين يُعد حقاً مكفولاً لهم بميزان الثورة.. ومع ذلك  وحسب ما هو معلن من قبل قوى التغيير فقد أعطى للجان المقاومة (14) مقعداً فقط ، وواحد من الولايات من جملة 300 مقعد، وهو الشيء الذي رفضته المقاومة برمته وخرجت مغاضبة ولوّحت بالتصعيد والعودة مجدداً للشارع ..

تراجع في المواقف

 

ومع احتدام الصراع، والإعلان عن قرب اكتمال المشاورات وتكوين التشريعي .. أظهرت  قوى التغيير مؤخراً هبوطاً ناعماً وأعادت فتح الباب للقوى المتصارعة أمام إمكانية زيادة مقاعد المجلس التشريعي المنتظر، وترك الباب موارباً أمام النسب المتوقع زيادتها، واعتبر  عضو المجلس المركزي للتغيير د. عبد الرحيم عبد الله ما يرشح من أسماء ومجموعات للتمثيل بالمجلس مجرد تكهنات استباقية، وقال في تصريح له ـ نُشر بالانتباهة ـ أن الوقت ما زال مبكرا لتقديم الترشيحات، في حين نبّه إلى وجود احتمالية من زيادة مقاعد المجلس التشريعي إذا دعت الضرورة لذلك.

ترضيات وموازنات

بالمقابل أشار عضو تنسيقية لجان المقاومة أيوب محمد عباس في حديثه لـ(الصيحة)، أن لجان المقاومة تطلب أن تمثل بنسبة 25% كحد أدنى لها داخل التشريعي المزمع تكوينه، حتى يتسنى للقواعد الشبابية التي جاءت بالثورة أن تكون رقيباً على  أداء الجهاز التنفيذي، وتصحح التشريعات للفترة الانتقالية، وتحقق العدالة وأخذ حق الشهداء؛ فيما لوّح  بالتصعيد والعودة مجدداً للشارع والمد الثوري، في حال تجاهلت قوى التغيير مطالب الثوار، ووصف قوى التغيير بأنها  اختطفت الثورة   حسب قوله، ويرى أن الأخيرة  أقصت وهمّشت لجان المقاومة والثوار ممن  قادوا الثورة، والآن ترفض مجددًا إشراكهم في المجلس التشريعي،  وأشار أيوب إلى أن الحرية والتغيير ألمحت إلى إعطاء عدد قليل من المقاعد للثوار مقارنة مع الأحزاب، وأردف:  هذه إشارة واضحة للترضيات السياسية ونحن لا نقبل بالترضيات والموازنات السياسية.

من أحق بالتمثيل؟

وبالسؤال عن من أحق بالتمثيل داخل المجلس التشريعي ولهم قصب السبق في تكوين المجلس التشريعي، يرى  رئيس مبادرة تكوين المجلس الثوري شيخ أحمد الطيب زين العابدين في حديثه لـ(الصيحة)، أن الأحق بتمثيل المواطن السوداني والمطالبة بحقوقة داخل المجلس التشريعي هم من (أهل الوجعة) وفسر بأنهم من الشباب الثوار من قادوا الثورة وأسقطوا النظام المباد، لذلك وجب إعطاؤهم  فرصة ليعبروا عن أنفسهم من خلال المجلس التشريعي، وقال: من هذا المنطلق جاءت فكرة  المبادرة التي  ضمت 41 جسماً ومكوناً من  أطياف المجتمع، وأردف: نحن ضد المحاصصات الحزبية والترضيات، ونسعى لإشراك الشباب خاصة وأن الحرية والتغيير مثلت الحكومة بنسبة 99% ولم تعط الثوار فرصة ليعبروا عن تطلعاتهم، وقال: الثوار ولجان المقاومة هم العمود الفقري الذي ينبغي أن يُبنى عليه تكوين المجلس التشريعي، وأردف: المبادرة أيضا تضم أسر الشهداء، الحرفيين (المهنيين)، منظمات المجتمع المدني، الإدارات الأهلية، ممثلين من الولايات، أضف إلى ذلك مفصولي الشرطة والجيش، ثم (أبناء الشمس)، وهم من المشردين، حيث سيسمح لأشخاص يمثلون قضيتهم داخل المجلس التشريعي لإعطائهم حقوقهم.. وقال: همنا الوطن وأن يجد الشباب فرصة للتعبير عن تطلعاتهم.

تنافس مشروع

ويرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة)، أن ما يحدث الآن حول تكوين المجلس التشريعي  ليس صراعا بالمعنى المطلق، بل هو تنافس مشروع  في إطار ديمقراطي وسلمية الثورة  لخدمة السودان، إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية وبداية التنافس الانتخابي القادم، وأرجع السباق المحموم حول التمثيل لغياب مثل هذه التمارين الديمقراطية والاختلافات في الرأي  للثلاثين سنة الماضية. وأردف: الآن الملعب موجود  والحكم موجود ومهيأ تماماً والشعب السوداني متفق على المبادئ الدستورية والسلمية، وبالتالي أتوقع أن يذهب هذا الخلاف للاتجاه السليم لأجل استمرار الثورة، وأن تجد أطراف التنافس أرضية مشتركة يتفقون حولها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى