قصة تنظيم إجرامي يسعى للعنف بالخرطوم

 

الخرطوم- علي البصير

بعد أن تنسمت البلاد عبق السلام الذي وُقِّع بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان في 3 أكتوبر الماضي، انخرط عدد كبير من حركات الكفاح المسلح في مسيرة البناء والتعمير، وتهيأ الناس لمرحلة جديدة تنعم فيها البلاد بالاستقرار، فسيطرت مفاهيم السلام والأمل على الجميع، خاصةً الشباب الذين حاصرتهم العطالة وأقعدهم الفقر والعوز، فيما بدأت الوسائط تعج بالرسائل والتحليلات حول مصير قوات حركات الكفاح المسلح وما سيتم بشأنها في مسارات مُتّفق عليها، دون تحديد آلية تلك المسارات.

هنا ظهرت بعض المجموعات الاستغلالية من ضعاف النفوس، لتُروِّج زُوراً وبُهتاناً وسط الشباب المُحبط بأنّ تحولاً كبيراً ينتظرهم حال انخراطهم في تلك القوات، ورتباً عظمى ستتلألأ على أكتافهم، وامتيازات لا يحلمون بها حال تسجيلهم ضمن كشوفات الحركات، ومن ثم رفع أسمائهم إلى القيادة العامة ليتم إدماجهم ضمن المنظومة الأمنية بأثر رجعي.

 

نشاط مشبوه

وانتشرت هذه المجموعات جهاراً نهاراً ووسط الأسواق الكبرى، جاكسون وسوق بحري وأم درمان وغيرها، كما انتشرت تلك المجموعات في الأحياء الكبيرة والراقية بالعاصمة الخرطوم، وكانت الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الاستخبارات العسكرية والشرطة تُراقب ذلك النشاط المشبوه عن كَثبٍ، وهو نشاطٌ لو قُدِّر له الاستمرار لربما أدى إلى ما لا يحمد عقباه، وقد بدأت جرائم الاحتيال وغيرها من الجرائم التي ترتكبها هذه المجموعات في إثارة قلق الشارع، وتوسيع دائرة الجريمة التي تستغل عفوية المُواطنين وثقتهم في الأجهزة الرسمية خَاصّةً القوات النظامية والأمنية.

ورصدت فرعية عمليات كرري الفيدرالية التابعة للمباحث بشرطة ولاية الخرطوم، نشاطاً إجرامياً وجرائم انتحال صفة الموظف العام لمجموعات تعمل باسم حركات موقّعة على اتفاقيات السلام، وتم توقيف نشاط (م) الشهير بـ(و) وهو يحمل بطاقة برتبة عميد منذ العام 2019م ويقوم بابتزاز المواطنين، بحجة أنّ لديه تسهيلات واستثناءات جمركية وخلافها، ويتاجر بسيارات (بوكو حرام) باعتبارها مُجمركة وتحمل شهادة وارد، وبتفتيشه تم العثور على بطاقات وأوراق ثبوتية وأوراق مُروّسة بحوزته منذ العامين 2018م و2019م وبرفقته آخر ادعى أنه يعمل بمكتب للتجنيد.

تنظيم إرهابي

ولم يكن هذا هو النشاط الإجرامي والمُريب الوحيد الذي استطاعت السلطات الوصول إلى مُرتكبيه وإيقاف نشاطه، ففي أماكن أخرى كانت عقليات إجرامية أخرى تُخطِّط لما هو أسوأ وأكثر ضرراً وكارثيةً، من خلال استغلال مُسمّيات حركات الكفاح المُسلّح، واستخدام الشارات والزي الخاص بالقوات العسكرية، وهي جريمة يظهر فيها التخطيط الطويل.

وبالأمس، أحبطت السلطات المختصة، محاولة لتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة بعد توقيف تنظيم إرهابي يمارس نشاطاً هدّاماً داخل العاصمة مُستخدماً الزي والشارات العسكرية والدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف، بجانب تزوير مستندات واستمارات تجنيد واستمارات عضوية باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة مالك عقار قطاع دارفور.

إجراءات قانونية

ودوّنت الشرطة، بلاغات في مواجهة (11) متهماً من عناصر التنظيم بالرقم (11946) تحت المواد (50/ 60/ 63/ 123) من القانون الجنائي، وذلك بعد أن توافرت معلومات لدى إدارة الاستخبارات المُضادة.

وأفادت مصادر (الصيحة)، بأنّ النيابة أمرت بإخضاع المُتّهمين للتحري وتم استجواب المتهم الأول، والذي أفاد بأنه يعمل حرساً لضابط برتبة فريق يتبع للحركة الشعبية – شمال بقيادة مالك عقار الموقعة على اتفاقية السلام مع الحكومة.

وأوضح المُتّهم أنّه عضو بالحركة الشعبية، وأقر بأنه تم القبض عليه ومعه المتهمان التاسع والعاشر بمكتب الحركة في الرياض، وقال إنه لم يضبط بحوزتهم أيِّ مُستندات أو استمارات عُضوية أو تجنيد.

استمارات تجنيد مضروبة

وبحسب مصادر (الصيحة)، أقر المُتّهم بتورُّط مجموعته في توزيع استمارات لتجنيد قوات عسكرية وسياسية، الأمر الذي قاد إلى تشكيل فريق بحث ميداني من الاستخبارات العسكرية وتحديد مناطق نشاط المجموعة بكافوري والرياض، وضبط بحوزتهم مُستندات واستمارات عضوية واستمارات تجنيد وكشوفات بأسماء ضباط ورتب أخرى وأختام باسم الحركة الشعبية – قيادة مالك عقار مذيلة باسم فريقٍ يَتبع للحركة.

وأوضح مصدر أمني – فضّل حجب اسمه – أنّ اتفاق جوبا للسلام يعالج جذور الأزمة السودانية عبر (6) بروتوكولات عملت على حل العديد من القضايا، من بينها بند الترتيبات الأمنية الذي بمُوجبه تتم مُشاركة قُوّات هذه الحركات بالاندماج في المؤسسة العسكرية السودانية، وبند القضايا القومية، ومن ذلك قضايا الهوية والمواطنة والحريات العامة، وذكر أنه في ما يتعلق بالترتيبات الأمنية، فإنه أمر يتم حسمه داخل المؤسسة العسكرية مع قادة الفصائل المُوقِّعة على السلام، واستبعد أن تكون هناك حشود من غير عناصر الحركات للانخراط في القوات النظامية، واعتبر ما يجري من عمليات تجنيد، إنّما هو احتيالٌ تتم مُواجهته بالردع والوعي العام لعدم التعامُل مع هذه المجموعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى