منى أبو العزائم تكتب : ماكرون والجحيم

1

عندما كانت أوروبا وهي تعيش عصر الظلام، كان المسلمون في أوج نهضتهم وعلومهم وفتوحاتهم وثراء الحضارة الإسلامية.. وفي أزهى عهود الإمبراطورية العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني أحد أعظم سلاطينها العظام. لجأت فرنسا وملكها فرنسوا الأول الى السلطان العثماني لطلب الحماية والدعم خشية من بعض ملوك وأمراء أوروبا.. فاحتج البابا على ذلك وقال يجب أن تفهم فرنسا أنها ابنة الكنيسة المُدللـة.. يجب نصح الملك فرانسوا هذا من أجل مصلحتهم.. ووجه حديثه إلى ملوك أوروبا، محذراً يجب أن يعلم الكل أن أي محاولة للتنسيق مع المسلمين ضد الكنيسة هذا سيُعرِّضهم للعقاب وستظل روحه معذبة.. وحتى جهنم حينئذ لن تقبلهم.

أضحكتني عبارة (حتى جهنم مش حتقبلهم).. وكان بابوات وكرادلة الكنيسة قد صدقوا أن صكوك الغفران التي يبيعونها لرعايا الكنيسة ستضمن لهم دخول الجنة مهما كانت ذنوبهم.

ولكن يبدو أن التصالح مع المسلمين ذنب عظيم غير قابل للغفران والسماح.. إذ أن جهنم مكان العذاب والمذنبين لن تقبلهم…

بالمناسبة التقط هذه العبارة عند مشاهدتي لمسلسل القرن العظيم” أو “حريم السلطان” أمام شاشة قناة نسمة التونسية!!

2

وكان جهل وظلامية الكنيسة وصكوك غفرانها وفسادها  سبباً لاحتجاج حتى قساوسة الكنيسة الصغار ورعاياها، فانقسمت الكنيسة إلى شيع ومذاهب. وكانت هذه هي المنفذ وكوة الضوء التي قادت أوروبا للولوج إلى عصر النهضة مستصحبين معهم العلوم الإسلامية ومشاعل النور والاستنارة التي نشرها المسلمون في أوروبا.

وفرنسا التي قادت أعظم ثورة فرنسية في أوروبا ضد الملكية الإقطاعية وفساد الكنيسة والظلامية والجهل

كان أعظم ما قدمت هو وثيقة الحقوق أو الإعلان  لحقوق الإنسان.

وأخطر ما في حقوق الإنسان التي روّج لها الحريات وأخطرها حرية الفكر والرأي والتعبير والعقيدة.

3

للأسف لم يكن “ماكرون” رئيس وزراء فرنسا نداً للدفاع أمام الحق في حرية التعبير وحرية العقيدة.. والتي تتوقّف عندما تسيئ للآخرين وتجرح مشاعرهم وتهين قيمهم ومعتقدهم.

جميع المسلمين في العالم صرخوا إلا رسول الله.. وماكرون يهين رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم ويجرح مشاعر ملايين المسلمين.

4

الرئيس الروسي “فلادمير بوتين” رجل سياسي محنك، بلاده بعد الثورة البلشفية أصبحت لا دينية حسب المانفيستو الشيوعي، باعتبار أن الدين أفيون الشعوب، والآن بعد عهد البروسترويكا صارت تقرع أجراس الكنائس ويرفع الآذان، فبلاده حتى بعد التفكيك هي دولة قارة، ولذلك كان حكيماً عندما قال التطرف أمر سيئ ولكن إهانة الأديان خطأٌ كبيرٌ.

5

وكذلك كانت من أعظم الكلمات التي أرسلت للغرب، حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأيضاً هو قائد حكيم يعرف مغبة الاختلاف والتطرف الذي يقود للإرهاب، فبلاده لها تجربة عريضة ودخيلة ووافدة على المجتمع المصري الذي عُرف بالتسامح لمئات السنين.. مصر تعدادها 100 مليون نسمة، منهم 10 ملايين مسيحي ارثوذكسي.. حيث مقر الكنيسة القبطية بمصر.

6

 لله دره عبد الفتاح السيسي، الذي قال نقبل أن تجرح مشاعرنا، ولكن لا نقبل أن تهان معتقداتنا وأدياننا.

ورد السيسي على الإساءات التي تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم بالقول: “الإساءة للأنبياء والرسل، هي استهانة بقيم دينية رفيعة، وجرح مشاعر الملايين، حتى لو كانت الصورة المقدمة هي صورة التطرف”، وأضاف متسائلاً: “يا ترى في مليار ونصف من المسلمين، تفتكروا كام في المائة متطرفون”، مؤكداً أنه “لا يمكن أن يتصوّر أن يحمل المسلمين بمفاسد وشرور فئة قليلة انحرفت”، إذ كنت تحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فعليك التأدب بأدبه، والتحلي بخلقه”.

7

لكن يبد أن “ماكرون” اختار التصرُّف الخطأ وفي  التوقيت الخطأ والعالم الإسلامي يحتفل بمولد الهدي.. فأحال فرنسا بتصريحاته المستفزة للمسلمين الى جحيم.

ويبدو أن نبوءة الكنيسة وخزعبلاتها في عهد الظلام قد صدقت.. حتى بلاده التي أحالها إلى جهنم.. حينئذ لن تقبله.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى