كلام في الفن

الخرطوم : الصيحة

محمد الأمين:

أدهشتني رؤية الصفوف الطويلة لمجرد اقتناء تذكرة لحفل الموسيقار الكبير محمد الأمين، كانت الفكرة مدهشة وفيها تعابير خفية توحي بقدرة الباشكاتب على الاستمرار رغم تقادم العمر .. فهو ما يزال محافظاً على سطوته وحضوره الفني وهو يتربع القمة دون أن يتنازل عن مكانته الرفيعة، ومشهد الصفوف وهي تمتلئ بكافة الفئات العمرية هو مؤشر يُحسب لمحمد الأمين ومدى قدرته على المواكبة ومخاطبة كافة الأجيال الجديدة.

 

لماذا نجح عمر إحساس كل هذا النجاح الكبير، وكيف  عبر بأغنياته لمعظم شعوب العالم، وكيف تم قبوله بهذا الشكل الكبير؟ الإجابة ببساطة أن عمر إحساس يتغنى بالتراث والإيقاعات السودانية واستفاد منها في تجربته .. لذلك تعدى حدود الجغرافيا وأصبح فناناً عالمياً له وزنه وثقله وحضوره في كل المحافل.. والمكانة التي وصل لها ما كان لها أن تكون لولا أنه لجأ للتراث السوداني الأصيل وهو يؤكد بذلك أن (الإنسان وليد بيئته).

أحمد ربشة:

كثيراً ما أتوقف في تجربة الفنان الراحل أحمد ربشة، وهو رغم أنه لا يحمل الجنسية السودانية ولكنه كان (سوداني الوجدان) والطعم، وغنائيته تؤكد ذلك، وهو قد أحدث تغييراً كبيراً في نمط الغناء وكان بمقدوره أن يكون مدرسة من مدارس الغناء في السودان، ولكن بعض الذين تآمروا عليه كانوا سبباً في حرماننا من صوت وتجربة نادرة الوجود، ولا أظن أن الزمن قريباً سيجود بمثله لأن أمثال ربشة مثل الظواهر لا تحدث إلا بعد عشرات السنوات.

 

شمت محمد نور:

تشوقني جداً الطريقة التي يؤلف بها شمت محمد نور موسيقاه سبقه غيره فى ذلك، لكن هنالك أشكال وعناصر جديدة أدخلها جعلت أغنياته  تتميز عن موسيقى الآخرين  في شكل الطرح والقالب الأدائي الذي تقدم به، وهو بذلك قد حقق نوعاً من الريادة بفضل القواعد الجديدة التي أرساها  في طريقة تفكيره لوضع موسيقاه حتى يكون نسيج وحده .. ولكن عزيزي شمت توقف قليلاً عن التلحين حتى لا تقع في شراك التكرار والإعادة!!

 

عبد القادر الكتيابي:

من يتأمل أغنية بعمق (لمحتك) يدرك أنه أمام شاعر حقيقي ليس مصنوعاً أو مصطنعاً.. شاعر بكل ما تحمل الكلمة من مبنى ومعنى وفكرة .. وإن كان الشعر والإبداع عموماً لا يورث ولكن عبد القادر الكتيابي ورث الشعر عن خاله الشاعر الكبير (التجاني يوسف بشير) .. وهذا في حد ذاته يكفي ويؤشر على أننا أمام شاعر تشرب الشعر ورضعه مع لبن والدته والتي يحكى بأنها كانت شاعرة .. إذن لا غرابة.

 

معتز صباحي:

الكثير لاحظوا في الفترات الأخيرة أن الفنان  معتز صباحي يتوهم أشياء لا وجود لها في أرض الواقع وأن هناك قوة غيبية تريد أن تهزم مشروعه الفني .. فهو ظل دائماً ما يقول بأن (خفافيش الظلام) يحاربونه .. ولكن معتز صباحي إذا اقتنع بذلك سيتوقف مشروعه الفني في هذه المحطة ويتجاوزه الزمن، كما بدأ يتجاوزه فعلاً وبدأ الرفض وكأنه إجماع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى