(صابنّها في الباب): ونسة تعجب النساء لتغيظ الرجال

استطلاع: إسماعيل جابر

الكثيرات من نساء السودان بعد أن يكملن (الونسة) داخل المنزل يتّجهن إلى الأبواب، مودِّعات بعضهن كلٌ إلى حال سبيلها، لكن في تلك اللحظة تفتح إحداهن نقاشاً على الباب يستمر زمناً ربما لا يقل عن الذي قضينه متحدثات داخل المنزل!

هذه العادة موجودة في إثيوبيا ومصر وسوريا وفي الأخيرتين لا يحس بها إلا ساكن نفس العمارة لطبيعة البناء الرأسي.. أما في السودان فهي ملاحظة للمارة لظروف السكن والشّوارع وحميمية وعاطفة السودانيين حتى كادت أن تكون ونسة الباب سمة سودانية.

هذه العادة عند النساء أكثر من الرجال، ويُلاحظ أنّ ست البيت تكون واقفة أمام الباب وتختفي خلفه كلما مَرّ رجلٌ أو شابٌ لتختبئ وراءه ثم تعود مرة أخرى لونستها…

(الصيحة) تحدثت إلى عددٍ من المُواطنين، نساءً ورجالاً حول الظاهرة فخرجت بهذه الإفادات:- 

بدأ الحديث من أمام باب منزله، العم مضوي علي محمد وزوجته مكة موسى محمد قالا: إن ونسة الباب هي حديث للقيل والقال والأسرار التي تحرص النساء أن لا يعرفها أحدٌ، ويقول الزوجان:  إنها ونسة غير منطقية، لأنّها تكون على قارعة الطريق أمام الأبواب ولا تُراعي حُرمة الشارع، ويحذر مضوي بناته من الوقوف أمام الباب للونسة.

أما عزيزة محمد سعيد: أستاذة جامعية، ترجع العادة لطبيعة المرأة التي تميل إلى الفضفضة والونسة وسرد الأحداث، ونسبة لاستعجال الضيفة يتم إكمال الحديث في الباب، واحياناً يتم الحديث عن أشياءٍ تظهر في الشارع نفسه كمشاهدة موديل أو موضة جديدة، ولكنها ضد هذه الونسة التي لا تخلو من النميمة و(الشمارات) والأسرار، وصرف صندوق الخَتّة، وتُحذِّر من الخروج بملابس غير مُحتشمة ورفع الصوت، احتراماً للشارع الذي لا يرحم مثل هذا التصرُّف.

وتقول ثويبة عبد الله: ست شاي من الحبشة، إنّ عادة الونسة عند الباب موجودة في الحبشة وتتم لمعرفة الأسرار بعيداً كي لا يستمع الآخرون لها.

أما سحر عثمان متزوجة وفني إحصاء، فتقول: لا يحلو الحديث إلا في عتبة الباب لتبادُل (الشمارات) والأسرار والعادة أصبحت سودانية خالصة، وتشترط سحر عدم إطالة الونسة ويتم كل هذا في ظل غياب زوجها الذي لا يسمح لها بذلك.

وتتّفق كل من الشابتين زهراء بابكر: محضرة معمل طبي وآيات محمد عثمان: طالبة أن الونسة في الباب  حلوة وهي لتبادُل الأسرار و(الشمارات) وشم الهواء وكسر الروتين، حيث تظل الشابة لفترةٍ طويلةٍ داخل المنزل، فالخروج للباب يريحها ويعمل على تَغيير مزاجها، خَاصّةً إذا انضم للونسة المزيد من بنات الجيران والمعارف من المارة، وتقولان: لا يُمكن أن تتم هذه الونسة إلا في ظل غياب الأب والإخوان الكبار. لكن رغم ذلك هن ضد العادة وإطالة الوقفة، لكن الطبع غلب التطبع.

وتقول عائشة عبد الله محمد: ربة منزل، إنّ الونسة تأتي لا شعورياً ولا تحلو الونسة إلا في الباب لظهور مواضيع جديدة للحديث، وتعترف أنّ العادة سيئة، وأن زوجها يلفت انتباهها لذلك دوماً.

أما رأي الحبوبات عن هذه العادة: تتفق كل من الحبوبة فاطمة محمد عيسى شطة ومستورة مختار حبيس بأن العادة قديمة ومعيبة في ذاك الزمان، لكن في زمن التّحرُّر وعدم الرقابة الأسرية تجد كمية من النساء والبنات (الفاضيات للشمارات) ومعرفة الأسرار في الشوارع والأبواب.

أما مكة أحمد عثمان: أستاذة لا تتفق من النساء اللائي يقفن للونسة في الباب وتعتبرها ونسة (للشمارات) والأسرار، وتشير إلى أنّ العادة بدأت في الانحسار تدريجياً للتطوُّر التكنولوجي في وسائل الاتّصالات ووسائل التّواصُل الاجتماعي، لكنها تظل مَوجودة كَعَادة وتدعو إلى عدم إطالة الوقفة أمام الباب، وتُشير إلى أنّ زوجها يلفت انتباهها وهي تُحذِّر بناتها من الوقفة في الباب.

أمّا رأي الرجال والشباب
حسن محمد آدم عثمان: فني ركشات، يُرجع العادة لطبيعة المرأة وحبّها للونسة وفي الباب يتم تبادُل الشمارات والأسرار وهو ضِدّ العَادَة لعدم تقبُّل المُجتمع لها، وعلى العكس منه يتقبّل عز الدين يعقوب سائق ركشة، العادة ولا ينظر لها سلبياً، فقط يدعو النساء أن تكون الوقفة في الباب مَعقولة من حيث الزمن حتى لا تلفت انتباه المَارّة في الشارع.

أما صالح محمود: ميكانيكي بشركة بترول، يستغرب ويندهش للعادة التي يكرهها بشدة، ويقول إنه لا يسمح لزوجته أبداً أن تقف في الباب للونسة، ومُستعد لإثارة مشكلة معها حال وجدها بالباب للونسة لاعتبارات اجتماعية ونظرة الشارع التي لا ترحم هذا السلوك.

أما الشباب الجامعيون لؤي حامد حمدون وعوض حسن سعيد والنذير أحمد التوم يتفقون أن العادة لا تنسجم ونظرة المجتمع لها، ويعزون انتشارها لعدم الرقابة الأسرية والنصح والإرشاد، وطالبوا الأمهات و(الحبوبات) بعدم إطالة الوقفة،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى