محمد محمد خير يكتب : الكتابة تحت النزلة

 

بدأت مدينة تورنتو إشهار وجهها البارد الذي قهرني حتى صالحت الإنقاذ. إنه البرد الأشد فتكاً والأمضى شراسة في كل مدن الكون. بدأ يوم أمس واستجاب جسدي العليل لقسوته بنزلة بدأت بفروة الرأس والصدغين وتسللت للصدر وأصابت المنخرين برذاذ عنيف فيما استجابت العينان بسائل لا هو بالدمع ولا البلاهة، وكنت قبل هذه النقلة أتهيأ للكتابة حول شعب تسمرت عيونه بحثاً عن تغريدة ترامب التي ترفع عنا البلاء مدفوعاً بالأخبار (المضروبة) التي تتاجر بأعصاب الشعب، وعادت بي الذاكرة لموتمر استضافته المملكة العربية السعودية مثّل حكومة السودان فيه الفريق طه ويومها تصدرت صورة طه مصافحًا ترمب كل الصحف وأجهزة الإعلام. ما الفرق بين تلك المصافحة وهذه التغريدة المرتجاة??!!!

بلد كامل وحكومة بكافة (كفاءاتها) في انتظار تغريدة، ودجالون في الوسائط يجزمون بأن ترمب يجلس الآن وأمامه الكومبيوتر كي يطلق من تويتر ما استكن في قلبه من رحمة على شعب السودان!!!

صرت أتكهن بمحتوى تغريدة ترمب ولغتها ومحمولاتها وظلال تلك التغريدة. هل ستكون مباشرة بمعنى أنها ستنهي بعبارة قصيرة موقفاً أمريكياً امتد لما يقارب العقدين? أم هي كلمات ذات ظلال وقابلة لأكثر من تفسير? وأين سيكون موقع إسرائيل من هذه التغريدة? وماذا إذا ما قال ترمب إن الولايات المتحدة الأمريكية سترفع اسم السودان من اللائحة إذا ما التزمت حكومته بتطبيع العلاقات مع إسرائيل?

ترمب دون سائر رؤساء أمريكا يمتلك جرأة شبيهة بجرأة (ود نواي) فيما مضى وجراءة ابن عمي الجاكومي الذي أناب أفواف النخيل ورنين الطمبور و(قطامة) الرباطاب وضرب عرض الحائط بالمك نمر وبكل وادي حلفا والمناصير وتنقاسي والقرير ومثل كل أهل الشمال في اتفاقية جوبا دون أن تكلفه نخلة وأعلن ذلك على الملأ، غير أنني أجد نفسي تحت تأثير هذه النزلة مانحاً التفويض للجاكومي لينيب عني تأسيساً على عمق جذري في الشمال، فأنا من دم تنقاسي ومن لحم من يجاورها والجاكومي من قنتي بلد الأذكياء.

من دهاة الشايقية. عادل عبد الغني وطه علي البشير وصلاح الكجم وسيف الجامعة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى