تعليق صادر الماشية إلى السُّعودية.. الأسباب والنتائج!!

 

الخرطوم- جمعة عبد الله

أعَادَت السُّلطات السُّعودية – فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة قسم المحاجر أمس الأول، حظر استيراد الماشية الحَيّة من السُّودان مُؤقّتاً، وعزت ذلك في قرار لمُستوردي الماشية بسبب ظهور مرض حمى الوادي المُتصدِّع(RVF)  بالسودان، وبناءً على ذلك ألغت جميع الأُذونات الصادرة لهم، وشدّدت على عدم شحن أية إرسالية، وهدّدت بأنه حال تم الشحن ستتم إعادتها مُباشرةً.

وهي المرة الثانية خلال أقل من عامٍ، التي تفرض فيها السُّلطات السُّعودية حظراً على استيراد الماشية الحيّة من السُّودان، ففي ديسمبر الماضي طبّقت حظراً استمر لنحو (5) أشهر، بسبب ظهور بؤر لمرض حمى الوادي المُتصدِّع بمنطقة أربعات بولاية البحر الأحمر، قبل إعادة التصدير في أبريل بعد تفاهُمات مع الجانب السُّعودي شَمَلَت التّوقيع على بروتوكول جديدٍ يتضمّن عدداً من الاشتراطات، منها اشتراط نسبة مُحَدّدة لقياس المناعة ومُدّة الحجر البيطري قبل التصدير وتقييد الصادر بحيث لا يتجاوز باخرة واحدة في اليوم، إلا أن الأمر لم يسر بشكل سلسٍ، حيث تكرّرت ظاهرة إرجاع البواخر حتى بلغت أكثر من (35) باخرة مُرتجعة بسبب وحيد هو تدني نسبة المناعة لأقل من 40% التي تضمّنها البروتوكول السعودي.

واستبقت وزارة الثروة الحيوانية، القرار السُّعودي، بذهاب الوزير المكلف شخصياً للولاية الشمالية مطلع الأسبوع الجاري، وتم إجراء مسحٍ حقلي للأمراض الحيوانية بالشمالية، إلا أنّ نتيجة المسح لم تظهر للعلن، إلا أنّ مراقبين رجّحوا ثُبُوت نتائج العينات استناداً على إشراف الوزير بنفسه على توزيع لقاحات التطعيم للمواشي بالمناطق التي ظهرت فيها حُميّات بالشمالية.

وأوضح الوزير حينها أن الجولة شَمَلَت قرى محليات الدبة وتنقسي والزومة والبخيت والطريف والكرفاب وكريمة وكل قُرى مروي بالولاية الشمالية للوقوف على عمليات المسح الحقلي للأوبئة الحيوانية ونَواقل الأمراض والإشراف على تَوزيع الأدوية واللقاحات، مُشيداً بالكوادر البيطرية العاملة في مجال الإنتاج الحيواني، مُؤكِّداً أنّ تنمية القطاع الحيواني تعني تنمية واستدامة الإنتاج، مُوضِّحاً أنّ الزيارة تهدف إلى إسناد المنتجين بالولاية الشمالية لمُجابهة الأوبئة التي صاحبت فيصانات هذا العام.

ولم تصدر وزارة الثروة الحيوانية بياناً حول الأمر سواءٌ بالتأكيد أو النفي، ورغم سعي (الصيحة) المتكرر لاستنطاق الوزير المكلف د. عادل فرح، إلا أن هاتفه لا يجيب، وهو ذات الطريق الذي سلكته غُرفة مُصدِّري الماشية، باستثناء إشارة عابرة لأمين مال الغرفة عادل النصري، الذي أشار إلى عدم تسلمهم أي قرار أو خطاب من السُّعودية أو غيرها، موضحاً أنه حتى اللحظة –أمس – لم يصلهم تأكيدٌ رسميٌّ بتعليق الصادر.

وسيؤدي تعليق صادر الماشية ولو مُؤقّتاً، لإلحاق الضرر بأكثر من (200) ألف رأس مُعدة للصادر ومُكتملة الإجراءات بحسب ما يقول مُصدِّرون، علاوة على ذلك ستفقد حصيلة صادر تُقدّر بنحو (160) دولاراً لكل رأس من الضأن، فيما تشير بيانات الوزارة إلى أن قيمة صادرات الثروة الحيوانية تبلغ شهرياً (50) مليون دولار شريطة استمرار التصدير دون عقبات.

وفي الأثناء، تخوّف مُصدِّرو ماشية من حُدُوث خسائر طائلة بسبب القرار المُفاجئ، وحمّلوا الجهات الرَّسمية مَسؤولية تعليق الصَّادر، وانتقدوا تَقَاعُس إدارة الأمراض المُشتركة وهي إدارة مُشتركة بين وزارتي الصحة والثروة الحيوانية، عن تقصي وجود مرض حمى الوادي المُتصدِّع بالولاية الشمالية وتمليك الحقائق للرأي العام قبل اتخاذ الإجراءات البيطرية والصحية المناسبة للتعامل مع الحميات بحسب نوعها.

وطالب خبير قطاع الثروة الحيوانية د. علي لطفي، بإعادة مراجعة السياسات السارية في القطاع ككل، مُوضِّحاً أنّ مُشكلة صادرات الثروة الحيوانية ترجع بالدرجة الأولى لضعف كفاءة البنيات التحتية لأنها في الأصل ليست مُجَهّزة بالقدر الكافي لمواكبة اشتراطات الصادر ومُواصفاته القياسية التي تتطور بتطوُّر العلم والبحوث.

وقال لطفي لـ(الصيحة)، إنّ المُشكلة الأساسية التي تُعاني منها صادرات الثروة الحيوانية هي تَسَاهُل المَسؤولين مع التّجاوُزات التي تحدث ومنها عدم تطبيق الاشتراطات القياسيّة المَعلومة في الصّادر، عَلاوةً على أنّ كثيراً من المُنشآت المُتعلِّقة بالقطاع تم تأسيسها دُون المُواصِفة المَطلوبة وهو ما ألقى باللوم فيه على الجهات الراقبية، مُرجعاً الأمر لحديثه السَّابق عن غياب الرقابة والتساهُل مع التجاوُزات، وشدّد على أنّ تعليق الصادر يعد فرصة مناسبة للجهات المُختصة لمُعالجة الاختلالات التي يزرح تحتها قطاع الثروة الحيوانية وتغيير نمط التفكير والإدارة بما يمكن البلاد من الاستفادة الأمثل من هذه الثروة الحيوية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى