النيل الأزرق.. آمال وتطلعات

 

الدمازين ــ محمد عبد الله الشيخ

إفرازات الحرب ومراراتها وظلالها الكثيفة على واقع حياة الإنسان وما دفعه فيها من ثمن قوامه إزهاق الأرواح والتشرد والنزوح وفقدان بوصلة الحياة وأسبابها ومقوماتها وتفكك أواصر الأسر وخرق النسيج الاجتماعي والتناحر والتنافر بين المكونات الإثنية، كل هذه الأسباب أعلت من قيمة السلام وخلقت حالة من الإجماع عليه كقيمة لا يمكن أن تستقر الحياة بدونها، لذا جاء مشهد وفد الولاية الذي يمثل كل ألوان الطيف وهو يتأهب للسفر إلى جوبا معبرا عن تطلعات وآمال تجاه الاتفاق الذي تم توقيعه بجوبا أمس.

وكان والي النيل الأزرق عبد الرحمن نور الدائم قال إن التوقيع على السلام سيشكل بداية لمرحلة جديدة تُنهي ويلات الحرب وبداية لعودة اللاجئين والنازحين، واضاف، وستشهد المرحلة القادمة سلاماً حقيقياً وعودة الحياة الطبيعية بالسودان وولاية النيل الأزرق”. وقال “أتمنى أن ينضم الرفاق عبد العزيز الحلو وجوزف تكا وعبد الواحد محمد نور إلى السلام”.

وفي السياق، قالت الأمين السابق لاتحاد المرأة صالحة سليمان لـ(الصيحة)، إن مطلوبات السلام من الثوابت التي لا تتغير باختلاف الزمان والمكان والأنظمة، ومن أهم الثوابت توفر الثقة بين الأطراف المتفاوضه والنظر لمعاناة الإنسان الضعيف الذي اكتوى بنيران الحرب والجدية في تحقيق سلام يرضي طموحاته وينهي معاناته.

فيما قالت المحامية هويدا يس القيادية بالحركة الشعبية- جناح عقار، إن الاتفاق يمثل مكاسب عظيمة وفوائد كبيرة، والخطوة التي خطتها الجبهة الثورية بالوقف الشامل لإطلاق النار وإراحة المواطنين من إراقة الدماء، تعتبر مكاسب كبيرة، كما أن حصول الولاية على الحكم الذاتي لعشر سنوات كفيلة بإحداث تطور كبير وتأهيل للبنى التحتية وتوصيل الولاية لمبتغاها، وحصول الولاية على (40%) من الموارد خاصة الكهرباء بالإضافة لموارد أخرى ستنهض بالولاية.

ونوهت إلى أن السلطة بالولاية هي التي ستوزع الفرص في الجوانب المهنية والوظائف القيادية لأبناء الولاية، وأهم ما يعنيه السلام أنه سلام لكل مكونات الولاية بغض النظر عن الجهة أو اللون، والحركة الشعبية هي حركة قومية تمثل كل السودانيين.

واعتبرت الأمين العام لمجلس التخطيط الاستراتيجي بالولاية د. إحساس محمد أحمد مدني، أن السلام يمثل قضية هامة تحظى باهتمام السياسيين والمنظمات، وقالت “نحن في ولاية النيل الأزرق عشنا حرباً أثرت على الحالة الاقتصادية والترابط الاجتماعي وأعطت مؤشرات للفقر وعدم الاستقرار وعدم الأمن والتنمية، وفي تقديري أن مفهوم السلام توسّع ليشمل الأمن القومي الإقليمي، وهنالك مهددات للسلام تتمثل في الأمن الغذائي والأمن الدوائي وهذه قضايا لابد من بحثها وتلمسها حتى لا تقود إلى فجوة جديدة، ولكي تتوفر حياة بها قدر من الرفاهية وتحسن لوضع الدولة والفرد”، وأضافت “أتمنى أن يحدث سلام يحظى بالتعايش السلمي بين القبائل حيث توجد بعض النعرات التي في حاجة لرتق حتى يستدام السلام وتستقر حياة الفرد والمجتمع”.

من جهته، استبشر الناشط في مجال السلام، مدير منظمة صناع المستقبل مهند خبير، بإيقاف الحرب عامة، خاصة وأن 2020م هو عام شباب أفريقيا لسكوت صوت البندقية، وقال إن شعب ولاية النيل الأزرق كله تغمره الفرحة والابتهاج بهذه الاتفاقية التي حقنت الدماء.

ورأى أن الاتفاقية مكسب تاريخي لأنها خاطبت جذور مشكلة الحرب المتمثلة في التنمية غير المتوازنة والمواطنة غير المتساوية، وحققت الاتفاقية مكاسب كثيرة في قسمة الثروة، حيث حصل الإقليم على (40%) من الموارد الطبيعية والمستخلصة، كذلك التمييز الإيجابي لولاية النيل الأزرق والحصول على (3%) من وظائف الخدمة المدنية القومية، كما أنصفت الاتفاقية المتضررين من تعلية سد الروصيرص، ومن جانب الأراضي الزراعية والسكانية ردت الاتفاقية الحقوق إلى أهلها، وعالجت مشاكل الأراضي بإنشاء مفوضية الأراضي، كذلك نادت الاتفاقية بمراجعة نظام ديوان الزكاة ليتحول إلى مورد مساهم في خدمة المستحقين.

ونوه مهند إلى أن الاتفاقية خاطبت قضايا النازحين والعائدين عبر إنشاء مفوضية للنازحين واللاجئين لتقوم بدورها في إعادتهم إلى مواطنهم الأصلية وإعادة دمجهم في المجتمع، كما نصت على تعويضهم التعويض العادل وجبر الضرر عبر تعويضات فردية وجماعية وإعادة الممتلكات التي تمت مصادرتها والاستيلاء عليها.

بدوره، قال الإعلامي منتصر إبراهيم الشيخ، إن السلام سيكون له أثر إيجابي سيلقي بظلاله على الكثير من القضايا خاصة قضية العودة الطوعية للذين تركوا مناطقهم وفقدوا أسباب حياتهم بالريف وعودة حركة الإنتاج وتخفيف الضغط على مدينة الدمازين وإنهاء الكثير من الظواهر السالبة التي ظهرت نتيجه الضغط السكاني كالمهن الهامشية وغيرها، وتوقع أن يحدث استقرار كبير وتنمية بالريف، كما أن وقف نزيف الحرب والمشاركة السياسية في إدارة الولاية بما تفضلت به الاتفاقية من حكم ذاتي سيحدث استقراراً ويُنهي التجاذبات ويخلق حالة من الاستقرار السياسي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى