الأحزاب السياسية.. البحث عن فصيل مسلح

 

تقرير/ عبدالله عبدالرحيم

استضاف الاتحادي الديمقراطي الأصل بالقاهرة وفد لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان واللذين أجريا مباحثات ثنائية أفضت إلى توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين سيوقعها عن الاتحادي جعفر الميرغني بينما يوقع عن طرف الحركة القائد مني أركو مناوي بفندق سونستا بالقاهرة وقد أمن الطرفان على كافة بنود المذكرة التي شددت على دعم الحكومة الانتقالية وفق رؤى جديدة تستهدف إزالة تشوهات الحكومة الانتقالية و انعكست سلباً على أداء الجهاز التنفيذي، والاتفاق على توسيع الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية لاستيعاب الأحزاب غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير و توسيع قاعدة المشاركة بعيداً عن الإقصاء والتهميش.

وأمن الطرفان على تعديل الوثيقة الدستورية لتستوعب مستجدات المرحلة بعد توقيع اتفاق السلام الشامل، ونوه الطرفان للمظالم التاريخية التي وقعت على دارفور وامنا على ضرورة تقديم كل مرتكبي تلك الفظائع للعدالة الدولية لتقول كلمتها.

فهل وراء هذا الاتفاق تحالف جديد يحمل بين طياته بحث الاتحادي عن حليف مسلح لحماية ظهره كما فعلت معظم القوى السياسية الآن؟ وهل المرحلة القادمة ستشهد أو ستكون لمثل هذا النوع من التحالفات، مما يعد مؤشراً خطيراً لما هو قادم أم أن الأمر لا يعدوا عن كونه أحد تكتيكات المرحلة في إطار البحث عن موازنة بين السياسة والحركات المسلحة وما تأثيرات ذلك على الفترة الانتقالية والحكومة الديمقراطية المرتقبة؟.

نماذج سابقة

شهدت الساحة السياسية من قبل العديد من التحالفات الثنائية والتي سرعان ما نتجت عنها مذكرات تفاهم كفلت للطرفين العمل المشترك في فترات سابقة وكان أشهرها أتفاق المرغني قرنق. ولكن لن ينسى المتابع عن قرب للساحة السياسية الاتهامات التي لازمت حزب المؤتمر الشعبي وعلاقته بحركة العدل والمساواة رغم أن البعض ظل يكرر في إشارات واضحة إلى أن الشعبي والعدل علاقتهما أبوية.

أيضاً ظهرت علاقات واضحة مؤخراً بين حزب الأمة وقوات الدعم السريع حسب ما ورد في خطابات وتصريحات قيادات حزب الأمة التي تناولها الشارع السياسي بكثافة الايام الماضية وعد الكثيرون تلك التصريحات بأنها محاولها من حزب الأمة لمغازلة الدعم السريع بعد أن قام قائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو بزيارة إلى دار الامة بحثا خلالها الكثير من الأوضاع السياسية وغيرها فيما خرج الاجتماع بإنطباع عده مراقبون بإنه مؤشر تلحالف قادم وقال البعض إن حزب الأمة يبحث عن حماية لظهره لجهة أن فترة الديمقراطية القادمة هي مساحة للعديد من التحالفات في ظل قدوم لاعبين جدد باتفاقيات السلام التي ستوقع في القريب العاجل.

أيضاً هناك نموزج أخر لهذه التفاهمات وهو بين الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح الحلو والحزب الشيوعي مؤخراً وأسفرت اللقاءات بينهما عن توقيع مذكرة تفاهم مشتركة عدها البعض تحالفا بين السياسة والعسكر لحماية الظهر .

تحالفات قادمة

ولم ينفِ الناطق بأسم حركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح في حديث مع (الصيحة) الاتجاه للتحالفات السياسية خلال الفترة المقبلة، وقال إن الاطراف التى شاركت في مفاوضات جوبا تمثل تحالف الجبهه الثورية،  مؤكداً إنه سيكون هناك تحالفات اخرى سينضون تحتها منها تحالف قوى نداء السودان. وأكد معتصم أن الفترة القادمة سيكون المشهد فيها عبارة عن تحالفات وكل هذه المكونات ستنضم تحت لواء الحرية والتغيير ولكن حال معالجة الثورية والحرية والتغيير الخلافات بينهما واستطاعا التوصل الى تفاهم مشترك. وقال ستدمج الجبهة الثورية بموجب هذا التفاهم في كل الاعمال الخاصه بقوى الحرية والتغيير وستشارك كذلك في المؤتمر الذى سينعقد قريبا بهدف اعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير ولذلك يرى إنه عندما يأتون الى الداخل فبجانب انهم قوى سياسية لها كامل الاستقلالية ستكون مشاركتهم في عدة مستويات مع قوى الحرية والتغيير كونها الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، وسيعملون مع حلفائهم في نداء السودان.

اتفاقيات وأيدولوجيات

ويرى بروفيسور الفاتح محجوب عثمان مدير مركز الراصد والمحلل السياسي  أن كل التحالفات التي تمت سابقاً والآن مختلفة عن بعضها فالشيوعي لديه تحالف قديم وتنسيق مع الشعبية التي تجمعهم الكثير من القضايا المشتركة مثل العلمانية وفصل الدين عن الدولة وربط الفاتح في حديثه لـ(الصيحة) بالتوجه الماركسي للحزب الشيوعي وانطلاق قيادات الحركة الشعبية من الأيدولوجية الشيوعية لذلك فهو يرى إن أمر هذه الشراكة والتحالف يختلف عن الأخريات أيدولجياً. أما في التحالف والشراكة التي تعقد اليوم بين مناوي والاتحادي فيقول إن مناوي هو الذي ذهب وبحث عن هذه الشراكة مع الاتحادي ولم يأتي إليه الميرعني وقال إن حركة مناوي تنظر بعيداً فهي تعلم أن المرحلة القادمة ستتخللها الانتخابات والتي ستوضح مصير الكل وقال إن الحاضنة القبلية لحركة مناوي كلها أو معظمها من قبيلة واحدة وهم عنصر كبير في غرب السودان لذلك مناوي يريد أن يحقق لنفسه موقع سياسي من خلال الانتخابات التي تعتمد على الكتلة البشرية الناخبة. وأشار محجوب إلى أن معظم الحركات المسلحة تفتقر للبعد الجماهيري وسوف لن تجد لها موقعاً تنفيذياً أو تشريعياً إذا ما قامت الانتخابات ، ولكن مناوي وفقاً للفاتح فإنه عمل بالسياسة فترة وجوده بالقصر الجمهوري وأراد أن يغتنم هذه السانحة بالتفاهم مع الاتحادي الديمقراطي .

اختلاف جوهري

واتفق د. عزالدين الطيب استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية في حديثه لـ(الصيحة) مع بروفيسور الفاتح محجوب حينما وصما تحركات الاحزاب السياسية تجاه الحركات والقوى المسلحة بالأيدولوجيات المختلفة. وأشارا إلى أن مغازلة حزب الأمة للدعم السريع أنما هي محاولة للمحافظة على الاملاك السابقة، مشيرين إلى أن الحاضنة الجماهيرية للدعم السريع لها ثقل في غرب السودان وهي البقعة الجغرافية التي دوماً تصنع الفارق لحزب الامة تاريخياً في الانتخابات التي مرت على السودان مؤكدين أن مثل هذه المغازلة (الامة للدعم السريع) في حد ذاتها، عمل سياسي يرمي للانتخابات القادمة لجهة أن من تقف معه هذه القوات بثقلها الجماهيري ستكون الغلبة له كما يستطيع أن يحرز درجات متقدمة خلال مارثون الانتخابات المقبلة والامة أنما يحاول الحفاظ على قواعده التي تحولت للدعم السريع، بينما أكدا أن تفاهم الاتحادي ومناوي يسعى من خلاله الاخير لأن يكسب مستقبل سياسي لحركته في نظرة بعيدة وعميقة للمشهد السياس مستقبلاً من قبل مناوي الذي بات يلعب سياسة أكتسبها إبان مشاركته النظام البائد.

ولكن الشيوعي وفقاً للمتحدثين يسعى بقوة للاستفادة من قوة الشعبية في تنفيذ برنامجه السياسي ( العلمانية وفصل الدين عن الدولة)، التي تنادي بهما الشعبية من جانب آخر. وبصما على أن الأهداف في كل هذه التحالفات والتفاهمات التي تمت مخلتفة فكرياً ومذهبياً سياسياً في كل المراحل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى