أباطرة المنشطات المخدرة.. تصاعد التهريب والاستهلاك المُنظّم

 

 

 

 

الجمل: عدم التزام السودان بسداد الاشتراكات يؤدي إلى منعه من المشاركة في الأنشطة الدولية

توقيف (4) رياضيين سودانيين عن ممارسة النشاط الرياضي لتعاطيهم منشطات

العميد بدوي: السودان من الدول المستهدفة بالجريمة العابرة وتهريب المخدرات عبر المطار كثير

الجمارك: 90% من الجرائم قادمة أو عابرة من أفريقيا والمنظمات العالمية تدعم السودان في المكافحة

ضبطية الـ (6) كيلو من الكوكايين الأبرز في 2020 لكونها نوعية وباحترافية عالية

تحقيق : منال عبد الله

على الرغم من الفرق المعلوم بين (الهيروين والكوكايين) من حيث البيئة التي يتواجدان فيها ومصدرهما ومقدار تأثير كل مادة على الشخص، ولكن عند تناولهما كمنشطات تجعلهما متشابهين لكونهما  أخطر مخدر على حياة الإنسان على الإطلاق، ورشحت معلومات مؤخراً عن ظهور عصابات مافيا عالمية تروج المنشطات بالعاصمة الخرطوم تستهدف الشباب ولاسيما الأثرياء ونجوم المجتمع عبر نشر عناصرها وتسللهم للبلاد لتهريب هذه المنشطات المخدرة عبر المنافذ المختلفة، في الوقت الذي تعاظمت فيه ضبطيات (الكوكايين والهيروين) براً وبحراً وجواً.

(الصيحة) رصدت تفاصيل عمليات التهريب الأخيرة المستحدثة للمادتين وكيفية ضبطتها واتجهت لتحليل هذه الظاهرة عبر خبراء وعلماء في المجال والأسباب المنطقية في بروز هذه العمليات في هذا التوقيت، وتداعيات تعاطي المادتين على الفرد وعلى المجتمع وعلى الدولة، خاصة وأن الجرام منهما يباع بما يربو على الـ(100)دولار في السودان في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

تراجع وإحباط

أكد البروف أحمد عوض الجمل، أن السودان بدأ قوياً جداً في محاربة المنشطات، وكان في العام 2005 ضمن ست دول أنشأت الوكالة الأفريقية لمكافحة المنشطات في أفريقيا, وتم انتخابه في العام 2014 لنيابة رئاسة الوكالة، وفي العام 2018 كان هو الرئيس المكلف بالوكالة الأفريقية لمكافحة المنشطات لكون السودان رائد في مكافحتها، بيد أنه أعرب عن إحباطه وبقية العاملين في هذا المجال من عدم اهتمام السودان بمتابعة متطلبات وجوده في القمة في محاربة المنشطات عبر الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات, وأوضح أن الوكالة تجري فحوصات بأخذ عينات من اللاعبين تكلفتها لا تقل عن الـ400 دولار للفرد, وتجري نحو(20) فحصاً لرياضيين بالسودان في السنة عبر الوكالة الدولية كمنحة للسودان نسبة لعدم استطاعته سداد رسومها الباهظة, فضلاً عن إخضاعها (5) من الضباط المختصين في مجال مكافحة المنشطات و(2) من الكوادر المختصه في إدارة النتائج لتدريب، إضافة إلى  إعفاءات طبية وتدريب تمت لمجلس الإدارة ولرؤساء اللجان الأولمبية ولوزراء الشباب والرياضة وإرسالها لوسائل تعليمية ومطبقات معنية بمكافحة المنشطات سنوياً للسودان، وفي مقابل ذلك على السودان كدولة عضو في الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات دفع مبلغ (3) آلاف دولارسنوياً.

 حرج وتحذيرات

شكا البروف من عدم إيفاء السودان بالتزاماته المالية للوكالة الدولية لمكافحة المنشطات وكذلك الأفريقية والتي لا تتجاوز الـ(4) آلاف دولار، لأن الإجراءات تتوقف دائماً عند وزارة المالية بعد رفع مذكرات للجهات المسؤولة والتصديق عليها، وأردف أن السودان أصبح في وضع حرج على المستوى الإقليمي, كما أن هنالك مبلغاً يجب سداده من اللجنة الأولمبية للوكالة الأفريقية, مبيناً أن الوكالة الدولية تقدم لتدريب ضباط مكافحة المنشطات وكوادر طبية أخرى ما يفوق مبلغ الرسوم وما يربو على الـ(22) ألف دولار.

ولفت البروف إلى أن السودان لم يتمكن في العام 2019 من الترشح لرئاسة الوكالة لوجود بند يؤكد على أن أي دولة غير مسددة للاشتراكات لا يحق لها الترشح، وطالب بسداد الاستحقاقات القديمة للوكالتين لمكافحة المنشطات وعمل لجنة لمتابعة المتطلبات الفنية والتقنية المعقدة جداً بالمنشطات, وتحديد مقر دائم للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات وتشكيل مكتب تنفيذي لها، وعزا ذلك لوجود  متطلبات كثيرة للوثيقة الدولية في هذا الشأن، لأن الأمر غير متعلق بالتوعية فقط, ويتطلب وجود برنامج وعمل على مدار الساعة في هذا المجال, وحذر من أن عدم الالتزام بسداد الاشتراكات وتنفيذ ما جاء في الوثيقة يمكن أن تعتبر السودان غير متعاون ويمنع من المشاركة في الأنشطة الدولية, وشدد على أن الالتزام بالاشتراكات من المطالبات الأساسية في الوكالة الدولية, وأضاف: مع حلول شهر يناير2021 أن السودان إذا لم يوفق أوضاعه في مجال مكافحة المنشطات, يُعلَن غير متعاون وغير منضم للوكالة الدولية، وزاد: من الصعب العودة مجدداً إلى وضع كان ممتازاً جداً للسودان منذ إنشاء الوكالة، كما أن السودان صادق على اتفاقية اليونسكو لمحاربة المنشطات في 2011 ولكن البنود الخاصة بها غير مطبقة الآن في السودان ومواءمة القوانين الوطنية مع الدولية في هذا المجال.

وأعلن أن موجهات الوكالة الدولية الإعلان عن حالات الإيقاف التي تتم بسبب المنشطات عبر وسائل الإعلام, كاشفاً عن إيقاف (4) رياضيين سودانيين حالياً عن ممارسة النشاط الرياضي أحدهما تم إيقافه مؤخراً، مبيناً أنه تابع لمنشط معين، وكان قد أخذت عينات من عدد من اللاعبين وتم إيقافه هو, بينما في فترات سابقة تم إيقاف ثلاثة من اللاعبين.

 حظر واستهداف 

من جانبه قطع العميد شرطة حقوقي عبد الرحمن بدوي عبيد مدير الصالات والتارمك في إفاداته لـ(الصيحة) في ذات الصدد، بأن تهريب المخدرات عبر المطار كثير، مبيناً أن إدارته تعمل في هذا الجانب بطريقتين، الأولى بالكلاب الشرطية التي لديها وحدة كاملة في المطار، والطريقة الثانية عبر وحدة مخاطر من الأنظمة المستحدثة و”الإكس ري”، وفقًا لتحليل المعلومات والبيانات للوصول في النهاية لإنجازات متمثلة في الضبطيات، ولفت إلى وجود تعاون دولي عن طريق الإنتربول وكل المنظمات المعنية بمكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، كاشفاً عن تعاون في هذا الاتجاه مع منظمة الجمارك والتجارة العالمية لاهتمامهم بجرائم المخدرات وتهريب البشر وغسل الاموال.

ونبه العميد عبد الرحمن إلى أن السودان من الدول المستهدفة بالجريمة العابرة بكافة أشكالها، لكونه  في منطقة وسط وأن 90% من الجرائم قادمة أو عابرة من أفريقيا، وذكر أن المنظمات العالمية تدعم السودان من أجل المكافحة، واكد على أنجازات كثيرة لهيئة الجمارك في مجال المخدرات عندنا كثيرة جداً بالتعاون مع أجهزة أمنية أخرى، وعزا ذلك إلى أن قانون الجمارك يعلم كيفية التعامل مع الراكب ولغة الجسد ومن خلال المشاهدة التي يتيحها تصميم الصالات وفقاً لأساسيات معينة ، إلى جانب قراءة الراكب وفقاً لتصرفاته إذا كان مضطرباً أم لا، إلى جانب تفتيش الأمتعة الذي يتم بواسطة أجهزة عالية الجودة.

وأشار إلى أن الجهات المختصة في مجال الصيدلة والسموم حددت أن هنالك أدوية محظورة وممنوعة ويتطلب الأمر وجود تصديق مسبق لها، وفي حال أن المسافر أحضر كميات كبيرة، يتطلب الأمر تصريحاً من الصيدلة والسموم، مبيناً أنه يوجد في صالة الوصول مناديب من الصيدلة والسموم يراجعون الروشتات الطبية، نسبة لوجود أدوية تحتوي على مخدرات غير مسموح بدخولها البلاد، ويتم حجزها إلى حين إحضار الراكب التصاريح اللازمة.

تفاصيل صادمة

وكشف عن تفاصيل آخر جريمة منظمة لتهريب الكوكايين عبر مطار الخرطوم، بعد أن توفرت معلومات عن دخول (10) أجانب من دولة أفريقية غير مجاورة ضبطوا والمخدرات بحوزتهم عن طريق (البلع).

وأماط العميد بدوي اللثام عن التفاصيل الكاملة لأكبر ضبطية لتهريب الكوكايين حتى هذه الأثناء في العام 2020 عبر المطار بواسطة امرأة من دولة أفريقية، رجح أنها (مجندة) لإحدى عصابات المافيا وكانت تحمل حقيبة من دولتها تم تغييرها بحقيبة أكبر، وأبانت التحقيقات أنها جاءت إلى السودان بدعوة كعاملة منزلية، وجزم بأنها جريمة منظمة ورجح أن يكون تم فيها استغلال أو اتفاق مع العاملة لتهريب الكوكايين.

وقال لـ(الصيحة) مازالت حولها الاستفهامات لكونها غير ناطقة بالعربية وتريد العمل في السودان، وأوضح أنه عند تفتيش حقيبتها عبر الأجهزة كانت هنالك مؤشرات لوجود مخدرات، وتم اكتشافها من قبل ضابط كان أكثر ذكاء ومتابعة بين بقية الضباط، أصر على إعادة الحقيبة للتفتيش، وأكد أنها واحدة من الضبطيات التي تتطلب الوقوف عندها أكثر، (6) كيلوجرام كوكايين للسودان تعتبر كبيرة جداً، وزاد بدوي بأن المنظمات الدولية ما زالت متوقفه عندها ، وأحيلت إلى نيابة مكافحة التهريب فور عملية الضبط.

 

تهديد وقلق

حول تساؤل الصحيفة عن مشاكل جرائم المخدرات المنظمة أنه لا يتم الكشف عن الجهة التي وراء العملية، أوضح مدير الصالات والتارمك أن الجهة المتورطة في العملية يمكن الوصول إليها في حالة إذا كانت التحريات دقيقة ووجدت تعاوناً دولياً ومعلومة مسبقة، وإذا لم توجد الأخيرة تكمن الإشكالية، وأوضح أن مهمة أفراد الجمارك بالمطار الضبط، أما التحريات فتواصلها جهات أخرى تستكمل المعلومات، ولديها الوقت الكافي لذلك، مشيراً إلى أن مثل هذه الضبطيات لا تستغرق أكثر من ساعة لدينا كجمارك، ونبه إلى أن ضبطية الكوكايين هي الأبرز في العام 2020 على الإطلاق لكونها نوعية وباحترافية عالية.

وأعرب العميد حقوقي عن قلقه إزاء الكوكايين المضبوط بكميات، وهو من المواد الباهظة الثمن وقد تبلغ تكلفة (الشمة) الواحدة آلاف الجنيهات، وقال (إذا كانت منظمات إرهابية عايزة تدمر الشباب) بإمكانها تدمير السودان كله، وإذا كانت الكميات عابرة المشكلة أكبر للسودان، واحدة من أهداف الجمارك حماية المواطن من أي خطر، وثمّن مجهودات الضباط  والتمكن من (فلترة) الأمتعة وضبط الفتاة التي تحمل كوكايين، في طائرة  من بين (40) طائرة في ذلك اليوم تحمل 300 راكب تمكنت من استخراج 6 كيلو.

آثار وأضرار

تتعدد الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تعاطي الكوكايين والهيروين ولا تختلف كثيراً بين الدول وحتى المتقدمة، لكون أن المدمنين يتعاطون جراماً أو اثنين في اليوم الواحد، وأكد خبراء في مجال المخدرات وأطباء نفسيون رصدت الصحيفة إفاداتهم في هذا الجانب على أن المخدرين يؤثران على الجهاز العصبي المركزي، كما تحدث بعض التغييرات الملحوظة على  العين والأذن والأنف، والتعاطي اليومي للكوكايين يسبب الحرمان من النوم وفقدان الشهية وإلى سوء التغذية وفقدان الوزن.

ولأن الكراك يتدخل في طريقة معالجة الدماغ للمواد الكيميائية، فإن الشخص يحتاج إلى المزيد من هذا المخدر كي يشعر بأنه طبيعي.

وأوضح العلماء أن تعاطي النوعين يفسد القدرة على الحكم أو تعطل الوظائف الاجتماعية والعمل.

وتبدأ الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهما من تكلفة شراء المادة المخدرة والتي قد تصل لمبالغ طائلة فكم من مدمنين خسروا ملايين بسبب المادة المخدرة، عدم الالتزام والتركيز في العمل، والإساءة إلى الأهل والأبناء، ما يصدر منه أثناء وتحت تأثير التعاطي (حوادث وتكسير وفقدان لأشياء ثمينة). إضافة إلى أن القروض ظاهرة اجتماعية واقتصادية تنتشر لدى المدمنين والأصحاء، حيث يلجأ المدمن لأخذ قروض صغيرة أو كبيرة من المحيطين به لتوفير المادة المخدرة التي يتعاطاها، وعادة ما يلجأ المدمن لهذه القروض بعد أن يبدد كل أمواله وأشيائه الخاصة، فتضغط القروض على المدمن حتى بعد تعافيه وقد تكون سبباً للانتكاس.

ويتفق الخبراء على الآثار الاقتصادية باعتبار أن الأضرار بالنسبة للفرد تذهب بأموال متعاطيها إلى خزائن التجار الذين صدروها وتفننوا في سبل انتشارها والإغراء بها، لأن الفرد الذي يُقبِل على المخدر يضطر إلى استقطاع جانب كبير من دخله يصرف عليه، فتسوء حالته المالية، ويفقد ماله، كما دلت الإحصائيات على أن المخدرات لها أسوأ الأثر في المتعاطي فتجعله يكره العمل، وتحول المدمن إلى شخص عصبي غير منتج، كما أنه يفقد القدرة على التركيز نتيجة قلة نومه مما يؤدي إلى سوء الحكم على الأشياء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى