تحسين الاقتصاد.. القادم أحلى!!

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

بدا وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس، متفائلًا بإصلاح الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة، وعبّر عن رضاه عن البيئة المتوفرة حاليًا في قطاع الاقتصاد على الرغم من كل مؤشرات السخط بسبب ظاهرة الغلاء والتردي العام، ويستند الوزير في تفاؤله على ما اعتبره “اكتساب الحكومة الانتقالية خبرة من الممارسة دامت مدة عام في إدارة  الاقتصاد”، وأكد أنه لا زالت توجد فرص كبيرة لإحداث التنمية والتغيير.

وأكد الوزير الذي كان يتحدث في “ورشة قطاع التجارة والصناعة والتعاون” بمبنى المواصفات والمقاييس أمس الأول، أن تحسين الاقتصاد ومحاربة الغلاء ممكن عبر تفعيل نظام التعاون لضرب من أسماهم “الطبقة الطفيلية والسمسارة” الذين قال إنهم تسببوا في الغلاء وارتفاع الأسعار، بالاحتكار والتلاعب في رفع معدلات التضخم.

شكوك

ويشير اقتصاديون إلى أن معطيات الواقع بعيدة كلياً عن تفاؤل الوزير، حيث تحيط الشكوك وعدم اليقين بما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، بسبب الوضع السياسي الضبابي وتأخر الاتفاق على تشكيل حكومة تتولى إدارة فترة انتقالية، وأدى تأخر الوفاق السياسي لتنامي المخاوف من انزلاق اقتصاد السودان لهوة يصعب الخروج منها قريباً، بسبب استمرار الفراغ الحكومي وعدم التوصل لتسوية سياسية بين المجلس العسكري الانتقالي وممثلي المعتصمين والثوار.

واقع عكسي

وطوال الفترة التي أعقبت تشكيل الحكومة الحالية لم يشهد الوضع الاقتصادي تحسناً بقدر ما تفاقمت مشكلاته، رغم إكمال عامها الأول كنتاج لتغيير سياسي هو الأكبر من نوعه منذ 3 عقود، وخلال ذلك العام تزايدت المصاعب أمام المواطنين في توفير متطلبات المعيشة، كما تفاقمت أزمة سعر الصرف الذي انفلت لمستويات قياسية حتى بلغ الدولار نحو “250” جنيهاً، كما تراجعت خدمات الكهرباء والمواصلات والصحة، وفي غضون ذلك، واصل المواطنون الوقوف في طوابير للحصول على البنزين ورغيف الخبز، كما تباطأت أنشطة الأعمال مع ترقب وضوح اتجاه سياسة الاستيراد والنقد الأجنبي، تقول البنوك إنها لا تزال تفتقر للنقد الأجنبي اللازم لسداد التزامات وشيكة، ولا يزال الاقتصاد يرزح أيضاً تحت إرث الحكومة السابقة.

وشيئاً فشيئاً بدأ سقف تطلعات السودانيين الذي كان مرتفعاً لإحداث تحول حقيقي في إقتصاد البلاد، بعد ثلاثة عقود من التدهور الاقتصادي المستمر، وتنامي التفاؤل عقب تشكيل الحكومة في العام المنصرم، إلا أن مسيرة الأداء ضربت أحلام المواطنين في مقتل، وهو ما تدركه الحكومة جيداً، وذلك ما فسره مراقبون بأنه محاولة من الوزير لبث التطمينات بواقع أفضل لا تبدو ملامحه ظاهرة للعيان.

ولا تبدو معطيات الواقع الاقتصادي مبشرة، حيث فاقت توقعات غير رسمية لعجز الميزان التجاري 7 مليارات دولار، بسبب تراجع الإنتتاج المحلي لمستويات غير مسبوقة، وما ترتب عليه من نقص في بعض الصادرات وتوقف بعضها الآخر كلياً، ويتوفر للسودان أقل من 55 بالمائة من احتياجاته من المشتقات النفطية المختلفة، يقل فيها حجم الجازولين بشكل كبير، و30 بالمائة من حاجة الدواء، و25 بالمائة من القمح المخصص لدقيق الخبز، فيما يكلف سد فجوة الدواء المقدرة بـ 70% من الحاجة 600 مليون دولار سنويًا، مقابل ملياري دولار للدقيق، كما تتغير اسعار الصرف باستمرار بسبب سياسات حكومية فاشلة تسببت في فقد العملة المحلية 280% من قيمتها خلال العام الأخير.

قلة خبرة

وشكك كبير المصدرين، محمد عباس، في حديث وزير الصناعة، ووصفه بأنه “قليل الخبرة”، موضحاً أن قدرة الحكومة على الإصلاح أمر محل شك.

وعزا عباس لـ “الصيحة” الأمر لتخبط سياسات الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة تحديداً، موضحاً أن هذه السياسات تسببت في تدمير صادرات تعتبر الرافد الأساسي في تحسين الاقتصاد، وقطع بعدم إمكانية التحسن بغير معالجة جذرية وواضحة للمشكلات التي أدت للوضع المتردي حالياً.

الإصلاح أولاً

وشدّد رئيس منظمة الشفافية السودانية، الدكتور الطيب مختار، على ضرورة الإصلاح الحقيقي، وقال إنه يتم عبر مكافحة الفساد، ولجم المفسدين وانتهاج الشفافية في المال العام، موضحاً أن تطبيق المعايير العالمية في هذا الخصوص سيسهم بشكل فاعل في إصلاح الاقتصاد.

وقال مختار لـ “الصيحة” من المهم للحكومة أن يتبنى توجهات إصلاحية حقيقية تخاطب جذور المشكلات، موضحاً أن معايير وموجهات الفساد تعتبر المؤشر الذي يتم بموجبه تصنيف الدول بحسب انتشار الفساد فيها، وزاد أن أهمية هذه المؤشرات تتمثل في أن الدول ذات التصنيف المتأخر لا تحصل على مساعدات مالية مناسبة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى