الانتقالية.. من يُهِّمش من؟

 

تقرير / نجدة بشارة

 

“الشكوى لغير الله مذلة”.. ولكن أن تشكو الحاضنة السياسية للشعب تهميش أولي القربى.. من تجاهل الحكومة لها وصم آذانها عن سماع  قضايا اللجنة الاقتصادية.. والتي تعتبر ملفاتها من أولويات المرحلة.. فذاك أمر غريب، والأغرب أن اللجنة  طلبت  لقاء رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك  أو وزيرة المالية هبة محمود، منذ أغسطس المنصرم؛ كل هذه الأسباب تثير الحيرة والتساؤلات عن أسباب تهميش الحاضنة السياسية؟… بأي شيء انشغلت أو تشاغلت  الحكومة عن أهم مهامها؟ أم إن الأزمات أفقدت الانتقالية توازنها أو البوصلة في ترتيب الاولويات والمهام في ظل الضغوط التي أُفرزت من تكالب المحن… ثم من  أين تستقي  الانتقالية قراراتها؟

ما وراء الحدث

 

وكان عضو المجلس المركزي لـ”قوى الحرية والتغيير” قال في تصريح: إن رئيس الوزراء ومستشاره الاقتصادي ووزيرة المالية، غير مهتمين بلقاء اللجنة الاقتصادية لمناقشة وضع الاقتصاد، وسط مخاوف من حدوث ركود بعد انخفاض كبير في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية. وتدنت قيمة العملة الوطنية بصورة مريعة في السوق الموازي (الأسود)، حيث جرى تبادلها مؤخراً بنحو 250 جنيهاً للدولار الواحد، فيما اتجهت بعض المحال التجارية لتعليق البيع، الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث ركود اقتصادي.   وقال مهيد صديق بحسب صحيفة “آخر لحظة”: رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومستشاره الاقتصادي آدم حريكة ووزيرة المالية هبة محمد علي غير مهتمين بلقاء اللجنة الاقتصادية لـ”الحرية والتغيير”، حيث طلبنا لقاءهم منذ 11 أغسطس الفائت، وأرجع عضو المجلس المركزي تدني قيمة الجنيه في الفترة الأخيرة إلى إصرار الحكومة العمل بالموازنة المعدلة.

أولويات 

لكن مراقبين استبعدوا فقدان الحكومة الانتقالية البوصلة أو أن تكون قد ضلت الطريق، وعدوا ما يحدث ليس تهميشاً للحاضنة السياسية، لكن  القضايا الكثيرة التي  تحتاج الكثير من الجهد والوقت لمعالجتها، وتتنوع تلك التحديات ما بين السياسية والاقتصادية، الداخلية والخارجية، الحرب والسلام.

وكل ذلك مع ضرورة المحافظة على أهداف الثورة والمتمثلة في الحرية والديمقراطية.. شغلت الحكومة وتداخلت لديها الملفات.. وبالتالي أصبحت جهودها مشتتة في السعي خلف الأولويات لاسيما وأن الفترة السابقة شهدت تحديات صحية وماراثون السلام إضافة لقضية الكارثة البيئية مؤخراً.

ظرف استثنائي

 

يرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر في حديثه (للصيحة) أن الحكومة الآن تمر بظرف استثنائي وهي أشبه بمن يجلس على قارعة الطريق في مفترق طرق، وبالتالي بدلاً من تباكي الحاضنة السياسية على تهميش الحكومة لها.. حري أن تبحث معها عن كيفية الخروج معها من المأزق الراهن سواء سياسي أو اقتصادي إلى بر الأمان؛ وأردف: الوقت ليس للمحاسبة.

وقال خاطر: وفوق ذاك يجب أن تسعى الحاضنة إلى تعضيد  الثقة في الحكومة أمام الشعب الذي بات يستشعر الإحباط؛ خاصة أن اختيار الحرية والتغيير جاء على أساس الكفاءة والخبرات، وهذا ما يجعل الحاضنة تستمر في دعم حكومتها .

وقال إن إخراج اللجنة للهواء الساخن كان يجب أن يكون في اتجاه الدفع بالحلول أولاً لتتم مناقشتها في الهواء الطلق… فإن ذلك من شأنه أن يدعم مواقفها.. وبالتالي أرى أن الحكومة لم تذهب بمواقفها بعيداً عن الحاضنة ولكن ربما شغلتها قضايا السلام الفترة السابقة.. وهذا لا يعني إسقاطها للقضايا المصيرية مثل الأزمة الاقتصادية ومعاش الناس.

رقم لا يمكن تجاوزه

القيادي بقوى الحرية والتغيير أشار لـ(الصيحة) إلى أن  قوى التغيير ما زالت تمثل الخاضنة ومرجعاً للحكومة والرقم الذي  لا يمكن تجاوزه .. ولكن تحتاج إلى إعادة ترتيب البيت من الداخل… وتعد الآن لمؤتمر تشاوري لتنظيم وضعها وتجاوز الإشكالات التي أثرت على أدائها الفترة السابقة .

وقال إن الهدف من المؤتمر مراجعة أوضاعها التنظيمية بجانب دراسة مستقبل المكون في ظل ما حدث من تصدعات.

أضف لذلك على الحرية والتغيير أن تسعى بجدية لمعالجة السلبيات التي ظهرت في الممارسة والتطبيق الفترة السابقة.

البوصلة

يرى المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس أن الحكومة ستفقد البوصلة في حال لم تلتفت لمجلس الحرية والتغيير، لآن الحاضنة تعتبر مركزية لصناعة القرارات وبديلاً للمجالس التشريعية.. وكمجلس استشاري أو مراكز للتفكير تساعدها في اتخاذ القرارات.. وبالتالي فإن فقدان الحاضنة سيجعل الحكومة تتخبط… وقد يؤدي إلى استقلال الحكومة بقراراتها بمنأى عن حاصنتها ومستقبلاً قد تؤدي إلى تأليب هذه الخاصنة ضد الحكومة والضغط المضاد لاحقًا لتغييرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى