اتفاق حمدوك والحلو.. بين التفويض والتقويض!!

 

 

الخرطوم- مريم أبشر

على نحو مفاجئ أعلن في الساعات الأولى من يوم أمس الجمعة، عن توصل رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال عبد العزيز الحلو، إلى اتفاق بشأن وضع خارطة طريق تحدد منهجية التفاوض والاتفاق على إقامة ورش تفاوض غير رسمية من الجانبين لمناقشة القضايا الخلافية المطروحة مثل إشكالية العلاقة بين الدين والدولة وحق تقرير المصير، للوصول إلى فهم مشترك يسهّل من مهمة فرق التفاوض الرسمي.

وعاد حمدوك للخرطوم أمس، بعد ثلاثة أيام قضاها بإثيوبيا، أجرى خلالها مباحثات مكثفة مع الحلو، انتهت بإصدار بيان مشترك اتفق فيه الطرفان على الاستمرار في التفاوض والتأمين على رعاية دولة جنوب السودان للتفاوض عبر منبر جوبا.

نصوص خلافية

وأثارت نصوص البيان المشترك ردود فعل واسعة وجدلاً كثيفاً في الأوساط المختلفة، إذ اتفق الطرفان على إقامة ورش تفاوض غير رسمية من الجانبين مهمتها مناقشة القضايا الخلافية المطروحة للتفاوض مثل إشكالية العلاقة بين الدين والدولة وحق تقرير المصير للوصول إلى فهم مشترك يسهل من مهمة فرق التفاوض الرسمي، وشددت على سريان الاتفاق المشترك وأن يصبح ملزماً بعد المصادقة عليه من قبل المؤسسات المعنية، وأنه جاء لمعالجة القضايا العالقة في إعلان المبادئ ورهن العودة إلى المفاوضات الرسمية على ضوء ما يتحقق من تقدم في المفاوضات غير الرسمية، وأقر وضع مصفوفة لتحديد المسؤوليات والمواقيت الزمانية.

تقويض السلام

ويرى البعض أن الورقة الإطارية قد تكون مشروع تقويض لعملية السلام بصورة نهائية، وأكد رئيس مركز (الراصد)، المختص في العلوم السياسية، البروفيسور الفاتح محجوب عثمان لـ(الصيحة)، أن شرطي الوثيقة التي تم توقيعها أساساً من أولويات الحلو وقد دفع بهما في مفاوضات جوبا وغادرها عقب مواجهته لرفض قاطع من الوفد الحكومي المفوض وامتناع الوساطة عن فرض تلك الرغبات على الحكومة السودانية، حيث كان منطقهما هو أن هذه أمور قطعية ولا تستطيع الحكومة الانتقالية البت فيها ومن الأفضل أن تترك للحكومة المنتخبة، وقال محجوب إن الاتفاق الإطاري غير ملزم لكنه أكد أن مثل هذه القرارات تحتاج لتفويض على الأقل من المجلس السيادي والحاضنة السياسية من الحرية والتغيير.

واعتبر أن مثل هذه الأوراق الإطارية لن تؤدي إلى اتفاق سلام مع الحلو لأسباب كثيرة أهمها أن الشخص الذي يبدأ بفرض العلمانية أو تقرير المصير يضع مجموعة من الموانع التي تجعل الوصول معه لاتفاق كامل صعبة جداً، ونبه إلى إنه قد أشار في تصريح سابق إلى أن أي اتفاق يتم مع مالك عقار والجبهة الثورية لن يُعترف به ويعتبر نفسه ممثلاً لجنوب كردفان والنيل الأزرق لوجود جماعة منشقة من عقار معه في الحركة ولذلك فإن الاتفاق الذي وقعه عقار ليس له قيمة عند الحلو مما يضع اتفاق مع حمدوك في موقع رفض أيضاً لدى الطرف الآخر.

وقال محجوب إنه لا يعتبر خطوة حقيقية نحو السلام الشامل وإنما قد تكون خطوة نحو الحرب، ووصف البروتوكول بأنه ملغوم، وأشار إلى أن الحكومة الانتقالية غير مفوضة لإبرام مثل هذه الاتفاقيات، وأن حمدوك لم يكن موفقا لإبرامه لأنه قد يصعب التوصل لاتفاق.

ضعف التفويض

ورغم الفخاخ الكثيرة التي احتواها البروتوكول إلا أن محجوب يرى أنه يحمل نقطة إيجابية وحيدة، إذ أنه أبقى على استمرار وقف إطلاق النار، وقال إن الحلو هو المستفيد الأكبر منه لجهة أنه يضمن له حرية التنقل والسفر عبر وسائل المنظمات الدولية التي كانت ممنوعة من قبل النظام البائد حيث أصر نظام المخلوع على عدم السماح للإغاثة بالتدفق لمناطق الحركة إلا عبر الخرطوم وعبر تفتيش دقيق بينما أتاح له هذا الاتفاق حرية الحركة وحقق له الوضع الأمثل بالمحافظة على الوضع الحالي في وقت يعلم فيه تماماً ان الاتفاق الذي تم غير قابل للتنفيذ لضعف التفويض الذي يتمتع رئيس الوزراء للبت في قضايا مصيرية مثل تقرير المصير أو فرض العلمانية على السودان. وأكد أنه إلى الآن لا الجيش ولا قوى الحرية والتغيير مفوضان للبت في قضايا مصيرية وقد أكدا أنه يجب ترحيلها للحكومة المنتخبة.

أيام صعبة

لكن الناطق باسم الحركة الشعبية قطاع الشمال جناح عقار سعودي عبد الرحمن، يرى أن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين حمدوك والحلو تم التوصل إليه من خلال زيارة الأخير الشهيرة إلى كاودا، وقال إن ما يؤكد هذه الفرضية هو أن الحلو رفض لحمدوك استصحاب أي قيادات عسكرية من القوات المسلحة أو الأمن خلال تلك الزيارة حفاظاً على ما يمكن أن يتم التوصل إليه من اتفاقيات.

وأضاف سعودي لـ(الصيحة)، بأن الاتفاق يمكن ألا يخصم من اتفاق جوبا إذا ما تنازل الحلو وعقار عن مواقفهما الشخصية وتناسيا خلافاتهما ولكن إذا ما استمر كل منهما على مواقفه المتعنتة ومالا لـ”تكبير الكيمان” من الجيوش فإن شبح الخلافات قد يطيح بكل الاتفاقيات التي توصلا إليها مع الحكومة إن كان في جوبا أو في أديس أبابا حسب ما أعلن مؤخراً.

وتابع: “إذا تشعب الوضع بين قائدي الشعبية في المنطقتين مالك والحلو سنعيش في المنطقتين أياما صعبة وقد تشتعل نار الحرب مجدداً”. ونفى أن يكون للاتفاق الإطاري تأثير على اتفاق دارفور بأي حال من الأحوال.

وأهاب سعودي بالحلو وعقار أن يتفقدا الحال بالمنطقتين اللتين يعيش إنسانهما على حافة الفقر والضياع وهما يعانيان الأمرين اليوم وبحاجة ماسة لجهود الحركة الشعبية، وأن الخلافات الدائرة لا تخدم إنسان المنطقة الذي يتوق للأمن والاستقرار وظل يطالب بتوقيع السلام بأسرع ما يكون طوال السنوات الماضية، وأكد أن اللحظة قد حانت لإنجاز هذه الرغبة، وأن الاتفاقين اللذين تم توقيعهما قد يعيدا الاستقرار للمنطقة التي عاشت سنيناً من الحرب والضياع.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى