عضو المكتب القيادي رئيس حركة تحريرالسودان جناح مناوي بالنرويج محيي الدين حسابو لـ(الصيحة):

 

اتفاق السلام شمل المسكوت عنه منذ ٦٥ عاماً

تحوُّل الحركات إلى أحزاب يُساهم في تغيير البنية الهيكلية للسودان القديم

هيكلة المؤسسة العسكرية حفاظاً على هيبتها والعقيدة القتالية

كل ما يُنادي به الحلو وعبد الواحد مُضمَّن في الاتفاق 

حميدتي مقاتل شرس عرفناه في ميادين القتال والأحراش ولولا صبره لما توصّلنا إلى هذا الاتفاق

طوت الحكومة وحركات الكفاح المسلح صفحة مفاوضات استمرت لأكثر من تسعة أشهر، وإنهاء حرب امتدت لسبعة عشر عاماَ، تطورت من التنافس على الموارد الطبيعية الشحيحة والصراع على الأرض والسلطة إلى كفاح مسلح مع تدخلات إقليمية ودولية ترتبت عليها آثار للنزوح واللجوء وتدهور البنية التحتية..

وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، لها حضور فاعل في قضية دارفور وأحد صانعي الكفاح المسلح منذ تأسيسه، وقدمت قائدها العام عبد الله أبكر بشر شهيداً ورفاقه المهندس نور الدين الياس والصحفي حسن مانديلا وجدو صقور وعبد الكبير، ورئيس هيئة أركانها اللواء جمعة مندي، والقادة أحمد أبودقن ورجب جو، وكثير من القادة والمؤسسين الذين استشهدوا في ساحات المعارك..

ويعد الأستاذ محيي الدين آدم عبد الجبار حسابو، من أبرز القادة السياسيين للحركة بالخارج، وقد شارك في اتفاق أبوجا وكان بصندوق إعمار دارفور، وهو عضو المكتب القيادي وعضو وفد الحركة للمفاوضات ورئيس مكتب النرويج.

فمعاً إلى مضابط حوارنا معه:

حوار الغالي شقيفات

* كيف تقرأ اتفاق السلام الذي تم توقيعه مؤخراً بينكم والحكومة؟

عبركم أنتهز هذه السانحة الطيبة وأهنّئ جماهير الشعب السوداني العظيم وخاصة النازحين واللاجئين الذين ذاقوا ويلات الحرب خلال الـ ١٨ عاماً الماضية وصنوفاً من العذاب في ديارهم. كما أبعث التحايا الخالصة لجيش حركة تحرير السودان وقادتنا الأشاوس، والرحمة والمغفرة للشهداء الأبرار وعاجل الشفاء للجرحي والمصابين..

في الحقيقة، نحن أكثر سعادة بمناسبة توقيع هذه الاتفاقية التي تعتبر هدية للشعب السوداني وجماهير الهامش بصفة خاصة. هذا الاتفاق يحمل كل أشواق وتطلعات الشعب السوداني، وجميع مكوناته، لأنه لأول مرة في تاريخ السودان الحديث تُوقّع اتفاقية شاملة تخاطب جذور الأزمة السودانية وتُشخِّص المشكلات السودانية بكل شجاعة. هذا الاتفاق شامل لكل قضايا السودان المسكوت عنها طيلة الـ (٦٥) عاماً، قضايا السلطة والحكم، قضايا الأرض والحواكير، قضايا سكان  الكنابي، قضايا النازحين واللاجئين، قضايا التنوع الثقافي والدين…الخ)، هذه فرصة كبيرة للشعب السوداني الذي أنهكته الحروب والصراعات لأعوام عديدة أن يتوجّه نحو السلام والتنمية والتطوُّر والبناء..

بعض الأصوات تقول إن مسار دارفور لم يغطِّ كل مطالب النازحين واللاجئين كالتعويضات الفردية؟

يا أخي، مسار دارفور أخذ حيزاً  ومساحة معتبرة في الاتفاقية لما تتميز به دارفور من خصوصيات.. خصوصية دارفور تكمن في قضية الأرض والحواكير، وأيضًا قضايا  النازحين واللاجئين والمُهجَّرين وغيرها من القضايا الحساسة جداً… لذلك المسار أفرد ملفات ومساحة كبيرة خاصة بالنازحين واللاجئين وطريقة عودتهم لقراهم ومواطنهم الأصلية، إضافة لذلك أتاح مساحة ونقاشات مستفيضة في موضوع استرجاع الأراضي التي سُلبت منهم طيلة الـ ١٨ سنة الماضية.

المسار أيضاً خصص ملفاً كاملاً بالتعويضات، ومنها الجماعية والفردية وجبر الضرر، وهنالك مفوضية خاصة بهذا الشأن.. كما تضمّن ملف التعويضات التعويض العيني والنفسي والبدني للمتضررين.. وهذه أول مرة تتم معالجة قضايا التعويضات بصورة منصفة وشاملة  للأطراف..

* كيف تنظر إلى فترة الاتفاق وتمديد الفترة الانتقالية؟

نعم، اتفاق سلام جوبا تناول هذه الجزئية المهمة، وهي حسب اتفاق الأطراف (٣٩) شهرًا على أن يبدأ سريانها من تاريخ التوقيع..

نحن كحركة كفاح مسلح ملتزمون بما تم التوقيع عليه، ونعتقد أن هذه الفترة قد تكون فرصة كبيرة لترجمة الاتفاقية وإنزالها على الأرض، هذه الفترة أيضاً فرصة كبيرة لكي تُعطي جميع حركات الكفاح المسلح مساحة للالتئمام مع جماهيرها وتنشيط عضويتها التي ظلت متشوّقة ومحبوسة طيلة الـ ١٨ عاما الماضية.. هذه الفترة تعتبر سانحة كبيرة لحركات الكفاح المسلح أن تتحول إلى أحزاب سياسية قوية تخوض غمار الانتخابات القادمة..

* هل برأيك أن هذا الاتفاق سوف يُساهم في توسيع قاعدة المشاركة للقوى المدنية؟

بالتأكيد، هذه فرصة كبيرة في تاريخ السودان الحديث أن تتحوّل حركات الكفاح المسلح إلى أحزاب سياسية مدنية، وهذه الأحزاب سوف تساهم في تغيير البنية الهيكلية للسودان القديم وبالتالي هذه التغييرات هي بمثابة المرآة التي تعكس صور جميع السودانين بمختلف ألوانهم ولغاتهم وسحناتهم (الكل يجد نفسه)..

* وماذا عن بناء جيش مهني بعقيدة قتالية جديدة وفقاً لاتفاق الترتيبات الأمنية؟

يا عزيزي، اتفاق الترتيبات الأمنية أو ملف الترتيبات الأمنية كان أصعب الملفات، لأن مشكلة السوادان، مشكلة أمنية بامتياز،  تناول الاتفاق مسألة مهمة من جملة مسائل كثيرة وهي الاعتراف بإجراءات إصلاح وتطوير وتحديث في المؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية الأخرى. هذه الجزئية بالتحديد تشخص أس المشكلة في المؤسسات العسكرية والأمنية التي أصبحت (جهوية، قبلية، بيوتاتية) بامتياز، الأحزاب السودانية التقليدية القديمة تعتبر المؤسسات العسكرية حديقة خلفية خاصة بها تحركها حين تفشل في الانتخابات أو تشعر بالعجز تجاه هذا الوطن.. لذلك الاتفاق نادى بضرورة ان تكون المؤسسة العسكرية مؤسسة محايدة تعبر عن كل الشعب السوداني (غربه، شرقه، شماله، جنوبه)، تناول الاتفاق أيضاً مهنية القوات المسلحة وعقيدتها القتالية التي تم اختزالها في حماية مجموعة محدودة دون سائر الوطن والمواطنين. لذلك هيكلة المؤسسات العسكرية ضرورة حتى نعيد هيبة السوداني وعقيدته القتالية من أجل هذا الوطن.

* كيف تعبرون طريق اتفاق السلام الطويل في ظل التحيات الداخلية والأجندات الخارجية؟

طريق السلام شائك وطويل، وهنالك تحديات وأجندة داخلية وخارجية، لكن نحن كحركات كفاح مسلح عازمون على المضي قدماً نحو تحقيق تطلّعات الشعب السوداني.. سوف نعمل جنبًا إلى جنب مع رفاقنا في المجلس السيادي والحرية والتغيير لإنزال الاتفاق على الأرض وتطبيقها حتي ينعم الشعب السوداني بالعدل والمساواة والتنمية المتساوية والمتوازنة في جميع بقاع الوطن.

* ما مدى تأثير غياب الحلو وعبد الواحد على العملية السلمية في السودان؟

الرفاق عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور، لهما مكانه نضالية خاصة، ولكن هذا الظرف لا يتحمل التخندق خلف أجندات ضيقة، لأن اتفاق جوبا اتفاق شامل، نعتقد أنه تناول مجمل قضايا السودان وخاصة المسكوت عنها، كما يقول البعض (خط أحمر)، مثلًا إذا نظرنا لقضايا الأرض والحواكير تناولتها الاتفاقية، قضية العدالة وتسليم المطلوبين تضمنته الاتفاقية. ينادي الرفيقان بالحكم الفدرالي الديموقراطي والتوزيع العادل للثروة تناولها باستفاضة. إذن عدم وجودهما لا مبرر له في الظرف التاريخي المفصلي للدولة السودانية.  والرفيق عبد الواحد عليه أن يصل قطار السلام اليوم قبل الغد لأن المواطن وخاصة أهل دارفور لا يتحملون أكثر من ذلك، و إلا سوف يفقد الرفيق عبد الواحد السند الجماهيري في السودان عامة والهامش بالأخص.

* كيف تقيّم دور الفريق أول محمد حمدان دقلو في إنجاح المفاوضات؟

الجنرال محمد حمدان دقلو رجل مقاتل وشرس تعرّفنا عليه في الأحراش وميادين القتال، يتميز بقدر  كبير من الحكمة والحنكة، هذه الميزات  ساعدته في إنجاز هذا الملف الشائك والمتجذر منذ  عقود. وللأمانة والتاريخ لولا صبر وحكمة  الفريق أول محمد حمدان لما توصلنا لهذا الاتفاق الهام الذي ساهم في طي ملف الحرب في السودان والهامش خاصة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى