بروتوكولات دارفور.. ملامح السلام القادم

 

 

تقرير: عبد الله عبد الرحيم

أنهت الحكومة وحركات الكفاح المسلح مارثون المفاوضات بينهما أمس الأول، حيث وقعا معاً على البروتوكولات الثمانية كتقدمة للتوقيع النهائي الذي حدد له يوم غدٍ الإثنين بعد أن تم تأجيله من الجمعة 28 أغسطس لهذا الميعاد تحديداً. وقد وقعت حركات الكفاح المسلح على البروتوكولات الثمانية والتي تشمل كلاً من ملف السلطة وقع عليه إبراهيم زريبة عن تجمع قوى تحرير السودان، وملف  الثروة والنازحين واللاجئين وقع عليه حافظ إبراهيم عبد النبي عن التحالف السوداني، وملف  قضايا الرحل والرعاة وقع موسى حسان موسى عن التحالف السوداني، و ملف العدالة والحقيقة والمصالحة وقع محمود كورينا عن حركة تحرير السودان مناوي، والتعويضات وجبر الضرر وقعه سعيد يوسف ماهل عن التحالف السوداني. بينما وقع على ملف الأرض والحواكير من حركات الكفاح المسلح، التجاني الطاهر كرشوم عن تجمع قوى حركة تحرير السودان. بينما تبقى فقط محورا الترتيبات الأمنية واتفاق سلام دارفور والذي سيتم التوقيع عليهما لاحقاً ربما آخر ساعات نهار يوم أمس السبت.

وبحسب بعض قيادات قوى حركات الكفاح المسلح بجوبا فإن الترتيبات تجري على قدم وساق لإخراج اليوم الختامي للتوقيع على الاتفاقيات والمحدد بيوم الإثنين المقبل بعد أن عملت الوساطة بجهدها الكامل لإنجاحه. وأشارت ذات القيادات إلى أن التوافق عم كل المتحاورين في المباحثات التي جرت بجوبا خلال الأيام الماضية إحساساً منهم حسب قولهم بما يقع عليهم من مسؤوليات تجاه الوطن الذي لا زال يعاني عثرات مخاض الثورة وتقلصاتها من تحديات لا زالت تقف حجر عثرة في سبيل التطور والنماء. وأعرب معظم الذين تحدثوا لـ(الصيحة) عن أملهم في أن يخرج اليوم الموعد بالطريقة التي تنال رضا الجميع وبحضور مكثف من الشركاء والمراقبين من دول الجوار والدول الصديقة وحكومة جوبا التي لم تدخر جهداً لإنجاح المنبر الذي وجد الكثير من العقبات آخرها تأجيل توقيع الاتفاق لأكثر من مرة، فهل سيكون يوم غد الإثنين الموعد النهائي للتوقيع على اتفاق سلام دارفور أم إن أضابير التفاوض تحمل الكثير أو بعض المفاجآت وقد تقود لتأجيله مرة أخرى؟ وما مصير بقية الحركات التي لم تدخل في مسيرة التفاوض بمنبر جوبا مثل حركة عبد الواحد النور التي تعارض هذا الاتفاق؟ وهل البروتوكولات الثمانية التي تم توقيعها تمثل القضايا الأساسية والجوهرية لمواطني دارفور أم إن عجلة الصراعات ستجدد دورانها من جديد لتجاوز المنبر حركة عبد الواحد النور النشطة بجبل مرة؟ وما هي البروتوكولات التي تم الاتفاق عليها والتي تختص بالوضع في دارفور؟.

الأرض والحواكير

ينص البروتوكول على الإقرار بالحقوق التقليدية في ملكية الأراضي القَبَلية (الحواكير) والحقوق التاريخية المتعلقة بالأرض والمسارات التقليدية والعرفية للمواشي وفرص الوصول إلى المياه. وتقوم السلطات المختصة بدارفور (إقليم/ ولايات)، بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية وولايات الجوار بتنظيم فتح المسارات العابرة لحدود الولايات للرعاة الرُحّل للحد من احتمال حدوث نزاعات مع المزارعين. أيضاً تقوم السلطات المختصة بدراسة وتطوير وتعديل القوانين ذات الصلة لدمج الأعراف والممارسات الدولية لحماية التراث الثقافي في دارفور سيما المتعلقة بالأراضي والممتلكات. ويجب الأخذ في الاعتبار الآليات التقليدية لحيازة الأراضي في دارفور المتعلقة بفض النزاعات التي تنشب بين المكونات المجتمعية. واتفق الطرفان على ضرورة التعجيل بترسيم حدود أقاليم السودان بما في ذلك ترسيم حدود دارفور التاريخية عبر المفوضية القومية للحدود بعد إعادة تشكيلها. كما اتفقا على مراجعة وإلغاء تسجيلات الأراضي التي يثبت أنها مستلبة أو منتزعة قهرًا بعد يونيو 1989، مما يخولها الحق في استرداد الأرض. أيضاً اتفق الطرفان على حق الأفراد والجماعات في استرداد الأراضي التي انتزعت بسبب النزاع في دارفور. وتم الاتفاق بين الطرفين على إنشاء مفوضية الأراضي والحواكير في دارفور خلال 60 يوماً من تاريخ توقيع هذا الاتفاق للسماع والتوسط في دعاوى استرداد الأراضي المقدمة من قبل الأفراد والمجتمعات في دارفور الذين فقدوا أراضيهم بسبب النزاع.

تقاسم الثروة:

ونص البروتوكول على أن الطرفين يدركان أن السلام المستدام في السودان يتطلب التوزيع العادل للموارد والإيرادات بين حكومة السودان وأقاليم السودان المختلفة، سيما المتضررة من النزاع. إن الأراضي والموارد الطبيعية في أقاليم/ ولايات السودان بما فيها دارفور هي موارد ينتفع منها جميع أهل السودان. واتفق الطرفان على تنمية وتطوير قطاع الرحل باتباع سياسات تحقق تطوير هذا القطاع وذلك من خلال فتح المسارات لحل مشكلات النزاع بين الرعاة والمزارعين وتوفير كافة الخدمات وتشجيع الصناعات التحويلية لمنتجات الحيوان وفتح أسواق داخل وخارج السودان. ويؤكد الطرفان على أهمية حشد الدعم المحلي والإقليمي والدولي اللازم لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وتأهيل البنية التحتية، وتنفيذ برامج إعادة الإعمار والتنمية كما ينص عليها هذا الاتفاق. واتفق الطرفان على تحديد معايير وآليات لتقاسم الثروة والعائدات، يتم تنظيمها وفق قوانين ولوائح تستند على مبادئ التوزيع النسبي والمنصف والإدارة الشفافة والرقابة القومية والإقليمية والمحلية على الموارد. ويتفهم الطرفان أن مصادر الثروة المنصوص عليها في هذا الاتفاق لا تعني فقط إيرادات الدولة المباشرة، وإنما تشمل فرص إنتاج الدخل من توظيف في القطاعين العام والخاص، وعائد الاستثمار في المجالات المختلفة، وعائدات تجارة الحدود، والمنح والقروض و غيرها من مصادر الدخل.

ونص الروتوكول على صرف كافة أموال الزكاة المتحصلة في الأقاليم/ الولايات داخلها وفقا لأوجه مصارفها المختلفة.

إيرادات دارفور:

يحق لإقليم/ ولايات دارفور تنمية إيراداتها الخاصة، والحصول على الإيرادات من مصادر ضريبية وغير ضريبية بما فيها أنصبتها من مخصصات المفوضية القومية لقسمة وتخصيص ومراقبة الموارد والإيرادات المالية والصندوق القومي للعائدات، وإيرادات الضرائب والرسوم المختلفة (ضرائب المبيعات،  ضرائب الأعمال الخاصة بجانب نصيبها من ضريبة القيمة المضافة وضريبة التحسين، رسوم التراخيص، رسوم الأعمال) وعائدات استثماراتها وتجارتها الحدودية ونصيبها من بيع الموارد الطبيعية المستخرجة والمساعدات والمنح والقروض، وفقاً للسياسة القومية ونصوص اتفاق السلام.

النازحون واللاجئون:

يلتزم الطرفان بجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالنازحين واللاجئين المصادق عليها من قبل حكومة السودان . ويجب احترام وضمان حقوق الإنسان للمهجرين داخلياً احتراماً كاملاً، بموجب القانون الدولي والقانون الوطني، سواء كان خلال عملية العودة الطوعية وإعادة التوطين أو بعدها.  ونص الاتفاق على أن يولي الطرفان حماية النازحين واللاجئين من النساء والأطفال وجميع الفئات الضعيفة الأخرى اهتماماً خاصاً ضد جميع أشكال التحرش والاستغلال والعنف القائم على الجنس أو العنف القائم على النوع.  كما نص على أن يتمتّع النازحون واللاجئون بالحق في العودة الطوعية والمواطنة والهوية والمشاركة والملكية والسكن على النحو المبين في هذا الاتفاق .وتلتزم حكومة السودان بقبول عودة اللاجئين الذين غادروا الأراضي السودانية، بمن فيهم الذين مُنحوا حماية مؤقتة من قبل بلد ثالث.

التعويضات وجبر الضرر:

يتمتع جميع ضحايا النزاع في دارفور بحقٍ متساوٍ في الحصول على تعويض للخسائر والأضرار التي لحقت بهم أو بأسرهم نتيجة للنزاع في دارفور أو غير ذلك من الأعمال التعسفية أو غير القانونية الأخرى التي حدثت أثناء النزاع في دارفور. ويشمل جبر الضرر على سبيل المثال لا الحصر، الحق في الحصول على تعويض عن ممتلكات مفقودة  وسبل كسب العيش المفقودة وحالات وفاة في الأسرة، الإصابات الشخصية والصدمات أو الأضرار سواء كانت نفسية أو بدنية ناتجة عن النزاع في دارفور. ونص على أن للأفراد الحق في استرداد ممتلكاتهم أو الحصول على تعويض عن الممتلكات المفقودة أو المصادرة نتيجة للنزاع في دارفور.

ورقة السلطة:

اتفق الطرفان على استعادة نظام الحكم الإقليمي الفدرالي  تأسيساً على مبدأ إقامة نظام حكم فدرالي حقيقي يلبي طموحات المواطنين وإشراكهم في الحكم . اتفق الطرفان على إنشاء نظام الحكم الإقليمي  الفدرالي في السودان بما في ذلك إقليم دارفور على أن تتخذ حكومة السودان الانتقالية التدابير القانونية اللازمة  باستصدار قرار رسمي باستعادة  نظام الأقاليم في خلال مدة لا تتجاوز  شهرين من تاريخ توقيع اتفاق السلام. ونص الاتفاق على أن ينعقد مؤتمر لنظام الحكم في السودان في فترة لا تتجاوز (6 أشهر)، بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل. واتفق الطرفان على تمثيل طرفي الاتفاق في السلطة في مسار دارفور وفق الآتي: %40  من السلطة في دارفور لمكونات مسار دارفور. %30  من السلطة في دارفور لمكونات حكومة السودان الانتقالية. %10  من السلطة في  دارفور للحركات الأخرى الموقعة على هذا الاتفاق. %20  من السلطة في دارفور لأصحاب المصلحة.

قطاع الرحل:

اتفق الطرفان على إنشاء مفوضية تنمية قطاع الرُحَّـل والرعاة بإقليم/ ولايات دارفور خلال 60 يوماً من تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق  لتطوير وتنمية قطاع الرحل والرعاة والعمل مع السلطات المحلية والإدارة الأهلية لتنظيم حركة الرحل وفتح المسارات وتنظيم العلاقات بين المزارعين والرعاة . وتتاح إجراءات مفوضية تنمية قطاع الرحل والرعاة  في دارفور للعامة في غضون 6 أشهر من توقيع اتفاق السلام.            يتفق الطرفان على الهيكل التنظيمي والوظيفي لمفوضية تنمية قطاع الرحل والرعاة في دارفور وفق الأسس التي يحددها الاتفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى