القانون الأساسي

رابح شاكر يكتب :

 

اتفق فقهاء القانون على أن الدستور هو القانون الأعلى، وقبل أن يعرف الدستور بشكله الحالي، كان يسمى القانون الأساسي، والأساس كلمة ترجع أصولها إلى اللغة الفارسية وتعني الدستور قبل أن تعرف الأمم معنى مصطلح كلمة دستور. وللدستور تعريفات كثيرة، وقد اتفق فقهاء القانون على أنه (مجموعة من القواعد التي تبين هوية الدولة وطريقة الحكم فيها وشكل الدولة وسلطاتها واختصاصاتها وعلاقة هذه السلطات ببعضها البعض وتوضح وتبين الملامح السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتبين حقوق وواجبات الأفراد) والقانون الأساسي (الدستور) يسمى التشريع في منهج كليات الشريعة والقانون، وهو الأسمى في الدولة يسود على كافة القوانين المنظمة للدولة و(يحدد ماهية الدولة إذا كانت ملكية أو ديموقراطية جمهورية أو نيابية)، والقانون الأساسي يحدد شكل وصلاحيات ومستويات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وتحدد مهامها والعلاقة بينها.

وللدستور أنواع مختلفة كثيرة منها الجامد الذي لا يمكن إجراء تعديلات عليه إلا بإجراءات دستورية معقدة تبدأ بمقترح من داخل البرلمان المنتخب، ومن ثم موافقة الرئيس أو الملك كيفما كان شكل الحكم في الدولة، ثم يطرح على استفتاء شعبي عام وبعد تصويت الأغلبية المطلقة عليه يصبح نافذاً، أما الدستور المرن فهو يمكن أن يعدله الرئيس خاصة في ظل الأنظمة الدكتاتورية ويجيزه البرلمان ويصبح نافذاً، بصفتي طالب قانون اقترح علي المشرعين أن يكون الدستور موجزاً ومختصرًا وبسيطاً وجامداً ويتحدث عن الموضوعات العامة دون الإسهاب في التفاصيل حتى يكون دستوراً سامياً ولا يتحقق السمو إلا إذا كانت أحكامه أكثر ثباتاً وإجراءات تعديله معقدة ومشددة ونصوصه واضحة ومبسطة تضمن له الديمومة…

وهناك أمثلة لدول كثيرة تحتكم للدستور الجامد مثل إنجلترا وأستراليا الفدرالية، أما دولة الكويت فلديها دستور مختصر يناقش القضايا المهمة دون الخوض في التفاصيل، أما نحن وفي ظل حكومة الفترة الانتقالية التأسيسية يجب على المشرعين وضع قانون أساسي يحدد ملامح وطريقة الحكم بشكل دائم، وعندما نقول فترة انتقالية تأسيسية نعني أننا في حاجة لتغيير شكلي وموضوعي لطريقة نظام الحكم ووضع فلسفة جديدة للإدارة التنفيذية، وهناك فرق كبير جداً بين انتقال السلطة من الوضع الحالي الثوري إلى الحكومة الديمقراطية المنتخبة وبين الانتقال التأسيسي الذي يؤسس إلى دولة القانون والحريات الأساسية وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة يحتكم فيها الجميع لصندوق الانتخاب.

حكومة الفترة الانتقالية التأسيسية منحت فرصة من ذهب وذلك وفق التفويض الدستوري الذي نصت عليه الوثيقة الدستورية رغم معايبها وعلاتها، وكذلك موجهات قوى إعلان الحرية والتغيير عن تحقيق العدالة والحرية السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى