نفايات الخرطوم والخريف.. أزمة قديمة مُتجدِّدة

 

الخرطوم- فاطمة علي

إهمالٌ وعَدم رقابة

بيئةٌ مُترديةٌ وفوضى كبيرة تُحيط ولاية الخرطوم، بعد تراكُم كميات كبيرة من النفايات ومُخلّفات عيد الأضحى المبارك الذي انتهت عُطلته منذ أسبوع كامل، كما تحوّلت منطقة وسط الخرطوم إلى مُستنقع للنفايات والأوساخ التي ملأت كل الأماكن من الجوانب كَافّة ولم تسلم منها حتى الممرات والطرقات داخل مواقف المواصلات، وجاء مُوسم الخريف والأمطار ليُضاعف الأزمة ويُفاقم من الوضع الصحي والبيئي المُتردي، بينما لا تقوم الجهات المسؤولة باللازم للحفاظ على سلامة البيئة والسكان.

يُضاف إلى مشهد النفايات المُتكدِّسة، مشهد استغلال الباعة الجائلين و”الفرِّيشة” للأرصفة على الشوارع الرئيسة وداخل مَواقف المُواصلات في عرضٍ عشوائي للبضائع والسِّلع التي من بينها سلع غذائية ومواد تموينية، وتعمل المطاعم ومحلات الأطعمة وسط تلك البيئة المُتردية، إذ يعمل أصحاب المطاعم والكافتيريات في بيئةٍ خاليةٍ من الضوابط والقوانين الصِّحية بالتخلُّص من الفضلات بشكلٍ عشوائي، وكل ذلك يَجئ في ظل تفشي وباء (كورونا) أيضاً ليُؤكِّد على الإهمال وعدم الرقابة وتقصير سُلطات المحليات والجِهات المَسؤولة، بالرغم من الدعوات والمُبادرات الخاصّة بخلق عاصمةٍ نظيفةٍ وآمنة!!

تكدُّس المُخلّفات

وشَكَا عددٌ من المُواطنين الذين يقطنون بالقُرب من الأسواق من انتشار الذباب وتوالد البعوض بسبب تكدُّس النفايات منذ فترة ما قبل عيد الأضحى المُبارك، وعدم وُصُول عربات نقل النفايات، وزادت المُعاناة بعد ذبح الأضاحي وتكدُّس مُخلِّفاتها.

(الصيحة) تجوّلت داخل عددٍ من أسواق ولاية الخرطوم ومواقف المُواصلات، واستطلعت عدداً من المُواطنين والتُّجّار، وتَحَدّثَ المواطن إبراهيم عمر بمنطقة السوق المركزي بكثيرٍ من الأسى والغضب، وقال: “نعيش واقعاً مريراً وغلاءً فاحشاً في كل المُتطلبات، ونُواجه مُعاناة في التحرُّك بين الطرقات والممرات التي امتلأت بالنفايات التي ظلّت تُحاصرنا”!! وناشد إبراهيم بضرورة القيام بتطهير البيئة عامّة وخاصّةً أسواق الخُضر واللحوم التي باتت مكشوفة للذباب الذي توالد مع فصل الخريف وبِرَك مياه الصرف الصحي، بجانب مواقف المُواصلات بالولاية والتي تعمل في بيئةٍ مُترديةٍ، وذلك عبر الرش ونقل النفايات ووضع ضوابط وعُقُوبات لكل من يُلوِّث أو يرمي الأوساخ.

وَضعٌ كارثيٌّ وصَمتٌ حُكوميٌّ

أمّا عضو لجان المُقاومة بأم درمان عمار إسماعيل، فوصف الوضع البيئي بالكارثيُّ، واتّهم الجهات المسؤولة بالإهمال المُتعمِّد وعدم المسؤولية من السُّلطات التي لا تعير صحة المواطن أدنى اهتمام، وقال لـ(الصيحة): “نحن كلجان مُقاومة جلسنا مع المدير التنفيذي، وقدّمنا شرحاً وافياً عن مُعاناة المُواطن بسبب تراكُم النفايات، ووعد بحل المُشكلة”، وأضَافَ: “بكل أسفٍ ذهبت أدراج الرياح ومازلنا تحت وطأة النفايات وانتشار الأمراض والذباب”.

ومن جانبه، قال عضو تنسيقية سوق ليبيا محمد باعوضة لـ(الصيحة)، إنّ ما يحدث داخل سوق ليبيا من تردي الأوضاع الصحية والبيئية أمرٌ مُخزٍ، وَأَضَافَ: “ما زالت المصارف مغلقة بالأوساخ والنفايات مع دخول فصل الخريف، والمحلية صَامتة لا تُحرِّك ساكناً”، وشدّد على ضرورة تدخل والي الخرطوم بصورة عاجلة لحل مشكلة النفايات، وأكّد جاهزية لجان المُقاومة للتعاون مع السُّلطات.

غياب العربات

ولا يختلف المَشهد في سُوق الوحدة بالحاج يوسف عن سوقي أم درمان وليبيا، حيث تَحَوّلت منطقة السوق إلى مَكَب نفايات خَاصّةً الميادين والساحات، وشكا أيضا المُواطنون والسُّكّان عن غياب عربة النفايات لأكثر من (3) أشهر مِمّا ينذر بكارثةٍ بيئيةٍ، وقال عوض صالح أحد مُواطني منطقة الحاج يوسف لـ(الصيحة)، إنّه كان من الأفضل استغلال فترة الحظر والشروع في تنظيف العَاصمة وإصلاح الطرقات والشوارع، وتجهيز وفتح المصارف للخريف والذي كان يُفاجئ الحكومة السابقة، وأشار إلى الدور الكبير الذي تقوم به لجان المُقاومة، وأضاف: “لكن وحده لا يكفي”، وطالب صالح، السُّلطات بالالتفات إلى الوضع الصحي بالبلاد، كما اهتمت بمُحاربة فيروس (كورونا)، وأكّد أنّه لا بُدّ من تنظيف العاصمة.

وتخوف مُواطنو المُهندسين وأمبدة وأبو سعد، من تراكُم النفايات الذي أدى لتوالد البعوض والذباب، من انتشار الكوليرا والملاريا وغيرهما من أمراض التلوث، ووجّهوا انتقادات حادّة لسُطات ولاية الخرطوم، التي قالوا إنها انشغلت واهتمت بمكافحة (كوفيد – 19) وأهملت جانب النظافة وفتح المصارف استعداداً لفصل الخريف.

مَجهودٌ شَخصيٌّ

وقال المواطن حسن عبد الله منطقة – بحري الشعبية، إنّ المسؤولية مشتركة بين التجار والمُواطن والجهات المُختصة، ويجب محاربة ونقل ووضع النفايات في براميل مُختصة، وأضاف بأنّه في حال التزام كل الناس ستقل النفايات وأكوام المُخلّفات البيئية التي أدت لتوالد الذباب والبعوض بصورةٍ كبيرةٍ، وتابع بأنهم قاموا بمجهود شخصي بنظافة وفتح المصارف وحرق النفايات في أماكن بعيدة لعدم وصول عربة النفايات إليهم منذ أشهر، رغم الظروف الصحية الصعبة، وأكّد خُلُو الشوارع من النفايات.

جُهُودٌ حكوميةٌ

وعلى صعيد الجُهُود الحكومية، ينتظر أن تبدأ اليوم بالخرطوم حملة إزالة تراكُم النفايات واستدامة النظافة، وتستمر لعدة أيام لتشمل المحليات كَافّة، ويقود الحملة والي الخرطوم أيمن خالد نمر وأعضاء حُكومته في كُلِّ مَواقع العَمل.

وأكّد اجتماع برئاسة والي الخرطوم أمس، أنّ الحملة ستبدأ خلال الأيام القادمة وتستمر لعدة أيام، بالتزامُن مع حملة عمليات الرش الرذاذي لمُكافحة الذباب والبعوض، وتسلّمت دعم معدات الرش وآليات النظافة، وبمُشاركة الدعم السريع ومُبادرة نداء الخرطوم، وحشدت الولاية كمية من الآليات وحاملات النفايات بمساهمة القوات النظامية والقطاع الخَاص، بجَانب آليات المَحلَيّات، وتمّ إعداد جدول زمني لأيّام رفع التراكُمات من الأحياء والشوارع والميادين والأسواق والمناطق الصناعية.

وناشدت اللجنة الجهات المُشاركة كَافّة في تنفيذ الحَملَة للاهتمام بالمهام المُوكلة إليهم لإنجاح الحَملة، وطَالَبت لجان التغيير والخدمات ولجان المُقاومة ونفير ومنظمات المُجتمع المدني بمُساعدة المُواطنين في وضع النفايات بأماكنها المُخَصّصَة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى