الحَظر الأمني..!!

 الطاهر ساتي  يكتب :

 

:: الجمعة الفائتة، تلقّيت دعوة من صديقٍ عزيزٍ للمُشاركة في مهرجان لصيد الأسماك والألعاب النارية وتكريم بعض الرموز الفنية بجبل أولياء، فاعتذرت عن المُشاركة لظروف خاصة وأخرى عامة.. وكما تعلمون، فإن من الظروف العامة، والتي تمنع الجميع عن المُشاركة في مثل هذه الأنشطة، الالتزام بالبروتوكول الصحي المُعلن من قبل الدولة، ممثلة في اللجنة العليا للطوارئ الصحية، واحترام التوجيهات الصادرة عن سُلطات الصحة..!!

:: ربما رفعت حظرها عن محلية جبل أولياء، إذ لا يزال حظر اللجنة العليا للطوارئ بمحليات ولاية الخرطوم.. فالكباري والأسواق يتم إغلاقها بالقوات النظامية عند الساعة (6 م)، مع تقييد حركة المرور في الشوارع إلا بتصريحات صادرة عن السُّلطات العسكرية.. وكذلك كل صالات الأفراح والأندية مُلتزمة بتجميد نشاطها مع تشديد الرقابة عليها من قِبل السُّلطات.. وطوعاً واختياراً ينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن و… و…!!

:: فالكل مُلتزمٌ أو مُرغم على الالتزام بتوجيهات الدولة لحين الإعلان عن رفع الحظر.. ما عدا محلية جبل أولياء وبعض المسؤولين بالحكومة.. فالحشد الجماهيري في المهرجان، حسب رصد الفضائيات وبعض الصُّحف، كان يقارب العشرة آلاف مُشارك، يتقدّمهم وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح ووكيل وزارة الثقافة والإعلام جراهام عبد القادر، وآخرون من الذين نلقِّبهم بالمسؤولين..!!

:: خالطوا الجماهير، وتكدّسوا على حافة الجبل وقبالة الشاطئ نهاراً، وتزاحموا في ساحة الطرب وتكريم المُطربين ليلاً.. وكل هذه الجماهير، وكل المسؤولين، خالفوا توجيهات الدولة المانعة للتكدُّس والازدحام، فتكدّسوا وتزاحموا بمُنتهى اللا مبالاة.. ورغم المحاذير، على حافّة الجبل وقبالة الشاطئ، لم يلتزموا بمسافة التباعُد المُحدّدة – 1.5 متر – فيما بينهم، ولم يلتزموا بارتداء الكمّامات، ولم يلتزموا بعدم المُصافحة، ولو لم تُوفِّر لهم لجنة المهرجان المُعقّمات..!!

:: ومن الغرائب السودانية، عاد الناطق الرسمي باسم الحكومة من مهرجان الجبل، ليُخبر الرأي العام بأنّ لجنة الطوارئ الصحية قد جدّدت تجميد النشاط الرياضي لحين التأكُّد من تطبيق بروتوكول “فيفا”، ثم أضاف: (هناك مخاوف من عدم تطبيق الإجراءات الصحية)، فتذكّرت حكاية الريفي الذي دَاسَ قدم إحدى حسان المدينة في زحام، فصاحت الحسناء: (يا راجل إنت عميان؟، شيل كُراعك من رِجلِي)، وسألها الريفي بغضبٍ: ( كدي خلِّينا من العمى، ليه حقتِك رِجِل وحقتي كُراع؟)..!!

:: مهرجان الجبل الذي حشد الآلاف تحت سمع وبصر  ومُباركة سُلطات بالدولة – ونطاقها الرسمي – لم يُطبِّق أي بروتوكول، ومع ذلك تُقرِّر سُلطات أخرى بذات الدولة تجميد مباريات – يُمكن لعبها بلا جماهير – لحين التأكُّد من تطبيق بروتوكول، وكذلك تُقرِّر سُلطات أخرى بذات الدولة إغلاق الكباري والأسواق عند السادسة مساءً.. ليبقى السؤال (عندنا كم دولة؟)، أم هكذا حال الدولة ذات السُّلطات العشوائية والمعزولة عن بَعضها والعَاجزة عن إدارة الأزمات بوعي ومؤسسية ومسؤولية..؟؟

:: والمُهم.. ما لم يكن حظراً أمنياً مُراد به الهروب من مسؤولية إدارة حياة الناس، فعلى السُّلطات رفع هذا الحظر غير المُنصِف، لتعود حياة الناس إلى طبيعتها.. نعم، طالما الحظر غير معمولٍ به، فلم يعد هناك أيِّ معنى أو جدوى لإغلاق الكباري والأسواق وتَعطيل الجامعات والمدارس ودواوين الحكومة.. ومِنَ الخطأ أن تُراهن الحكومة على هذا الحظر في تغطية عجزها عن توفير الوقود للمركبات، والكهرباء للمرافق، والمواصلات والرغيف لطلاب الجامعات..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى