مَنَاخَ التّهرِيج..!!

 

:: كَمَا كان يفعل سادة النظام المخلوع في مثل هذه الأزمات، دَعَا إبراهيم الشيخ، الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي لقِوى الحُرية والتّغيير، دَعَا الشعب  إلى الصّبر واحتمال الأزمة الاقتصادية.. لا فَرق، أي البعض الخالع لا يختلف عن المَخلوعين كثيراً.. عفواً، الشيخ، يَختلف عن المَخلوعين بدعوة الشعب إلى الصبر واحتمال الأزمة، وليس إلى الصبر والاستغفار، أو كما كانوا يدّعون في عهد المخلوع.

:: ولكن الشيخ لم يُحدِّد للشعب فترة الصبر إن كانت شهراً أو عاماً أو حتى الموت.. لم يُحدِّد، ولن يُحدِّد، لأنّه – مثل الشعب – ينتظر ليلة القدر المُسمّاة بالمؤتمر الاقتصادي.. وليس الشيخ وحده، بل كل السادة بقِوى الحُرية، لا يملكون من الحُلُول غير الحديث عن عصا موسى المُلقّب بالمؤتمر الاقتصادي المُرتقب.. كاد مجلس الوزراء أن يبدأ ترشيد الدعم في يناير، ولكنه تراجَع بأمر قِوى الحُرية، لحين عقد المؤتمر الاقتصادي..!!

:: نصف عامٍ من عُمر حكومتها، ولا تزال قِوى الحُرية تحدِّثنا عن المؤتمر الاقتصادي.. تَفاجأت بالثورة، ثُمّ تَفاجأت بسُقُوط نظام البشير، ثُمّ تَفاجأت بحكومة حمدوك، ولذلك عاجزة عن تقديم حُلُول شاملة لكل قضايا البلاد، بما فيها الأزمة الاقتصادية.. والأدهى والأمر، قِوى الحُرية ليس فقط عَاجزة عن تقديم الحُلُول، بل ترفض حُلُول حكومتها أيضاً، وتتدخّل في ما لا يعنيها، رفعاً للدعم كان أو إدارة للأزمة..!!

:: وعلى سبيل مثال آخر، فَرضت قِوى الحُرية نفسها في اجتماع القصر مع المجلس السيادي ومجلس الوزراء.. ويومها، أحسنت الظن وقلت أن يجتمع السادة بالمجلس السيادي ومجلس الوزراء وقِوى الحُرية والتّغيير، ثُمّ يتّفقون على تشكيل آلية لحل الأزمة الاقتصادية، فإنّ هذا الاتّفاق – في حَدِّ ذاته – دليل عافية ومُؤشِّر بأن الأزمة في طريقها إلى الحل، أو هكذا كان حُسن الظن.. ولكن كالعهد بهم، صنعوا أزمة جديدة بدلاً من حل الأزمة الاقتصادية..!!

:: فالشاهد، من مثلوا قِوى الحُرية – في اجتماع القصر – هُم الذين رشّحوا نائب رئيس مجلس السيادة لرئاسة الآلية الاقتصادية، فأثنى على ترشيحهم مَن مثلوا مجلس الوزراء.. ومع ذلك، يزعم إبراهيم الشيخ بأنّ تعيين رئيس الوزراء رئيساً للآلية، أي بديلاً لنائب رئيس مجلس السيادة، حَدَثَ في إطار فصل السُّلطات والتزاماً بالوثيقة الدستورية، أو هكذا يُبرِّر فشلهم و(تخبُّطهم)..!!

:: لم تكن هُناك وثيقة دستورية في البلاد عندما اجتمعوا ورشّحوا الفريق أول حميدتي رئيساً للآلية الاقتصادية، ولم يكن فصل السُّلطات مُهمّاً.. هذا أو فجأةً، بعد ترشيحهم وتعيينهم للفريق أول حميدتي، تذكّر إبراهيم الشيخ ورفاقه أنّ للبلاد وثيقةً دستوريةً، وبالوثيقة الدستورية ما يُسمُّونه بفصل السُّلطات.. هكذا إدارتهم، للأزمة والدولة.. نصف عامٍ، ولم يتعلّموا أن يُديروا أمور الناس بعُقُول (رجال الدولة)..!!

:: وحتى يوم مُحاولة اغتيال رئيس الوزراء، بدلاً من دعوة الشعب إلى الهُدُوء وتجنُّب المخاطر والفتن لحين اكتمال التحقيق، كانت دعوتهم بالنص: (إننا ندعو كافة جماهير شعبنا في العاصمة للخُرُوج في مواكب، والتوجُّه لساحة الحُرية لإظهار وحدتنا وتلاحمنا، وندعو كل أبناء وبنات البلاد في كل أرجاء الوطن للخُرُوج في مواكب حماية السُّلطة الانتقالية وإكمال مهام الثورة)..!!

:: وفي مناخ التهريج هذا، كان طبيعياً أن يُسرِّح وزير الصحة أكرم علي التوم، جميع المُوظّفين والعُمّال، ويأمرهم بإخلاء مباني الوزارة والعودة إلى منازلهم (فوراً)، مع إلغاء كل اجتماعات الإدارات وأنشطتها، وكأنّ البلاد تتعرّض لغزوٍ أجنبي.. هُم هكذا.. وعليه، قد يكون المسؤول مُخلصاً وصَادقاً ورَاغِباً في تغيير حال البلد نحو الأفضل، ولكن يجب أن يتعلّم صفات القيادة، ليصبح (رجل دولة)، ومن الصفات ألا يكون مُهرِّجاً..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى