الخريف.. امتحان كل الموسم

 

 

الخرطوم- جمعة عبد الله

ربما تأخّرت الأمطار الغزيرة في كثير من ولايات السودان هذا العام عن موعدها المُعتاد، لكنها عندما جَاءت هَطلت بكمياتٍ فوق المُعدّل المُعتاد، الأمر الذي ينعكس تلقائياً في زيادة مَناسيب النيلين الأزرق والأبيض والنيل الرئيسي، وفي جريان السُّيول على مساحات واسعة من مناطق البلاد، وبالتالي زيادة الخسائر المادية والبشرية، وفي المُقابل بدا أن الحكومة الانتقالية تفاجأت مثل سَابقاتها من الحكومات بالفصل المَعلوم المَوعد، وبدلاً من الحلول المُستدامة التي كان يجب العمل عليها منذ وَقتٍ مُبكِّرٍ، لجأت الحكومة إلى مُطاردة الحلول الإسعافية وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وتكرّر المشهد بطريقة كربونية عندما مدّت سيول شرق النيل لسانها للاستعدادات التي جرى الحديث عنها منذ عدة أشهر، والخسائر هي ذات الخسائر وربما تكون أفدح مع توقُّعات تزايُد الأمطار والسيول، ليظل خريف السودان امتحاناً كل موسم!!

ارتفاع الخسائر

منذ أول تقرير أصدره المجلس القومي للدفاع المدني، ظهرت مناطق الهشاشة والجهات التي ستكون أكثر تأثُّراً بخريف هذا العام، وبالرغم من التّطمينات التي تبثّها الجهات الرسمية مَصحوبة بالأرقام، إلا أنّ مَخاوف المُواطنين تتزايد من قادمٍ سيئ، سَيما مع هطول أمطار غزيرة خلال اليومين الماضيين.

وكَشَفَ تقرير المجلس القومي للدفاع المدني الصادر أمس الجمعة، عن ارتفاعٍ جديدٍ في حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الخريف والسيول والأمطار، حيثُ ارتفع عدد الوفيات والإصابات وبلغت الوفيات (14) والإصابات (12)، مع انهيار كُلي لـ(2984) منزلاً، وانهيار جُزئي لـ(3092) منزلاً، فيما بلغ عدد المرافق المُتضررة (45) متجراً و(88) مخزناً.

وأوضح تقرير المجلس أنّ الضرر في القطاع التّعليمي بلغ (34) مرفقاً، وفي القطاع الخدمي (1)، بينما تَضَرّرت (10) مساجد، وبلغ عدد الولايات المُتأثِّرة جَرّاء الأمطار التي هطلت بالبلاد أمس الأول الخميس (10) ولايات شملت “شمال دارفور، الجزيرة، البحر الأحمر، القضارف، سنار، الشمالية، النيل الأبيض، النيل الأزرق، غرب دارفور وولاية كسلا”، وأكد المجلس على عمل قُوّات الدفاع المدني في سحب المياه المُتراكمة بواسطة قوات الدفاع المدني في كلٍّ من ولاية الجزيرة والخرطوم.

ارتفاع المناسيب وتوقُّعات الأمطار

وفي السياق، أعلنت وزارة الري والموارد المائية في البيان اليومي للجنة الفيضان أمس الجمعة، ارتفاع مناسيب المياه في جميع القطاعات عدا قطاع سنار – الخرطوم الذي سيشهد استقراراً، وأشارت إلى أنّ منسوب المياه في الخرطوم تجاوز منسوب الفيضان بـ(4) سم، فيما سجّلت محطة القياس في عطبرة (15.78) سم وهو تجاوز لمنسوب الفيضان بـ(10) سنتيمترات وهو المنسوب الذي تبدأ فيه المياه بالخروج من مجرى النيل وتملأ المناطق المُنخفضة حول النيل.

ووجّهت الوزارة، الجهات المُختصة والمُواطنين باتخاذ الحيطة والحذر حفاظاً على أرواحهم ومُمتلكاتهم، وقالت إنّ الإدارة العامة سَتُواصل مُتابعة موقف الفيضان.

من جانبها، توقّعت وحدة الإنذار المُبكِّر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية أمس، أن تشهد ولايات كسلا والقضارف وسنار ودارفور وجنوب وغرب كردفان والنيلين الأزرق والأبيض والجزيرة والأجزاء الشمالية من ولايتي البحر الأحمر ونهر النيل هطول أمطار تتراوح ما بين مُتوسِّطة إلى غزيرة، وقالت إنّ أجزاءً مُتفرِّقةً من ولايات الشمالية وشمال كردفان والخرطوم والأجزاء الجنوبية من ولاية نهر النيل ستشهد أمطاراً خفيفةً.

نهر النيل والجزيرة

وعلى الصعيد، أعلنت غُرفة عمليات الدفاع المدني والطوارئ بولاية نهر النيل، عن ارتفاع كبير في مناسيب نهر النيل والأتبراوي.

وناشدت غرفة عمليات الدفاع المدني والطوارئ بالولاية، جميع المُواطنين خَاصّةً القاطنين على ضفاف الأنهار والمناطق التي تأثّرت في الأعوام السابقة من الفيضانات بأخذ الحيطة والحذر، ودعت الغُرفة، جميع المواطنين للابتعاد عن مجاري الأنهار والوديان والمناطق المُنخفضة حفاظاً على الأرواح والمُمتلكات.

من جهتها، وقفت اللجنة الفنية لطوارئ الخريف بولاية الجزيرة في اجتماعها برئاسة مدير عام وزارة التخطيط العمراني، رئيس اللجنة د. نجم الدين الأمين أمس، على احتياجات المَحَليّات لمُجابهة طوارئ الخريف من خلال تقارير المُديرين التنفيذيين بالمَحليّات، حيث أكّدوا ضرورة توفير الآليات والخِيم والشيكارات والمَواد الغِذائية والمُشمّعات.

وأعلن المدير التنفيذي لمحلية القرشي، عن تأثُّر أكثر من (25) قرية بالأمطار وتهدم (500) منزل ونفوق (10) من الحيوانات وتصدع (3) مدارس، إضافةً لتضرُّر رقعة واسعة من الأراضي الزراعية، ودعا لتوفير دعمٍ عاجلٍ من الأغذية والخيم والمُشمّعات والآليات.

فيما كشف المدير التنفيذي لمحلية المناقل محمد علي عبد الله؛ عن تضرر أكثر من (150) أسرة مُوزّعة على (7) قرى، وتهدم (62) منزلاً انهياراً كاملاً، و(80) منزلاً جزئياً؛ ووفاة (5) أشخاص؛ وإصابة (9) آخرين، ونفوق (10) من الحيوانات؛ وتأثُّر (3) مدارس جزئياً، ونوّه إلى حوجة المحلية العاجلة للمواد الغذائية، ومواد الإيواء والآليات، ودعا رئيس اللجنة إلى ضرورة التّنسيق مع وزارة الري وإدارة مشروع الجزيرة ومصانع السُّكّر وتفعيل المُجتمع ولجان المُقاومة، وإعمال روح النفير والتّعاوُن بين مُكوِّنات المُجتمع المدني بالولاية لمُجابهة طوارئ الخريف.

وتُفيد الأنباء الواردة من الولايات التي تتعرّض لمُعدّلات كبيرة من الأمطار والسيول بإجراء استعدادات استباقية، إلى جانب إعلان تسخير كل الإمكانات المادية والفنية واللوجستية لطوارئ الخريف وإزالة الآثار السَّالبة التي تنجم عن مياه الأمطار والسُّيول، عَلاوةً على مُحاولة تقديم الدعومات العينية والمَاديّة للمُتضرِّرين، لكن القرى التي ما زالت تُعاني من آثار الخريف الماضي تضع الحكومة في مُواجهة الفشل أو النجاح في الامتحان المُوسمي..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى