نقص الوقود.. أزمة متكررة بلا حلول

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

تزايدت أزمة الوقود باصطفاف عشرات المركبات أمام محطات الخدمة، بمختلف أنحاء العاصمة، فيما تزايدت الأزمة أكثر بالولايات، فأثرت على حركة نقل البضائع، خاصة ببورتسودان، حيث أكدت مصادر وقوف شاحنات لعدة أيام بحثاً عن حصة من الوقود.

ورصدت “الصيحة” تكدسًا في محطات الخدمة خلال اليومين الماضيين، وقال سائقو مركبات إن الحصول على الوقود بات “مهمة صعبة”، مشيرين الى اضطرار البعض للبقاء ساعات طويلة حتى يتزود بالوقود، كما عمقت الأزمة من صعوبة المواصلات، بتوقف بعض المركبات في محطات الخدمة.

واقترح خبير الإستراتيجية والمعلومات، د. خضر حسن عوض، حل أزمة الوقود بربط كل محطات الوقود بشبكة صراف آلي وربطها ببنك السودان لعمل كتلة نقدية واحدة وتغيير بطاقة المركبة الخاصة بالمركبة ببطاقة ممغنطة وتحديد حصة أسبوعية معينة للمركبة على حسب نوعها حتى الركشات، ويتم صرف الحصة عن طريق إدخال البطاقة الممغنطة بأي محطة وقود وعند نفاد الحصة الأسبوعية لا يمكن للمركبة صرف أي وقود إلا في الأسبوع التالي.

وأكد خضر أن المشاريع الزراعية أيضا يعمل لها بطاقة ممغنطة ويتم صرفها بعد زيارة ميدانية من وزارة الزراعة وتحديد حصة أسبوعية على حسب المساحة، وأي عربة غير مرخصة لا يمكن لها صرف أي حصة وقود موضحاً أن النتائج لهذه الخطوة حال تطبيقها تؤدي الى توفير السيولة النقدية للبنوك وتقليل التضخم، حيث أن البطاقة الممغنطة تتم تعبئتها بواسطة المصارف أو مراكز خدمة والتخلص من الازدحام بالشوارع، والتخلص من أزمة الوقود وتنظيمها بصورة ممتازة والحد من ظاهرة التهريب.

بينما ترى أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزيرة إيناس إبراهيم، أن المطلوب من الحكومة سياسة متكاملة لتنظيم قطاع النفط وليست معالجات جزئية، ونوهت إلى عجز الإنتاج المحلي عن تغطية حاجة البلاد من الاستهلاك ودعت لتسريع وتيرة العمل في المربعات المستكشفة تمهيدًا لإدخالها في دائرة الإنتاج لسد العجز المحلي، موضحة في حديث لـ “الصيحة” أمس، أن تحرير سوق المنتجات النفطية خيار لا تستطيع الحكومة تطبيقه، لذا لا بد من تطمين المواطن بأن خطوة تسجيل المركبات والحصول على البطاقات جزء من سياسة كلية تهدف للحد من تهريب المشتقات النفطية ومحاربة السوق السوداء.

فيما يؤكد صاحب عربات لنقل البترول ـ فضل حجب اسمه ـ بعدم وجود مشكلة في النقل، وعزا الأزمة الحالية في الوقود الى نقص الاستيراد الحكومي، وشكا لـ (الصيحة) من تضاعف تكلفة النقل الى عشرة أضعاف مقارنة مع قيمة الترحيل، فضلاً عن ارتفاع أسعار الاسبيرات.

 ويتفق خبراء اقتصاديون بأن أزمة الوقود في البلاد إدارية وسياسية قبل أن تكون اقتصادية ما يؤكد على وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار، وأشاروا الى أنه من المفترض وحسب سياسة الترشيد والتقشف التي اتبعتها الدولة بغرض توفير الأساسيات من السلع ألا يجد المواطن معاناة في شتى المجالات للحصول على السلع، حيث أثرت سياسة التقشف عليه سلباً بصورة كبيرة، خاصة وأن المواطن اكتوى بنار السياسة الانكماشية وأثرها السالب في توفر السلع والخدمات الخاصة حتى الأدوية في ظل غياب الإنتاج والإنتاجية. فضلاً عن الأثر البالغ جدًا لأزمة الجازولين والوقود امتداد لآثار نفسية على حياة الناس، ما أرجع البلاد للمربع الأول المتمثل في وضع الندرة السائد قبل سياسة التحرير الاقتصادي والأثر الاقتصادي سالب جدًا وشمل الإنتاج الزراعي والصناعي والكهرباء والبيئة. واعتبروا تكدس السيارات في محطات الوقود تعطيلاً لطاقة كبيرة جدًا وأن المبررات التي ساقتها الحكومة بشأن الأزمة غير مقبولة.

ويرى الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان أنه لا معنى لوصف أزمة الوقود بالإدارية، وأضاف أن الوضع الحالي مأزوم ومحاولة التبرير بأنه أسباب إدارية لا معنى له لجهة أن الأسباب حقيقية، وقال بأن أزمة الوقود والخبز في الأصل بسبب الدعم وعدم قدرة الحكومة على الالتزام بتحمل تكلفة الدعم في ظل عدم التوازن في ميزان المدفوعات الخارجي، وأشار لـ(الصيحة) بأن الحكومة في الوقت الراهن تعاني من شح النقد الأجنبي مما انعكس على سعر الدولار في السوق الموازي وانصراف الدولة للسوق لشراء الدولار بغرض استيراد الوقود والقمح مما أدى إلى ارتفاعه خلال 3 أشهر، واصفًا الوضع الحالي بالكارثي وينذر بتجدد الأزمة مرات ومرات، وقال إن الحكومة ليس أمامها سوى رفع الدعم عن المحروقات أو الحصول على دعم خارجي أو حدوث معجزة تتمثل في ظهور مكتشفات بترولية، لافتاً إلى أن الولايات تعاني من شح كبير في الوقود، بجانب وجود تخوف كبير وسط المزارعين من عدم توفر الجازولين لبداية الموسم الزراعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى