أزمة الدواء… كارثية الوضع والحلول!!

أزمة الدواء… كارثية الوضع والحلول!!
تقرير- ابتسام حسن
رسائل صادمة بَعَثَ بها وزير الصحة د. أكرم علي التوم في الفترة السابقة، مفادها أن مخزون الأدوية لا يكفي البلاد لمدة أسبوعين.. ويبدو أن المشهد أخطر مما عرضه وزير الصحة، سيما أن لحظة بث الرسائل وقبلها، ظل المرضى والصيادلة على حدٍّ سواء يجأرون بالشكوى من وضع الدواء بالبلاد، في وقت يُعاني فيه المرضى بالمستشفيات من كوادر طبية ضعيفة تحرر الدواء للمريض عبر وصفتها الطبية بـ(رزق اليوم باليوم)، خاصة المرضى الذين تُجرى لهم عمليات والذين يكونوا في سباق مع الاختصاصي لتحرير الوصفة التي يطلبها الممرضون، أضف إلى ذلك أن المرضى على غلاء أسعار الدواء مطلوب منهم توفير ميزانية قد تصل في اليوم الى ثلاث مرات، تتمثل في ميزانية الترحيل من المستشفى المعين إلى صيدلية الإمدادات الطبية، ذلك لأن ارفف الصيدليات خالية تماماً من مطلوبات المرضى من الأدوية.
هذه مشاهد يرويها المرضى وذووهم بشكل يومي وأزمة الدواء قديمة متجددة أعيت وزارة الصحة ومن قبلها وزارة المالية، التي عجزت عن تسديد المطلوب من ميزانية حددت في حدها الأدنى بقيمة (55) مليون دولار، غير أن الحكومة السابقة ضاعفت من الضائقة عندما أغفلت عن الميزانية المخصصة للدواء، وذلك بعد أن جاءت أكثر من (33) من شركات الدواء الوهمية واستولت على المال المخصص للدواء في غفلة من إدارة بنك السودان، فضلاً عن توقف الدعم من صادر الذهب.
وقفاتٌ احتجاجيةٌ
ويبدو أنّ الصيادلة وإن كان ما يعانون منه بسبب أزمة الدواء، أخف وطأة، إلا أنهم يكتوون بذات الوميض، وتكمن المشكلة في توفير النقد الأجنبي المطلوب لاستيراد الدواء وارتفاع أسعاره.. لذا فإن الصيادلة نفّذوا في الفترة السابقة أكثر من (5) وقفات احتجاجية بالعاصمة والولايات، ودفعوا بمطالبات كثيرة لم تجد الاستجابة، آخرها وقفة احتجاجية نُفِّذت أمس الخميس دعت لها لجنة الصيادلة في محاولة للطرق على المشكلة بشكل مُستمرٍ.
وفي هذا الوضع المتأزم، كشف المجلس القومي للأدوية والسموم أمس، عن حملات تفتيشية كشفت عن تخزين أدوية بحجم كبير من ضعاف النفوس، مما يعكس أن الرقابة على الأدوية ضعيف ولم يكن بالقدر المطلوب.
التصنيع والاستيراد
ورهنت لجنة الصيادلة حل مشاكل الدواء بتوفير الحكومة لمبلغ (55) مليار دولار.
وقال القيادي بلجنة الصيادلة بهاء الدين حسن، إن المبلغ يعتبر حلّاً أدنى للمشكلة، موضحاً حاجة المستوردين إلى (25) مليار دولار، فيما تبلغ حاجة المُصنّعين للدواء (10) مليارات دولار، بينما يحتاج الصندوق القومي للإمدادات الطبية إلى (20) مليار دولار، وأكد في تصريح سابق وجود ندرة دوائية بالبلاد.
واعتبر الخبير الصيدلي محمد صالح عشميق لـ(الصيحة)، أن توفير المبلغ المحدد يعتبر حلّاً آنياً لإنقاذ الموقف، مؤكداً أنّ التصنيع والاستيراد متوقفان تماماً، مما انعكس بصورة مباشرة في انعدام كثير من الأدوية، وأثّر على حياة كثير من السودانيين، مشيراً إلى الحاجة الماسّة لوضع استراتيجية واضحة لاستيراد الدواء وتسعيره من قِبل الدولة، وتذليل المصاعب على المصانع المحلية، وتطوير التأمين الصحي والخدمة الطبية.. وتأسّف عشميق لصراع وزارتي الصحة والمالية على المبالغ التي كان من المُفترض أن تخصص للدواء وتسريب الخطابات المتداولة بينهما بدون مهنية.
تدخُّلات
وأعلنت شركة أوروبية يديرها مواطن سوداني، الاستعداد للتدخل في حل أزمة الدواء بالسودان.. وأكّد رئيس مجلس إدارة الشركة أنّه بعث برسالة لوزير الصحة د. أكرم التوم للاتفاق على تفاصيل الأدوية المطلوبة.. وأوضح أن شركته يمكنها توريد المطلوبات من الأدوية والأجهزة الطبية خلال (72) ساعة من الاتفاق.. وقال إنه تابع من مقر الشركة في بروكسل أزمة انعدام الدواء بالسودان.
حُلُولٌ إسعافيةٌ
وقلّل مدير الإمدادات الأسبق والصيدلاني المعروف د. بابكر عبد السلام في حديثه لـ(الصيحة) من حجم مساعي حل مشكلة الدواء عبر مساهمات الشركة الأوروبية، مُشيراً إلى ضرورة توفير ميزانية للتصنيع واستيراد الدواء، ووصف عبد السلام في تصريح لـ(الصيحة)، وضع الدواء بالخطير جداً، موضحاً أن المريض يتنقل عبر (4 – 5)صيدليات في (4 – 5) محليات مختلفة لإيجاد دواء.. وقال إن العدد المعدوم من أصناف الأدوية كبير جداً، فيه كثير من الأدوية المُنقذة للحياة، منها الأنسولين وأدوية الضغط والمضادات الحيوية، مما يوضح المشقة التي يعاني منها المريض.. منوهاً إلى أن (10) صيدليات في كل منطقة رفوفها خالية من الدواء، ووصف الوضع بالكارثي، مؤكداً أن مخزون الإمدادات ضعيفٌ، وقال إنّ الوقفات الاحتجاجية التي نفّذها الصيادلة، الغرض منها الإعلان عن المُشكلة، مُشيراً إلى وجود أزمة في وزارتي الصحة والمالية، وحذّر من عدم توافر الدواء في الفترة المُقبلة تحسُّباً لظهور أي موجة وباء كما حَدَثَ في ضائقة (كورونا).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى