مأزق التشكيل..!!

قبل الثاني والعشرين من فبراير الماضي ولثلاثين عاماً خلت، كان الحزب الحاكم هو من يُنقب في دفتر وسجلات (المختصين) أو السياسيين ليعهد إليهم الحقائب الوزارية والتنفيذية، وعندما تتعثر خطاه ويقف حائراً ما بين كفاءات وطنية مستعدة لتعمل بشروطها وبين أهل ولاء وطاعة ينفذون ما يتنزل إليهم من توجيهات حتى لو كانت تتعارض مع قناعاتهم الشخصية، ويجد المؤتمر الوطني في السابق نفسه في (مأزق) أو مآزق ويخرج منها (بكرامة البليلة) كما يقولون..!
اليوم يجد الرئيس نفسه لوحده في مأزق تكوين حكومة لم تُسمّ بعد، هل تصريف مهام؟؟ أم حكومة ما قبل الانتقالية؟؟ أم حكومة طوارئ؟؟ أم حكومة جنرالات وعسكر؟؟ أم حكومة كفاءات؟؟ المهم الرئيس منذ أسبوعين (يفتش في دفاتره) وعن تفتيش الدفاتر يغني البقارة أغنية رددها عبد القادر سالم وهي من تراثيات الحوازمة تقول في مقطعها الأول “بفتش الدفاتر بقلب الأوراق الصبيان جابو خبر من البلد”. والرئيس الآن يقرأ السير الذاتية ويقلب أوراق المرشحين لمناصب الوزراء لحكومة جديدة.. ويجد الرئيس نفسه (محاصراً) من عدة جهات، أحزاب الحوار الوطني تنتظر حظها من اللحم، وأحزاب التوالي تترقب ما يجود به الرئيس عليها، وهي تنظر لنفسها كصاحبة حق تاريخي في الغنيمة، والمؤتمر الوطني يفتح فمه ويترقب حظه من السلطة!! والحركات المسلحة التي باعت (الخنادق بالفنادق) على حد تعبير عرمان لن تنسى نصيبها من الدنيا!! والزاد قليل.. والتزام الرئيس أمام شعبه بتكوين حكومة رشيقة بديلاً عن الحكومة المترهلة التي غربت شمسها في الثاني والعشرين من فبراير.. فكيف يستطيع البشير (إرضاء) كل هؤلاء..؟؟
وكيف لآخرين من المستقلين والكفاءات الوطنية أن تجد ما يسد رمقها.. ويشبع غريزتها.. وينقلها من رصيف المراقبة أو قلب المعارضة إلى السلطة؟؟ وهل الوزارات التي تم تكليف وزرائها في الفترة الماضية لن يشملها التغيير والتبديل؟؟ ليبقى الدرديري في الخارجية ومحمد أحمد سالم في العدل وحولي في المالية والفريق عوض ابنعوف في وزارة الدفاع؟؟ وما مصير مساعدي الرئيس من كبيرهم الميرغني إلى ممثل المؤتمر الوطني؟؟ وقد أعلن الرئيس الأسبوع الماضي عن بقاء مساعده د. فيصل حسن إبراهيم؟؟ هل ليمثل المؤتمر الوطني في مقعد (المساعدين)!! ومن يختار للمؤتمر الوطني ممثله في مقعد (المساعدين)؟؟ ومن يتولى المفاوضات مع الأحزاب؟؟ هل الرئيس لوحده ليتحمل عناء (الإقناع) و(التحنيس) وقد بات الكثير من القيادات زاهدين في السلطة.. وفي تكوين آخر حكومة اعتذر عن منصب الوزير والولاة حمدوك.. والفاتح علي صديق.. وعلي كرتي.. والفريق الهادي محمد أحمد ومدير التلفزيون محمد حاتم سليمان!! وتحمل د. فيصل حسن إبراهيم (الحرج) فمن يتحمل الآن عن الرئيس (حرج) المعتذرين؟؟ وما أكثرهم؟!
وإذا كان الرئيس قد التزم أمام شعبه بتكوين حكومة كفاءات فثمة تعارض بين التوجه نحو اختبارات الكفاءات وما بين استرضاء الحلفاء والأصدقاء واستقطاب الأعداء أو قل المخالفين؟؟ إذا اعتمد الرئيس منهج المحاصصات سقطت الكفاءات في الطريق؟؟ وإذا أخذ بمبدأ الموازنات الجهوية فقدت الحكومة عنصر القدرات وجاءت المحاصصات بما هو موجود في سوق السياسة.. وإذا أسقط الرئيس مبدأ توازن التمثيل الجهوي سيجد نفسه يمشي على حافة الهاوية؟؟ فهل نسمي الموقف الراهن تحت عنوان الرئيس في مأزق؟!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى