(الصيحة) تقتحم (عش الدبابير) وتكشف المثير (1)

شبكة دولية تُهدِّد القمة السودانية

الخرطوم- ناصر بابكر

فتحت ملابسات قضية التوغولي دونو كوكو مع المريخ الغريبة، باباً أمام الكثير من الأسئلة، ودفعت (الصيحة) لبدء رحلة البحث عن إجابات تفك طلاسم القضية المعقدة والتي تضج بالتناقضات والخطوات الغريبة والمريبة، سيما عندما يتم ربطها بالعديد من القضايا المُماثلة سواء في أوقات سابقة.. أو حتى التلويح بقضايا لاحقة.. تلك القضية بتساؤلاتها ومُلابساتها ومن ثم وقائعها تفتح الباب بمصراعيه للحديث حول إمكانية وقوع أندية القمة السودانية بشكلٍ عامٍ والمريخ خصوصاً كضحايا لشبكة وكلاء لاعبين تستخدم كل الأساليب في سبيل استنزاف تلك الأندية والحُصُول على مكاسب مالية منها مُستفيدة من عدم احترافية إدارات الأندية السودانية من ناحية وبعض ضعاف النفوس بتلك الأندية من أخرى الذين يسهلون من مهمة الوكلاء ويمهدون لهم طريق الانقضاض على تلك الأندية وتوجيه الضربات لها عبر مطرقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عبر مكاتب محاماة متخصصة في مثل هذه النوعية من القضايا وتتقن لعبة إيجاد المخارج والثغرات التي تقودها لكسب القضايا.. فما هي حقيقة ما يدور خلف الكواليس؟ وما الذي يحدث في ملف قضايا الأجانب؟ تساؤلات حول ملف يحيط به الكثير من الغُمُوض الذي تسعى (الصيحة) لإزاحة الستار عنه من خلال هذا التحقيق الاستقصائي الذي نُسلِّط من خلاله الضوء على قضية دونو كوكو مع المريخ لمُحاولة فك طلاسم ما يدور في ملف الأجانب من مُمارسات مثيرة للشبهات وحافلة بالتجاوزات والتلاعُب.

تمهيد

حتى يكون القارئ في الصورة ويلم بتفاصيل القضية.. نعود بالذاكرة للوراء قليلاً ونشير لأنّ المريخ تعاقد في شهر (مايو من العام 2018) مع اللاعب التوغولي دونو كوكو بترشيح من المدير الفني التونسي وقتها (يامن الزلفاني) مع أهمية الإشارة هنا لأن وكيل المدرب التونسي هو نفس وكيل اللاعب التوغولي وهو الوكيل الموريتاني (عبد الحي أدومو) الذي كانت تلك الصفقات بداية تعامله مع المريخ، والتي بدأت بصفقات الثنائي (سومانا ودونو) والمدرب التونسي (الزلفاني).. وتعود قصة أدومو مع الأحمر لرحلة المريخ إلى مُوريتانيا في العام 2017 لمُواجهة تفرُّغ زينة الموريتاني في تصفيات البطولة العربية لكرة القدم، ووقتها تعرّف أدومو على بعض منسوبي النادي ومنها بدأت علاقته بالمريخ حيث تمكّن من التواصل بعدها بعام مع سوداكال ليبدأ تعامُل بين الطرفين.

إنهاء عقد

تجربة دونو كوكو مع المريخ وكما هو معلومٌ لم تستمر طويلاً، حيث طلب المدرب التونسي الزلفاني الاستغناء عنه بعد أقل من ثلاثة أشهر من مشواره مع النادي وهو ما تم يوم (19 أغسطس 2019)، حيث تم توقيع مُخالصة لإنهاء العقد بين المريخ مُمثلاً في المدير التنفيذي منتصر الزاكي (زيكو) مع اللاعب التوغولي داخل مباني اتحاد كرة القدم وأمام الأمين العام د. حسن أبو جبل.

توقيت غريب وحدث (مريب)

بعد عام وشهرين من مُغادرته لبلاده، وبالتحديد في شهر (أكتوبر 2020)، فُوجئ المريخ بخطاب من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يخطر فيه النادي بأنّ التوغولي دونو كوكو تقدّم بشكوى ضده، الخطوة كانت غريبة كون المسؤولين بالنادي كانوا يعلمون أن اللاعب وقّع مُخالصة إنهاء عقد وحصل على استحقاقاته المالية، وهو الأمر الذي جعل المسؤولين يعتقدون أن القضية ستشطب سريعاً فور إرسال المُخالصة، وبالفعل رد المريخ بإرسال المُخالصة التي وقعها في وقت سابق مع اللاعب للفيفا، التي أخطرت بعدها المريخ برد (المحامي التونسي سليم) (محامي اللاعب) والذي شكّك في المُخالصة، واتّهم المريخ بالتزوير، وأكّد أنّ اللاعب لم يُوقِّع مطلقاً على مُخالصة أو أي شيء يشير لإنهاء عقده مع المريخ، وأنكر المحامي استلام اللاعب لـ(8000 ألف دولار) وشكّك في التوقيع والتاريخ، (فيفا) وبعد أن أرسل رَدّ المحامي للمريخ طلب من النادي إرسال (أصل المُخالصة) عبر الـ(DHL)، لكن المُفاجأة المدوية والصادمة أن المريخ لم يعثر على (أصل المُخالصة) بالمكتب التنفيذي للنادي دُون أن يعلم أحدٌ أين اختفى، في وقت لم يستجب فيه اتحاد الكرة لطلب النادي بالرد على (فيفا) وإرسال نسخة المُخالصة الموجودة بالاتحاد وذلك على حسب إفادة المدير التنفيذي الحالي للمريخ د. مدثر خيري لـ(الصيحة) أمس الأول.

تنسيق أم صدفة؟

خطوة تقديم شكوى لـ(فيفا) بعد عام وشهرين من مُغادرة اللاعب تبدو غريبة للغاية ثم مريبة عندما يتم ربطها باختفاء أصل المُخالصة من المكتب التنفيذي، الأمر الذي فرض تساؤلات حول إمكانية وجود تنسيقٍ أو اختراق من البعض للمكتب التنفيذي للنادي أم الأمر برمته لا يخرج من نطاق الصدفة والعشوائية والفوضى التي تسيطر على الأندية السودانية.

 

تصريحات الموريتاني

ولمعرفة تفاصيل أكثر حول ما حدث، أجرت (الصيحة) اتصالاً بالموريتاني محي الدين عبد الحي أدومو وكيل التوغولي دونو كوكو، وسألته أولاً عن تفاصيل القضية فأجاب بالقول: ما حدث أنّ اللاعب دونو كوكو وقّع قبل عامين عقداً مع المريخ يبدأ في مايو 2018، وبعد مرور ثلاثة أشهر سلّمه المريخ مكافأة توقيع العقد (مقدم العقد) وهي 5 آلاف دولار، إلى جانب راتب شهرين وطلبوا منه أن يُوقِّع على استلام هذه المبالغ وبالفعل وقع على مُستند يثبت أنه استلم هذه المبالغ، لكنه لم يُوقِّع مخالصة لإنهاء العقد ولا على مستند إنهاء تعاقد بالتراضي، وأضاف: هو فقط وقّع على مستند استلام مقدم العقد وراتب شهرين وفق ما هو منصوصٌ عليه في العقد، لكنه لم يُوقِّع على شيءٍ يثبت أنه تنازل عن بقية حقوقه في العقد أو ما يُشير الى أنه أنهى عقده مع المريخ بالتراضي وقبل بالثمانية آلاف دولار مقابل التنازل عن بقية استحقاقاته في العقد وهذه هي الإشكالية، وأردف: نحن لم ننكر أنه اللاعب استلم ثمانية آلاف دولار، وبعد أن وصلت القضية لـ(فيفا)، فإنّ الاتحاد الدولي ألزم المريخ بدفع 45 ألف دولار للاعب خلال فترة لا تتجاوز 45 يوماً وإلا سيتم حرمانه من التعاقدات لثلاث فترات.. وبسؤاله عن إمكانية التوصُّل إلى تسوية معه ومع اللاعب من جانب المريخ، قال الوكيل الموريتاني: نحن تجاوزنا مرحلة المُطالبة بالحقوق مع النادي أو الدخول معه في تفاوُضٍ، لأنّ الحكم صدر من (فيفا) والنادي الآن مُلزمٌ بدفع المبلغ أو يستأنف الحكم ويمكن أن تصدر (فيفا) حكماً مغايراً، لكن باب التفاوض والتسويات أُغلق، وختم بالقول: لكن هنالك قضايا أخرى يمكن أن يصل مجموعها إلى 100 ألف دولار وهي قضايا يمكن أن يكون فيها حل وتفاوض، لأننا ما زلنا في طور تجهيزها ولم نقم بعد بخطوة رفعها للاتحاد الدولي.. وفي سؤال حول التاريخ الذي ينتهي فيه عقد اللاعب مع المريخ، أجاب الوكيل الموريتاني: العقد ينتهي في شهر نوفمبر 2020.. وواصل الوكيل إفاداته بالقول: المريخ لم يتعامل مع اللاعب بصورة جيدة وكان التعامُل معه سيئاً، لدرجة أن اللاعب وعندما أراد السفر الى بلاده اضطر لقطع التذكرة من مبلغ استحقاقاته التي حصل عليها، حيث لم يقطع له المريخ تذكرة للعودة الى بلاده، وعندما وصل المطار تفاجأ بأن إذن خروج الأجانب غير موجود واضطر لتأجيل الرحلة ليوم إضافي، وباختصار فإن فترته في المريخ كانت كارثية.. وبسؤاله عن وضع اللاعب بعد أن عاد الى بلاده، قال أدومو: دونو كوكو حصل على عروض من أندية محلية في توغو، لكنه رأي أنها غير مناسبة له كلاعب دولي ولاعب كبير، ثم واجهته ظروف عائلية جعلته لا يستطيع أن يستمر في لعب الكرة ونحن نحاول أن نبحث عن إعادته للكرة من جديد ونبحث له عن نادٍ في موريتانيا.

تناقُضات وتساؤلات

تلك كانت تصريحات الموريتاني أدومو (وكيل اللاعب)، وعندما تقارنها بخطاب التونسي سليم (محامي اللاعب) للفيفا في رده على المُخالصة، تجد تناقضاً واضحاً، ففي الوقت الذي أنكر فيه المحامي استلام اللاعب لمبلغ (8000 ألف دولار)، أكد أن اللاعب فعلاً تسلّم المبلغ، كما تتناقض تصريحات الوكيل نفسها مع تصريحاته أمس الأول التي أكّد فيها أنهم استندوا على خطأ في المُخالصة كونها لم تشر صَراحةً لتنازل اللاعب عن استحقاقات بقية فترة العقد، بينما أكد لنا بالأمس أنّه وقع فقط على مُستند إيصال استلام مُقدّم العقد وراتب شهرين ولم يوقع من الأساس على مُخالصة، وتناقُض تصريحات الطرفين تبرهن أن الوكيل الموريتاني لم يتابع مُلابسات وحيثيات القضية واكتفى بتوكيل مكتب المحاماة لتقديم الدعوى.

معلومات غير حقيقية

لم يكن المدير التنفيذي السابق للمريخ منتصر الزاكي الوحيد الذي أكد أن المُخالصة تم توقيعها بالفعل، بل أنّ الأمين العام للاتحاد السوداني لكرة القدم د. حسن أبو جبل أكد أيضاً أن النادي وقع مخالصة مع اللاعب التوغولي وهو الأمر الذي تأكدت منه (الصيحة) عبر عدة مصادر، وبالتالي فإنّ محامي اللاعب في رده للفيفا قدّم معلومات غير حقيقية بإنكار المخالصة واتهام المريخ بالتزوير.

 

اللاعب خارج الصورة

(الصيحة) سعت لأخذ تصريحات من اللاعب ومعرفة رأيه في تلك التطورات، وطلبت من وكيله الموريتاني رقم هاتف دونو كوكو للتواصل معه وأخذ تصريح منه، فاعتذر الوكيل وطلب منا أن نكتب سؤالنا له (للوكيل) على أن يقوم هو بإيصاله للاعب ثم ينقل لنا الرد، أجبناه بأننا لا يُمكن أن نقبل التصريح بهذه الطريقة، لأننا حريصون على المصداقية التي تحتم علينا أخذ التصريح من لسان صاحبه مُباشرةً، فاعتذر وهو ذات ما فعله الوكيل مع كل من طلب رقم هاتف اللاعب التوغولي الذي ورد له تصريح في موقع إلكتروني بعد قرار الفيفا، وبسؤال أحد الزملاء أكد أن الوكيل الموريتاني هو الذي نقل لهم التصريح باعتباره صادراً من اللاعب.. ليبقى المؤكد حتى اللحظة أن دونو كوكو خارج الصورة ولم يَتسنَ التّأكُّد من معرفته بالشكوى من الأساس، أم أن كل ما تم كان من وراء ظهره، سيما وأن خطوة قطع الطريق على التواصُل معه تحمل العديد من علامات الاستفهام.

 

صورة العقد

تَحَصّلت (الصيحة) على صورة من العقد الذي وقّعه المريخ مع التوغولي دونو كوكو بتاريخ (21 مايو 2018).. وبحسب العقد، فإنّ عقد دونو مع المريخ يبدأ منذ تاريخ توقيعه (21 مايو 2018) وينتهي يوم (30 نوفمبر 2020).. وبحسب رد المحامي التونسي للفيفا على المُخالصة التي أرسلها المريخ، فإنّ اللاعب التوغولي دونو كوكو لم يتعاقد منذ مُغادرته للمريخ مع أيِّ نادٍ بسبب أن عقده مع المريخ لم ينتهِ.. في وقت أشار فيه الوكيل الموريتاني عبد الحي أدومو في حديثه لـ(الصيحة) أن اللاعب وصلته بعض العروض من أندية محلية وقام برفضها لأنها ليست مناسبة ثم توقف عن لعب كرة القدم بسبب ظروف عائلية واجهته.

(الصيحة) تدحض

(الصيحة) وبعد الاطلاع على خطاب المحامي التونسي سليم بوسلام للفيفا رداً على المُخالصة التي أرسلها المريخ، وبعد تصريحات الوكيل الموريتاني، بحثت عبر الشبكة العنكبوتية وتَواصَلت مع مصادر عدة، وتوصّلت لحقائق مُثيرة تدحض تلك الإفادات سواء ما ورد في خطاب المحامي التونسي للفيفا أو ما ورد في حديث الوكيل، حيث تعاقد دونو كوكو بعد شهرين فقط من عودته لبلاده وتحديداً في أكتوبر 2018 مع ناديه السابق سيماسي وشارك معه في الكثير من المُباريات خلال موسم 2018 – 2019 من الدوري التوغولي، ثم انتقل في مطلع (أكتوبر 2019) من سيماسي لناد جديد وهو افودجي (Ifodje) وظل يشارك معه بانتظام في الموسم الرياضي (2019 -2020) حيث كان اللاعب مشاركاً مع فريقه في الجولة (19) من المسابقة والتي لعبت يوم (الأربعاء 4 مارس 2020).

غداً في (الصيحة)

ما هو الرابط بين قضية دونو كوكو الحالية مع قضية مارسيال؟ وما قصة مكتب المحاماة وكيف بات وجهة لمُختلف الوكلاء؟ ما حقيقة القضايا التي تُهدِّد شركة المستقبل للموريتاني عبد الحي أدومو برفعها ضد المريخ في الفترة القادمة؟ وماذا حدث إبان فترة التعاقُدات الأخيرة؟ وما هو رد الفعل المُنتظر من قبل النادي تجاه ما يحدث.. كل هذا وأكثر نُسلِّط عليه الضوء في الجزء الثاني من هذا التحقيق في عدد الغد بإذن الله تعالى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى