تمديد التفاوُض.. اتفاق السلام قاب قوسين أو أدنى

 

تقرير- صلاح مختار

تمديد فترة التفاوض حتى التاسع من مايو المُقبل ربما تعطي أطراف التفاوض في جوبا مُهلة لإعادة ترتيب وصياغة المواقف النهائية قبل الدخول في مرحلة التوقيع النهائي الذي بات قاب قوسين أو أدنى. فيما وقع على اتفاق التمديد كل من الجبهة الثورية السودانية والوساطة الجنوبية، بيد أنّ رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي لم يكن بين الذين مهروا البيان المُشترك، وذلك بعد يومين من توجيهه انتقادات لمنبر جوبا وإعلانه تعليق المشاركة في التفاوض بسبب تحفظات على نهج الوساطة، إثر قرارها بتمديد التفاوض واعتماد صيغة الفيديو كونفرس للجلسات، وبرر مناوي ذلك في تغريدة على (تويتر) بالقول (بعد ثمانية أشهر من المفاوضات مع الحكومة في جوبا، فإن كل القضايا الجوهرية في محادثات السلام عالقة، والنقطة التي تمّ الاتفاق عليها فقط مُثول المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية).

العودة للتفاوض

وتراجعت حركة مناوي، عن خطوة الانسحاب من المُفاوضات، وقالت إنها ستتّخذ جملة من القرارات الخاصة بالعملية التفاوضية في جوبا، وذلك في إشارة لعودتها إلى طاولة التفاوُض، واضافت أنها ستقوم بإنزالها في شكل موجهات إلى مؤسسات الحركة ووفدها المفاوض في جوبا لتمكِّنها من التواصُل مع الوساطة لمُعالجة القضايا محل الخلاف.

وكشفت الحركة، عن اتصالات قادها المُجتمع الدولي في المُحيط الأفريقي والعربي ورئيس بعثة “يوناميد” للتعبير عن الحرص والاهتمام لمُعالجة الخلاف وتذليل العقبات التي تُواجه العملية السلمية بجوبا. وجدّد التزام الحركة بالسعي لتحقيق سلامٍ شاملٍ يُؤسّس لدولة المُواطنة المتساوية ويضمن عدم العودة للحرب مرة أخرى.

إرادة قوية

وبرّر الأمين العام للجبهة الثورية رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم، أسباب تعليق التفاوض لظروف وفاة وزير الدفاع والظروف الصحية لجائحة كورونا التي استدعت هذا التمديد، بيد أنه يرى أنّ الإرادة القوية لدى الأطراف المُتحاورة ورغبتها الأكيدة للوصول إلى سلامٍ شاملٍ، أدّت إلى تمديد التفاوض لمدة شهر، أملاً في أن يتحقق السلام، وأشار جبريل إلى وجود مساع بين أطراف التفاوض والاتحاد الأوروبي لمُواصلة التفاوض عبر (الفيديو كونفرس) لحين زوال الأسباب التي تحول دون وصول الوفد الحكومي إلى جوبا.

تقدم المُفاوضات

وكانت قوى الجبهة الثورية المُشاركة في مُفاوضات السلام بجوبا، شدّدت على أن العملية السلمية أحدثت تَقدُّماً في معالجة قضايا الأقاليم المُتضرِّرة من الحرب، نافية وجود إخفاقات في مُعالجة جُذُور النزاع. في وقت وقّعت (8) من التنظيمات في التحالُف على بيانٍ مُشتركٍ، سردت تفصيل ما تم التوافُق عليه مع الحكومة السودانية منذ بدء التفاوض قبل نحو (8) أشهر، وقالت إنها وقّعت على اتفاق تمديد فترة التفاوُض حتى التاسع من مايو المُقبل، “تأكيداً لرغبتها في مُواصلة التفاوُض في منبر جوبا تحت وساطة دولة جنوب السودان حتى إنجاز عملية السلام”، وأشارت إلى تفهمها للظروف الموضوعية والطارئة التي أبطأت بعملية التفاوُض، وأملت على الأطراف البحث عن وسائل كفيلة بضمان استمرار التفاوض تحت هذه الظروف الاستثنائية، بما في ذلك التّفاوض غير المُباشر، أو عبر دائرة تلفزيونية مُغلقة، ومع إقرار التنظيمات بوجود قضايا مُهمّة ما زالت عالقة يُجد الأطراف في البحث عن حلول توافقية لها، إلا أنها فصلت ما قالت إنّها مسائل محورية تم التوصل فيها إلى اتفاقات مع الحكومة السودانية خلال ستة أشهر، في حين أنّ بعض تجارب المُفاوضات استغرقت سنوات حتى وافق الأطراف على مبدأ الجلوس حول طاولة واحدة، وأشار إلى أن العملية التفاوضية مكّنت مسارات الوسط والشمال والشرق من الوصول إلى اتفاقيات نهائية، وأنها المرة الأولى التي تجد فيها التنظيمات غير الحاملة للسلاح، وأقاليم السودان غير المُتأثِّرة بالحرب بصورة مباشرة، فرصة للتعبير عن قضاياها في منبر للسلام.

مسار التفاوُض

وأكد مصدر لـ(الصيحة) أن الموقف في مفاوضات جوبا تقدم كثيراً في العديد من المسارات، وقال المصدر (أنجز مسار المنطقتين الاتفاق على غالب ملفات التفاوض المطروحة على الطاولة بين وفدي الحكومة الانتقالية المفاوض والحركة الشعبية – شمال بقيادة الفريق مالك عقار، ولم يتبق إلا القليل من الموضوعات التي يَسعى الطرفان لحسمها في أقرب وقت)، وأضاف أن التفاوُض بين وفدي الحكومة الانتقالية ومسار دارفور غطى كل الملفات المُتّفق على التفاوض فيها عدا الترتيبات الأمنية التي حال وفاة رئيس وفد الحكومة للترتيبات الأمنية وزير الدفاع بنحوٍ مُفاجئ، من إتمام التفاوُض فيها رغم الشروع في تبادُل أوراق المواقف.

حزمة مَوضوعات

فيما أقرّ قادة التّنظيمات المُوقّعة في بيانٍ لهم بوجود حزمة من الموضوعات المُهمّة لا تزال عالقةً وفي حاجة إلى حسمٍ عاجلٍ، لكنهم في ذات الوقت شدّدوا على أنه من العسير نكران أنّ التفاوُض في مسار دارفور حقق مكاسب كبيرة لأهل دارفور وضحايا الحرب لم تتحقّق من قبل، وأشاروا في هذا السياق إلى الاتفاق على مُثُول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية، والتزام الحكومة الانتقالية بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 الذي أحال حالة دارفور إلى المحكمة، وتعاون الحكومة الانتقالية غير المشروط معها، بجانب الاتفاق على محكمةٍ خاصّةٍ لمُحاكمة الذين ارتكبوا الجرائم الفظيعة في دارفور وضمان استقلالية هذه المحكمة وتمكينها من إنجاز مُهمّتها على الوجه الأتم. كما أكّد بيان قادة الثورية الاتفاق على عودة الحواكير التاريخية إلى أصحابها، وعودة الأراضي التي أقام فيها البعض بصُورةٍ غير شرعيةٍ، استغلالاً لظروف الحرب إلى أصحابها الأصليين، وتعويض الذين تضرّروا بسبب هذا الاحتلال، والاتفاق على الآليات المُنفّذة لذلك.

نُسخة الاتفاق

وجَرَى الاتفاق على تكوين مفوضية لمُراجعة الاختلالات في الخدمة المدنية خلال فترة مُحدّدة، عَلاوةً على تأسيس صندوق لدعم السلام في دارفور، تُموّل عبره المفوضيات المُختلفة، ولفت بيانٌ صدر عقب الاتفاق تَسَلّمَت “الصيحة” نسخةً منه إلى مُوافقة وفد الحكومة الانتقالية على تخصيص مبلغ خمسمائة مليون دولار سنوياً لهذا الصندوق لمدة عشر سنوات، وأوضح البيان أنهم اعترضوا على المبلغ باعتباره أقل من تقديرات الوفد الدولي المُشترك الذي درس في العام 2013، الاحتياجات الواقعية لإعادة إعمار دارفور، كما أشار إلى التفاهُمات التي تمّت بشأن الرجوع إلى نظام الأقاليم والتوافُق على سُلطات وصلاحيات الحكم الفيدرالي الإقليمي في دارفور وإنشاء مفوضية للرُّحّل والعمل على إزالة أيِّ تعارضٍ بين اتفاق السلام والوثيقة الدستورية بتعديل الأخيرة لتقبل إدراج اتفاق السلام فيها، عَلاوةً على عددٍ من الاتفاقيات الأخرى.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى