لماذا التعديل؟

 

تجرى التحضيرات هذه الأيام للتعديل في موازنة العام 2020م، وفقاً للمُستجدات الاقتصادية التي شهدتها البلاد وعقب آثار كورونا التضخمية الانكماشية، وما يهم المواطن في الأمر برمته مسألة إبقاء الدعم على السلع الاستراتيجية التي ترتكز عليها معيشة الناس في ظل الظروف الاقتصادية الحرجة والارتفاع العام لمستوى الأسعار في الأسواق كافة.

ومن أولويات المُوازنة يجب أن تُعيد قراءة الأحداث بصورة صحيحة، خاصة أنّ البلاد تشهد أزمات حقيقية في سلع الوقود، الدقيق والغاز لم يكن لها سابق أو مثيل وتطاولت الصفوف في انتظار أن يأتي الفرج.. وعلى الجهات المسؤولة عن تعديل الموازنة، النظر إلى مُستويات النمو الاقتصادي بالبلاد والتركيز على تخفيف أعباء المعيشة مع الاستمرار في دعم القمح والمحروقات والأدوية عقب موجة الغلاء بالأسواق والتي اكتوى المواطن بجمرها وخلفت عدة أزمات وصفوفاً من أجل الحصول على السلع لأشهر متتالية.

*الموازنة الجديدة تأتي مستظلة بالحكومة المدنية ويعلق عليها المواطنون آمالاً عراضاً في انتشاله من الغلاء والفقر وتخفيف المعاناة  في المرحلة الأولى بمعالجة القضايا الإسعافية، وغلاء المعيشة وتخفيف مُعاناة المواطن، باتخاذ إجراءات وتدابير سريعة تعمل على تثبيت الأسعار، ومن ثم تصب في معالجة الاقتصاد الكلي.

*تخفيض أسعار السلع الأساسية يعتمد على سعر الجنيه مقابل الدولار والذي تجاوز سعره الحقيقي بأضعاف كثيرة في ظل تراجُع كبير للجنيه السوداني رغم المُحاولات المتعددة لانتشاله من الوهدة التي وقع فيها خلال العقود الماضية، ومن الصعوبة بمكان تحقيق الموازنة الصعبة بين أسعار السلع الأساسية  مع عُملة منخفضة على الدوام أمام الدولار لإحداث اختراق في غلاء المعيشة لارتباط الناس عليها في معاشهم ولن يقف الأمر عند هذا الحد، فهناك حوجة متزايدة للوقود والكهرباء وغيرها. وإذا فشلت الحكومة في استقطاب الدعم المالي الدولي، فغالباً تفشل في تخفيض أسعار السلع الأساسية.

*المشكلة الحقيقية للاقتصاد بدأت بارتفاع سعر الصرف التي ألقت بظلالها على انهيار الجنيه السوداني وارتفاع ظواهر عمليات تهريب السلع، والتي تتطلب انتهاج سياسيات مُحكمة عبر كفاءات لسد الثغرات والقضاء على الممارسات الخاطئة التي أخلت بالقطاع الاقتصادي ومعاش الناس.

*التعديل في المُوازنة يجب أن يتضمّن خفض العجز المالي وزيادة الاستثمارات خاصةً في الصحة والتعليم، وإصلاح الأجور لسد الفجوة الهائلة بين الأجر ومتطلبات الحياة المعيشية، وان تصبح أولويات برنامج عمل الحكومة والبرامج التنموية بما يعمل لتحسين مُستوى معيشة المُواطنين وتوزيع منافع التنمية على كل البلاد، إضافةً الى تبني الإجراءات والقرارات الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل وبيئة اقتصادية مُحفِّزة، وفي الوقت نفسه تتّسم بالاستقرار المالي والنقدي، على أن يركز البرنامج على محاربة الفساد والتهريب خاصة معدن الذهب الذي أشارت بعض التقارير أن المُهَرَّب منه حتى الآن (7) مليارات دولار تقريباً، أيضاً يجئ التركيز على حل المشاكل التي تواجه الصناعة وأدّت لإغلاق حوالي (80%) من المصانع في البلاد بسبب ارتفاع تكلفة التشغيل وأسعار العملات الحرة والمواد الخام، وحال عادت للعمل يمكن أن تنخفض فاتورة الاستيراد إلى درجة معقولة وتحقيق فائض في الصناعة المحلية بتوفير المطلوبات من الصناعة المحلية للسلع كافة وصولاً إلى الهدف المنشود وهو توفير السلع الأساسية بأسعار معقولة تُناسب الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى