اعتذار الوطني.. هل يسكت غضب الشارع؟!

 

تقرير- صلاح مختار

أثار اعتذار القيادي بالمؤتمر الوطني، إبراهيم محمود للشعب، عن أيّ تقصيرٍ حَدَث خلال فترة حكم الإنقاذ، كَثيراً من التّبايُن في المَواقف تِجَاه الحَدَث، بين رافضٍ للفكرة أصلاً، وبين مُستحسن لها، بيد أنّها لا تنفي حقيقة جدوى الاعتذار كما يغني له الفنان القامة محمد وردي في أغنيته (بعد أيه جيت تصارحني بعد أيه!!)، ويمضي وردي في مَقطعٍ آخر ليرد على الاعتذار فيقول (اعتذارك ما بفيدك) ربّما لأنّه تأخّر حتى نزع الشارع شرعية الإنقاذ بالقوة في أبريل!!

ترشيح البشير

لم يُبيِّن إبراهيم في حواره لصحيفة (الانتباهة) عندما عدّ ترشيح البشير لدورة رئاسية أخرى، من العوامل التي أسهمت في تحريك الشارع، لم يُبيِّن التقصير حتى يعتذر عنه، ولكنه أقرّ بأنّ ما حدث في أبريل كان مُتوقِّعاً بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وكشف إبراهيم عن تعرّض الحزب للخيانة، وقال “الخيانة بدأت حينما تمّ رفض تنفيذ برنامج الإصلاح في شهر فبراير”.

حق الشعب

وحقيقة اعتذار قيادات إسلامية كثير، حيث يرى الدكتور أمين حسن عمر خلال حديث له منشور “بأحد مواقع التواصل الاجتماعي في وقتٍ سابقٍ” أنه حُسن نُية, ويقول فيها من يظن أنّنا أخطأنا في حق الشعب أظنه فهم تَوجُّهاتنا نحو الإصلاح والتّغيير، أو تلميحنا بمُراجعة ما يُمكن أن يكون تقصيراً بصُورةٍ خاطئةٍ، لأنّ الاعتذار بالضرورة يستوجب العقاب.. فلماذا نعتذر؟

ولكن مصدراً بالمؤتمر الوطني المحلول اكتفى بالحديث لـ(الصيحة) بالنظر إلى حَديث القيادي إبراهيم محمود من زاوية التجربة، التي قال إنّها مِن صُنع البشر تحتمل الخطأ والصواب، ولكنه رفض الاعتذار عن التجربة كلها رغم إقراره بوجود أخطاءٍ في المُمارسة، وأضاف أنّ التاريخ السِّياسي السُّوداني ملئٌ بالتجارب، ويجب أن نقف عندها والاعتبار بشكلٍ واضحٍ كي نُؤسِّس لنظام يقود الدولة، وقال إنّ المُطالبة بالاعتذار لن يكون عقبة أمام تحقيق المُصالحة الوطنية.

تجريم الحزب

فيما سبق، قال رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، إبراهيم غندور، إنه لن يعتذر للشعب السوداني عن مُشاركته في الحكومة السابقة، وبرّر ذلك بأنّ الحديث عن الاعتذار يعني تجريم حزبه.

وقال خلال مُقابلة مع قناة “الجزيرة”, إنّه لا يجد ما يدعوه للاعتذار، وأضاف: عن ماذا اعتذر؟ ولن اعتذر عن أخطاء ارتكبها آخرون، ونوه إلى أن غالبية قيادات أحزاب قوى الحرية والتغيير شاركت في الحكومة السّابقة، وأضاف: (تسلُّط قوى الحرية والتغيير علينا من أقدار الله)، لافتاً إلى أنّ الثورة سُرقت ويَجب أن تتم استعادتها من أحزاب وصفها بالأقلية.

الاستعداد للمُحاسبة

في منحى آخر ومختلف، فإنّ رئيس حركة الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين، أكد استعدادهم للمُحاسبة لـ(24) عاماً السابقة التي قضوها في الحكم قائلاً: (عندما تطرح القضية سنقدِّم شهاداتنا ودُفُوعاتنا)، لكنّه امتنع عن الاعتذار للشعب السُّوداني عن (24) عاماً السابقة قائلاً: إنّ الاعتذار لا يُجدي نفعاً.

معنى الاعتذار

لم يَرَ المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري في حديثه لـ(الصيحة) أيّ معنىً لاعتذار القيادي بالوطني المحلول إبراهيم محمود حامد، سوى أنّه لم يخرج من ثلاثة سياقات، وهو يرى أنه ليس ذات جدوى، وقال كان بالإمكان أن يقول ذلك الحديث في سياقات واضحة مثل أن يقول إنّ قوى الحرية والتغيير لديها مشاكل وليست لديها مَقدرة في الحكم ووضع سياسات، وإنّها بدأت تفقد شعبيتها، وبالتالي يكون ذلك سياقاً يُمكن الناس ان تقبل الاعتذار فيه، ولكن لا يعني ذلك العودة للوراء إلى عهد الإنقاذ.

إثبات الاتهام

وتَوقّع السّاعوري أن يكون السِّياق الآخر في إطار مرور عامٍ من الحكم والحديث عن الفساد، ولم يقدموا أيِّ شخصٍ حتى الآن للمحاكمة، بل لم يثبتوا حتى الآن الدولارت التي كَانت بحوزة البشير، بمعنى أن (قحت) فشلت في الحديث عن الفساد المالي والسياسي وإثبات ذلك للرأي العام، إِضَافَةً إلى عدم التزامهم بالحُرية والعدالة في الحُكم، بدليل انّ المُعتقلين حتى الآن لم يَستطيعوا تقديمهم للمحاكمة أو إطلاق سراحهم، إضافةً لمُصادرة دُور الحزب المحلول، وهم بذلك خالفوا مبادئ الحُرية والتّغيير, وأوضح الساعوري انّ المؤتمر الوطني المحلول يفترض مُحاكمته شعبياً ولا يُحاكم بهذه الصورة، مبيناً، تلك ثلاثة سياقات، الاعتذار فيه يُمكن أن يكون مقبولاً وليس بالضرورة أن يعود الوطني وشعبيته.

حكمة القيادة

ورأى الساعوري أنّه كان من الأوجب أن تكون الأولوية بالاعتذار لعضوية الحزب الذين اكتووا بنار الرأي العام والإعلام ونعتهم بـ(الكيزان)، بالتالي الأولى بالاعتذار هُم المُكتوون بذلك، وقال إنّ القيادة لم تكن حكيمة في تعامُلها ببعض القضايا، ولذلك يجب الاعتذار للعُضوية أكثر من الاعتذار للشعب السُّوداني.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى