إذا كانت النُّفوسُ كباراً..!!

 

:: ذَاتَ عَامٍ، تَسَاجَلَ بعض وزراء النظام المخلوع مع وجدي ميرغني حول إدارة قناة النيل الأزرق، فكتبت: بغض النظر عمّا هُم فيه يتساجلون، فإنّ موقفي المبدئي كان – وسيظل – داعماً لخُرُوج الحكومة من هذه القناة (نهائياً)، وأن تترك للقطاع الخاص أمر الاستثمار فيها كيفما تشاء.. ومن الغَباء أن تُصارع حكومة بلد، بعض المُواطنين في (قناة منوعات)، وهي ذات الحكومة التي باعت ودمّرت سُودانير وسُودانلاين وغيرهما من المرافق ذات الأهداف الاستراتيجية..!!

:: وقلت، فيما قلت، بأنّ الحكومات الواعية هي التي تقزم دورها في التشريع والرقابة والمشاريع الاستراتيجية، وتدع شركات التجارة والصناعة والزراعة والقنوات والصُّحف للمُجتمع وشركاته.. ولكن يبدو أنّ حجم طموح حكومة الثورة أيضاً لا يختلف كثيراً عن حجم طموح النظام المخلوع، ولذلك أعادت السِّجَال حول إدارة قناة النيل الأزرق، وذلك بالضغط على وجدي ميرغني لإقالة حسن فضل المولى.. فالمُؤسف هنا ليس إقالة فضل المولى، بل طُمُوح الحكومة..!!

:: وما يحدث لوجدي ميرغني حَدَثَ لجار العم جحا.. باع جحا داره لجاره، ثم غرس مُسماراً في جدار الدار وألزم الجار بأن عقد البيع لا يشمل المُسمار.. وبمُوافقته، ظلّ جحا يطرق باب الجار يومياً، وأحياناً مرّتين في اليوم، ليتفّقد حال مُسماره.. فاستاء الجار، ثُمّ هرب من القرية تاركاً داره و(مُسمار جحا).. وأسهم الحكومة في النيل الأزرق بحجم مُسمار جحا، أو(عود مَرَا) كَمَا يصف المثل الشعبي.. (25%)، أو أقل..!!

:: ورغم قِلّة الأسهم، كما النظام المخلوع، فإنّ حكومة الثورة أيضاً تُزعج شريكها، ربما ليفض الشراكة ويهرب بجلده.. لو كُنت في مقام وجدي لما نفّذت توصية لجنة تفكيك التمكين حتى ولو أدّى ذلك لإغلاق القناة.. ما كان عليه تنفيذ التوصية لأسبابٍ، منها أنّ أسهم الحكومة لا ترتقي لحد إقالة أو تعيين مدير، ثُمّ أنّ الحكومة فاجأته بعدم رغبتها في المدير، وهذا يعني أن الشريك الأصغر لم يحترم الشريك الأكبر، ولم يجلس معه ويتّفقا على إقالة المُدير..!!

:: لست ضد أن يُغادر حسن فضل المولى، لأنّ مناصب الحياة العامة كالمياه، وتوقُّفها عند شُخُوصٍ يعني تَحوُّلها إلى (بركٍ آسنةٍ)، وسريانها عبر كل الشُّخوص يَعني (عُذُوبتها).. ولكن كان يجب أن يُغادر باحترامٍ وتقديرٍ.. أي باحترام الحكومة لشريكها وجدي، وبتقديرها لجُهد فضل المولى، وهذا ما لم يحدث، وهذا ما يستدعي الاستنكار.. وبما أنّ فضل المولى كان ناجحاً بشهادة الكثيرين، نأمل أن يكون قد أسّس نظاماً إدارياً يبقي القناة ناجحة..!!

:: ولو لم يُؤسِّس نظاماً إدارياً مُحكماً بالقناة، يكون قد فشل حتى ولو كان ناجحاً.. نعم، تأسيس نظام إداري يبقى نجاح المؤسسة للأبد من أهم معايير نجاح أيِّ مدير.. والمُهم، على الحكومة أن تكون بحجم آمال الشعب.. أي ما لم يكن تطوير “أغاني وأغاني” من الأهداف الاستراتيجية لحكومة الثورة، يجب التخلُّص من أسهم الشعب بقناة النيل الأزرق لصالح المدارس الآيلة للانهيار والمشافي التي تفتقر إلى حضانات الأطفال و… المشاريع الكُبرى..!!

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى