وبالإنتاج أيضاً..!!

 

:: صغار العُقُول هُم من يُعيبون على رئيس الوزراء مُبادرة (القُومَة للسُّودان)، ويسخرون.. ربما لم يحضروا العام 1991، وكان من أعوام الهوس والقرارات العنترية، حيث فرض فيه النظام المخلوع ضريبة على المُزارعين بالشمالية مقدارها (ثُلث الإنتاج)، وأسماه الإعلام الشعبي بـ(ثلث الزبير)، فالمرحوم الزبير محمد صالح كان نائباً للمخلوع.. وبغض النظر عن الخسائر وتكاليف الإنتاج، كان مندوب النظام يأتي مع الحصاد ويستولى على ثُلث الإنتاج (بلا مُقابل)، وهذا ما لم يكن يحدث حتى في زمن الاستعمار..!!

:: ومن الغُبن، تمّ إدخال هذا الثلث المَنزوع في ترانيم شعبية من شاكلة: (تلت للطير، تلت للزبير، تلت للاسبير، والمزارع فاعل خير)، أو تلك كانت قسمة ضيزى، ولكن يبدو أن صغار العُقُول تناسوها.. ثم تطوّرت أساليب (القلع)، وتَعَدّدت حتى صارت الحُقُوق عند الشعب أحلاماً من وطأة النهب والتسوُّل.. وفي الخاطر كاريكاتير تَمّ نشره في عيد أضحى، وفيه يُوصِّي الخروف صاحبه قبل الذبح: (ما تدُّو جلدي للمحلية)، وكانت المحليات قد فَرَضت على الناس عدم التّصرُّف في جُلُود أضاحيهم، ولكن يبدو أنّ صِغَار العُقُول تناسوه..!!

:: وفي الذاكرة.. في العام 2012، بأمر اتحاد العُمّال، تم سحب عربة الإسعاف الوحيدة – خ 5271 – من مستشفى الصداقة بأم درمان (أمبدة) وتبرّعوا بها لقطاع غزة.. وعندما عجزوا عن ترحيلها إلى قطاع غزة، باعوها – بمبلغ 63 مليون جنيه – لمنظمة تبرّعت بها للصومال، ثم حوّلوا قيمة العربة لقطاع غزة.. أي ضربوا عصفورين بحجر الإسعاف (غزة والصومال)، وكان الأهل بأمبدة ينقلون موتاهم ومرضاهم بالكارو والبكاسي.. هكذا كانوا ينزعون ويتسوّلون لصالح غزة والصومال وغيرها، رغم أنف جوعى شعبهم ومرضاهم..!!

:: وعليه، ليس مَن عاثوا كل أنواع الفساد، بل فقط الأوفياء لوطنهم وشعبهم – بالداخل تنبض قلوبهم بحُب الأهل والديار كانوا أو بالخارج يحملون الأهل والديار عشقاً نبيلاً في قلوبهم – هُم من يستهدفهم نداء (القُومَة للسُّودان)، وهذا يكفي نجاحاً.. ومن الأفضل أن يكون صغار العُقُول أعداءً لمُبادرة (القُومَة للسُّودان)، ولو دعموها لأثقلوها خُبالاً وفشلاً و(حراماً).. مُبادرة الشعب الطيِّب يجب أن يُحظى بالمال الطيِّب، وليس بالسُّحت.. ثم يكفي المُبادرة نجاحاً أن يدعمها من كانوا يهتفون بين الحين والآخر (الثورة بدت يا دوب)..!!

:: وكانوا يهتفون بهذا الهتاف في بيوت الشهداء وهم يبكون ويُقبِّلون أمّهات أخيارهم، وعندما يُساقون إلى السجون وهم يرفعون علامة النصر، وعندما تتعثّر المُفاوضات مع المجلس العسكري وهم في ساحة الاعتصام، وعند فَض الاعتصام، وهو هُتاف مُراد به تحدي المتاعب والمتاريس.. وهكذا.. و(الثورة بدت يا دوب)، كما كان هتافاً يدفع الشباب إلى الانتصار على مَن ظلمهم، يجب أن يكون – ذات الهتاف – دافعاً أيضاً لحكومة الثورة إلى الانتصار على صغار العُقُول.. وكما نجح شباب الثورة في امتحان الثورة بالعزم، يجب أن تنجح حكومة الثورة بذات العزم..!!

:: نعم، بذات العزم.. ثُمّ بخلق المزيد من مُبادرات توحيد الإرادة الشعبية وتصويبها نحو الإنتاج.. فالبلاد يشقها النيل من أقصاها إلى أقصاها، وتغرقها الأمطار في الخريف، وأرضها الخصبة على مَدّ البصر، ومعادنها النفيسة محشوة في جوف جبالها وباطن أرضها، وثروتها الحيوانية تُعد بالملايين، وغاباتها تزاحم أشجارها بعضها، ومشاريعها تتوسّد شواطئ أنهارها، وإنسانها راغبٌ في البذل وقادرٌ على العطاء.. وعليه، فالانتصار الأكبر في توسيع فكرة (القُومَة للسُّودان)، بحيث تشمل مواقع الإنتاج أيضاً..!!

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى