قوى التغيير.. الإصابة بـ(فايروس) الخلافات

 

تقرير/ عبد الله عبد الرحيم

رغم نجاحها الكبير والمشهود في اقتلاع عرش حكم البشير من أركانه التي تربع عليها زهاء ثلاثين عاماً في حكم السودان، إلا أن إعلان تحالف قوى الحرية والتغيير سرعان ما بدأت تتجذر فيه الكيانات السياسية المكونة للتحالف على شاكلة جزر منفصلة ومنعزلة، يشوب أداؤها المشترك تباينات واختلافات متعددة. وكشف هذا التطور الجديد داخل هذه القوى درجة الخلافات الكبيرة التي تدور وسط هذا المكون في وقت كان فيه بالأمس كتلة واحدة..

لكن الناظر لعموميات القضايا العالقة بهذا التحالف يلحظ درجة التباين وجذور الأزمة جراء الصراعات الكبيرة التي تعيشها بالداخل، وبغض النظر عن تفاصيل  النجاح الكبير الذي حققه تحالف الحرية والتغيير في تجاوز المطبات الأولى للحكومة الانتقالية ولقوى الحرية ككيان يشمل أكثر من خمسة كيانات، إلا أن ما يحاك من مؤامرات خلف الكواليس ضد التحالف من بعض مكوناته والصراعات الكبيرة التي بدأت في الظهور الفينة والأخرى بسبب بعض التفاصيل التي تختص بتقسيمات الحكومة الانتقالية ومقرراتها نتج عنها بروز تشوهات كبيرة داخل هذه القوى السياسية المكونة له ما يشي بأن فايروس الخلافات قد بدأ يدب داخله على نحو ما ظهر به مؤخراً. وهذا الأمر جعل الكثيرين يتساءلون عن عمق وجذور هذه الخلافات وتسلسلها التاريخي بجانب سبب تفجرها في هذه الأوقات تحديداً، وهل هذه القوى اتفقت على إسقاط نظام البشير فقط ولم تتفق على تكييف وضعها المستقبلي ولماذا هذا الاختلاف في هذه المرحلة تحديداً من عمق الثورة وتداعياتها؟

بطء القرارات

هناك الكثير من معيقات العمل داخل قوى الحرية والتغيير، أشارت إليها د. مريم الصادق المهدي عقب تقديمها استقالتها أمس الأول، في وقت اعتبرت فيه طريقة تفكير “الحرية والتغيير” بأنها لا تزال رهينة للعقلية المعارضة في العمل السياسي، وهو ما أثر بصورة كبيرة على البطء في اتخاذ القرارات وتنفيذها، ووصفت هذا البطء بالكارثي. ووصفت بعض قوى “الحرية والتغيير”، بأنهم مزدوجو الموقف، وأشارت إلى أن المجلس المركزي يتخذ قراراً بصورة جماعية في اجتماع رسمي ثم يبدأ أفراد من “التغيير” بالهجوم على القرار الذي اتخذوه أو ممثلو مكوناتهم فيه. كما انتقدت ارتهان “قوى التغيير” لمجموعة من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد دفع حزب الأمة بمشروع ميثاق جديد لقوى الحرية والتغيير، يشمل مكونات التحالف دون الذين شاركوا النظام السابق، وقال الحزب وفقاً لتصريحات د. محمد المهدي رئيس المكتب السياسي لـ(الصيحة) إن أداء تحالف قوى الحرية والتغيير شابته العديد من الإشكالات السياسية والتي بدت تظهر سوءاتها على الحكومة الانتقالية بصورة أدت للكثير من الاستقالات لبعض العناصر من قواه السياسية المكونة له. وأكد أن المشروع الجديد قد يضخ الروح في جسم التحالف العريض الذي يضم العديد من المكونات السياسية وصولاً لأفضل الحالات السياسية.

ضياع سياسي

بينما يرى القيادي بالحزب الشيوعي الأستاذ صديق يوسف، التباين داخل تحالف التغيير في كثير من القضايا بالشيء الطبيعي والظاهرة الصحية، ويضيف يوسف لـ(الصيحة) أن التباين في وجهات النظر شيء طبيعي خاصة وأن تكوين تحالف قوى الحرية والتغيير جاء من مجموعة من القوى التي قامت بالثورة ضد النظام السابق, ولذلك لابد أن تكون هنالك خلافات في بعض القضايا، بيد أن القيادي بالشيوعي يرى أن الشيء الأساسي هو أن يجلس الجميع لمناقشة القرار الذي يمكن أن يتخذه التحالف. مقدراً ذلك بأن يكون هناك توافق بقدر الإمكان. وزاد: صحيح قد لا يحصل توافق بنسبة (100%)، إلا أننا نعمل بقدر الإمكان لإنجاز ذلك.

بينما يرى محللون سياسيون أن هذه الظروف ستمثل نقطة تحول كبرى في عملية بناء الجدار السياسي القائم على حماية المكتسبات العامة من الضياع بجانب الحفاظ على هيبة الدولة رغم حالة الخوف والترهيب الكبيرة التي سرت بين الناس تخوفاً من الوصول لحالة الضياع السياسي التي تعانيها الكثير من دول الجوار. ويرى البعض أن الأمر الجاري خطير ويتطلب قوة وإرادة حقيقية من جميع القوى السياسية المكونة لتحالف قوى الحرية والتغيير للعبور بالبلاد وتجاوز مربع اللادولة إلى سودان سليم ومعافى تماماً من أمراض الانقسامات والتفلت الأمني والسياسي.

تباين الرؤى

وقال الخبير والمحلل السياسي د. الأمين الحسن لـ(الصيحة) إن معاناة قوى الحرية والتغيير من الخلافات المكتومة بين مكوناتها، يأتي لأن هذه القوى اجتمعت في لحظات عاصفة على هدف واحد وهو اقتلاع المخلوع البشير من السلطة وفي نفس الوقت لم تتفق على أطر بديلة عبر بنود متفق بشأنها ومجمع حولها وسط كل القوى السياسية المكونة لهذا التحالف، ويعضد ذلك بقوله إن التباين في الرؤى السياسية التي ينتهجها كل حزب تأتي ضد بقية قوى الكتلة الواسعة.  بيد أن التحالف قد أقر مؤتمراً تداولياً لحل هذه الخلافات بصورة تؤكد اعتراف التحالف نفسه بعمق هذه الخلافات التي تهدد مسيره . يأتي هذا بينما لا زال أمر الشراكة بين التغيير والعسكري محل تردد وشكوك في الشراكة داخل مجلسي السيادة والوزراء من قبل بعض هذه القوى المكونة للحرية والتغيير، مما أدى بدوره إلى غياب المنهجية بحسب ما ذهبت إليه د. مريم الصادق المهدي عضو التحالف عن حزب الأمة القومي.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى