بسبب “كورونا”.. سلوكيات وعادات سودانية على المحك 

خبير نفسي: أُطالب وزارة الصحة بالإدارة من موقع الحدث

 

(أصغر منك دوسو) سيوردنا موارد الهلاك

داعية إسلامي: الإثم  يرتفع عن الأمة في حالات الخوف والسيول والأمطار والأوبئة

مركز عزل: أكبر نسبة انتقال كانت عبر الأيدي

تحقيق : محيي الدين شجر

بعد أن أعلنت وزارة الصحة السودانية عن وفاة أول حالة إصابة بمرض كورونا، وعن وضع عدد من المشتبه بإصابتهم بمركز إيواء المخالطين بالخرطوم، وأعلن مجلس الأمن والدفاع عن حالة الطوارئ الصحية  بالبلاد، هل تفلح جهود الدولة في الحد من انتشار كورونا، أم  تقف عادات وسلوكيات  السودانيين عائقاً أمام برنامج الدولة الوقائي..

“الصيحة” في التحقيق التالي تتعرض إلى تلك العادات والسلوكيات مطلقة تحذيرًا شديد اللهجة بضرورة توخي الحيطة لتجنب تمدد كورونا  .

لا اهتمام

أمام أحد صفوف الخبز بأحد الأحياء الطرفية،  لاحظت الصيحة تزاحماً كبيراً دون أي اعتبار لمرض كورونا، حيث أشارت مواطنة بأنها لا تلتفت للمرض، لأن الشافي هو الله، وقالت: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، مشيرة إلى أنها مؤمنة بالله.

في حين قال مواطن لـ (الصيحة) إن كورونا لن يصيب السودانيين لأن أجواءهم حارة تقتل الفيروس، وقال إن العالم يموت يوميًا بأمراض أخرى وإنهم لن يلتفتوا إلى كورونا أو غيره من الأمراض.

لم أسمع به

سائق ركشة استطلعته الصيحة عن كورونا قال بأنه لم يسمع به وأعرب عن اندهاشه من خوف العالم من المرض، وأضاف: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

الحياة طبيعية

بسوق قمر بالجريف شرق وأسواق الحاج يوسف، وحلة كوكو، تلمست “الصيحة” عدم اهتمام المواطنين بالمرض ومواصة أعمالهم دون أي احتراز، حيث أكد عدد من الذين التقيناهم بأنهم لن يتركوا عاداتهم بسبب مرض قد يصيبهم.

كما نظّمت إحدى رياض الأطفال حفل تخرج غير عابئة بإعلان حالة الطوارئ الصحية المفروضة قبل يومين.

عادات ضارة

الخبير النفسي والاجتماعي حاتم حسن، حدثنا عن عادات وسلوكيات السودانيين، وقال: من عاداتهم التي  لا تتناسب مع مرض كورونا والتي إن لم يتركوها ستزيد من عدد الإصابات مثل عادات السلام بالأحضان والزيارات في الأحياء بسبب أو بدون سبب، واختلاط الناس في الأفراح والأتراح والزحام في صفوف الخبز في الساعات الأولى من الصباح وطوال اليوم.

مضيفاً بقوله:  هنالك مطاعم في الأصل لا تهتم بشروط السلامة، ومن الواجب عدم تناول الطعام فيها، وقال إن البوش والعصائر التي تعد بطريقة بدائية يمكن أن تنقل كورونا بسهولة..

بلا رقيب

ويري حاتم أن الحديث عن أجواء السودان التي تقتل فيروس كورونا هو حديث غير صحيح، لأن المرض انتشر في بلاد مناخاتها حارة كالبحرين والسعودية، وقال:  من العادات الأخرى اختلاط الأطفال في الأحياء ولعبهم مع بعضهم دون رقيب أو إحساس بالخوف.

وأضاف أن سلوكيات السودانيين في المصافحة والسلام بسبب وبدون سبب تنقل المرض إذا لم يكن هنالك تعقيم بعد المصافحة أو غسيل للأيدي .

لا تساعد

وقال: الشعب السوداني شعب اجتماعي تركيبته من أسر ممتدة، وإذا قمنا بمقارنة مع مجتمع الغرب نجد أن كل إنسان في الغرب يعيش لوحده،  ولكن الإنسان السوداني في طريقه في الشارع العام يمكن أن يصافح مجموعة من الناس، أما في الغرب فالتحية تكون في الأصل غير مباشرة، ولهذا فإن عادات السودانيين وسلوكياتهم لا تساعد في مكافحة المرض  ويمكن أن تكون سبباً من أسباب انتشاره، ومن الصعب إحداث تغيير في سلوكهم مع بداية ظهور المرض.

مضيفاً: العالم كله سلوكه يتفق مع واقع الحال، ولهذا الإرشادات يتم تطبيقها بسهولة، لأنها لا تتعارض مع عاداتهم  ولكن معظم الناس حالياً لا يشعرون بخطورة المرض ويتعاملون معه كأنه ملاريا.

وأوضح أن  هذا المرض يمكن أن ينتشر بكثافة وسط الشرائح الضعيفة ووسط العمال الهامشيين لأنهم لا يزالوا يختلطون غير عابئين بالمرض،  ولا زالت الحفلات تقام وتخريج رياض الأطفال مستمر رغم أنف قرارات الحكومة.

 

الإدارة من موقع الحدث

وقال حسن إنه حسب رؤيتي أن المرض سينتشر بكثافة وسط الأعمال الهامشية، لأنهم لا يتابعون خطورة المرض وفيهم من لم يسمع به حتى الآن.

وطالب  وزارة الصحة بأن تقوم بعمل ميداني لتوعية الناس في المناطق الصناعية وفي الأسواق عن طريق الإدارة من موقع الحدث لتعديل السلوك، مشيراً إلى أن انتشاره سيكون طريق الفئات الضعيفة، وقد تكون هنالك حالات لا أحد يعلمها وهنالك من لا يعرف الاتصال هاتفياً.

مبيناً أن السودانيين شعب بسيط، ولا يملك تقنيات مثل العالم وإن اتصلت الآن في الأرقام التي حددوها لا أحد سيستجيب ولقد اتصلت أنا كثيراً ولم يستجب أحد منتقداً المثل الذي يعتمد عليه معظم السودانيين  (أصغر منك دوسو) مع أن المرض انتقل من صيني واحد إلى الآلاف .

سلبي وأيجابي

مدير مركز إيواء المخالطين بالخرطوم الدكتور مجاهد محمد حسن محجوب، قال لـ (الصيحة): السودانيون بطبعهم لهم ميزات إيجابية وأخرى سلبية، وإيجابية مثل الوضوء خمس مرات للصلاة والاستحمام المستمر والغسيل والنظافة الشخصية، أما السلبية فالسلام والمصافحة وجلسات النساء في الجبنة، وجلوس الشباب أمام ستات الشاي، واستلاف سفة السعوط وتبادل التدخين (تخميس السيجارة).

وقال إن الكورونا مرض ينتقل عن  طريق التنفس الرذاذ تحديداً، ويخرج من المريض عن طريق الرشح أو العطس أو الكحة، ويعيش داخل الخلايا لا خارجها.

عفوية

وأوضح أن السودانيين يتعاملون بعفوية في كثير من الأشياء يشربون بنفس الكأس  ويأكلون مع بعضهم البعض،  وهنالك مسائل نمارسها كسلام الأحضان والمقالدة..

مشيراً إلى أن أكبر نسبة انتقال للمرض تمت عبر الأيدي،  وأضاف قائلاً: نوصي باجتناب ما ذكرته سابقاً وبالابتعاد عن أماكن التجمعات وصالات المناسبات.

غسل الأيدي

وأوصى دكتور مجاهد بغسل الأيدي بالصابون عبر الاسبرت أو المعقمات أو الكلونيا وغيرها من المطهرات وارتداء الجوينات، مشيراً ألى أن ارتداءها أفضل من لبس الكمامات

طاعون عمواس

الداعية الإسلامي وإمام مسجد الصحافة مربع 40، أحمد الجبراوي في بداية حديثه تمنى من  الله أن يرفع البلاء عن الشعب السوداني، وقال:  ينبغي أن يُدرك أن الأوبئة والأمراض من الابتلاءات تتم مقابلتها بمثلها وما يوازيها وبالتالي ينبغي أن يرجع الناس إلى الله، ثم الالتزام بأحكام الشريعة في مثل هذه المواقف، والرسول نهى عن دخول الصحيح على المصاب، كما جاء في البخاري وغيره، ويجتنب الإنسان أماكن الوباء والمرض ويبعد عنها، وهذا يسمى بالحجر الصحي والذي اتخذه الصحابة في زمن سيدنا عمر بن الخطاب في العام الثامن عشر من الهجرة، حينما وقع شيءٌ فظيعٌ مروِّعٌ، وهو ما تذكره المصادر باسم (طاعون عِمَواس) وقد سمِّي بطاعون عِمَواس نسبة إِلى بلدةٍ صغيرة، يقال لها: عِمَواس، وهي: بين القدس، والرَّملة؛ لأنَّها كانت أول ما نجم الدَّاء بها، ثمَّ انتشر في الشَّام منها، فنسب إِليها.

الأقدار تُدفَع بالأقدار.

ويضيف الجبراوي: صحيح كل شيء على الله، لكن الله أمرنا أن نتخذ الأسباب للابتعاد عن المخاطر، والأقدار تدفع بالأقدار، صحيح المرض قدر والجوع قدر والعطش قدر، ولكن يجب الأكل والشرب ومكافحة المرض،  وأن لا  أقول مقدر لي أجوع فلا آكل لأن الأقدار تدفع بالأقدار.

الانصياع

ويواصل حديثه قائلاً: ينبغي أن نتخلى عن عاداتنا والمجاملات،  وأن  ننصاع إلى كلام الأطباء وحكومتنا، بتجنب التجمعات حتى الصلاة يتم تخصيصها، وينبغي أن تكون وفق أجواء صحية، لأن الإثم  يرتفع عن الأمة في حالة الخوف والسيول والأمطار وغيرها، فما بالك بالأوبئة الكبيرة  الفتاكة نترك المجاملات العجيبة، نبتعد عنها قدر الاستطاعة  والدين حض على كل ذلك،  ولا يجب أن نتلاعب في زمن الكورونا، وهذا وباء،  وأي تهاون وأي مجاملات تؤدي إلى مزيد من الإصابات، ويكفينا ما نحن فيه من أزمات وضيق، فلا لا نزيد على الناس الوبال وَبالَين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى