كورونا بالسودان.. مهددات اقتصادية

 

الخرطوم:جمعةعبد الله

ضرب فيروس “كوفيد 19” المعروف بكورونا، اقتصادات العالم، وأدى لخسائر بالمليارات في عدة دول، وبنظرة سريعة على أبرز الخسائر الاقتصادية التي سببها انتشار الفيروس في محيط دول الجوار، تشير الوقائع إلى انهيار بورصات كبرى بنسب تفوق الـ 10% كأكبر تراجع خلال العقود الأخيرة، كما فقدت مؤسسات مثل “أرامكو” نحو 80 مليار من قيمتها السوقية خلال أيام معدودة، فيما بلغت جملة خسائر الأسهم الخليجية 244 مليار دولار حتى أمس.

وفي السودان، رغم تسجيل حالة إصابة وحيدة كانت نهايتها الوفاة، إلا أن الحالة مشكوك في صحة تشخيصها هل هي بالفعل كورونا أم لا، وبشكل عام – حتى الآن-  فإن السودان من الناحية العملية ما يزال بعيداً عن التأثر بالمرض، ورغم عدم انتشار الفيروس بالسودان، إلا أن تأثيراته الاقتصادية كانت حاضرة للوهلة الأولى، فمن أهم العوائد الاقتصادية التي كانت متاحة وتوقفت، رحلات الطيران والوفود السياحية، حيث أدى انتشار الفيروس بدول مجاورة لتعليق رحلات الطيران من وإلى البلاد لعدد من دول العالم، وهذا بالتأكيد سيكون لها أثرها الاقتصادي، بالإضافة إلى توقف النشاط السياحي على قلته، وهو أحد مصادر النقد الأجنبي التي من المتوقع أن تقل بنسبة كبيرة لتوقف الوافدين من أجل السياحة.

وتمثلت أبرز أضرار كورونا حتى الآن، في ضرب الموانئ البحرية في قطاعي الصادر والوارد، حيث كشفت متابعات “الصيحة” عن توقف 75% من حجم الصادرات ليوم أمس كنتيجة لوقف الدخول والخروج بسبب المخاوف من انتشار الفيروس، وقال المخلص الجمركي، صلاح شرف لـ “الصيحة” أمس، إن انتشار الفيروس بعدة دول ومنع الدخول والخروج أدى لتوقف الصادرات المتكدسة بالموانئ، لافتاً إلى أن ذات الأمر ينطبق على الواردات التي تواجه صعوبة في الدخول، موضحاً أن مصيرها “غير معلوم”.

لافتًا إلى أن الموانئ “أصيبت بالشلل” بسبب انتشار فيروس كورونا، وكشف عن توقف 75% من الصادرات، وذات النسبة للواردات، وقال إن الميناء يشهد حالة أشبه بـ “الشلل”، وقال إن الظروف الحالية غير مواتية لتنشيط حركة الصادر والوارد، وهاجم صلاح سياسات هيئة الموانئ البحرية معتبراً أنها السبب في معاناة المخلصين والمصدرين والمستوردين، وعزا الأمر لبطء الإجراءات الفترة السابقة حتى تكدست بضائع كبيرة في انتظار إكمال إجراءات التخليص، علاوة على الزيادة الثانية التي فرضتها الهيئة على رسوم الأرضيات مؤخراً، وقطع بأن هذه الزيادات التي أسماها بغير المدروسة ستنعكس سلباً على أسعار السلع والبضائع، وقال إن المواطن سيتحملها أولاً وأخيراً مما يزيد من الضائقة الاقتصادية بالبلاد.

ويقول المحلل الاقتصادي، قاسم صديق، إن الوضع الاقتصادي للبلاد لا يحتمل أي كارثة جديدة، موضحاً أن سياسات الحكومة في الأصل لم تكن موفقة، وقال إن ظهور الوباء زاد الأمر سوءاً وفاقم من حجم الأزمة، وقال إن الزيادة الأخيرة على رسوم الموانئ والأرضيات ستنعكس سلباً على تكلفة السلع الصادرة والواردة كما تؤدي لارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج المستوردة، وتقلص بالضرورة من حجم الإنتاج الكلي وتؤدي إلى ضعف الصادرات أو تقليل قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية بعد تصديرها، مشيرًا إلى أن هذا الواقع نتيجته الحتمية هي إبقاء البلاد حبيسة لاستجداء المنح والهبات من الخارج، لأن الديون لم تعد متاحة للسودان لسوء تصنيفه الدولي.

أما أبرز العقبات التي تواجه الحكومة في الحد من هذه الآثار هو ضعف إمكانيات الدولة والضغوط الاقتصادية التي تواجهها مسبقاً، وحجم الضائقة المعيشية التي تزداد إحكاماً حول أعناق المواطنين، مما يجعل نسبة عالية منهم مضطرين جبراً إلى مخالفة إجراءات الحجر والمساهمة في تفشي الفيروس، بسبب صعوبة توقفهم عن العمل وعدم مقدرتهم على مجابهة تكاليف العيش وتوفير الضروريات اليومية في ظل عدم وجود مبادرات حكومية لتقديم مساعدات مادية.

ويرى مختصون أنه وفي ظل هذه الأوضاع من الضروري لإنجاح خطة الحد من انتشار الفيروس، إيجاد صيغة لمساعدة الفئات الهشة على العزل وعدم التنقل بسبب إجبارية العمل، وأماكن التجمعات في الأسواق ووسائل ومواقف المواصلات التي تشكل بيئة مناسبة لنقل العدوى وانتشار الفيروس، كما أن هناك أشخاصاً ليس لهم أي خيار سوى الخروج للعمل لتوفير نفقاتهم اليومية، وهو ما يجعل امتثالهم للحجر الصحي شبه مستحيل خاصة مع زيادة أسعار الغذاء نتيجة الهلع والمضاربة والاحتكار.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى