الطاهر ساتي يكتب : أيهما يغادر..؟؟

:: ليس هناك ما يستدعي مساءلة محافظ بنك السودان محمد الفاتح زين العابدين، أو كما يطالب البعض منذ الاثنين الفائت، حيث صدر فيه قرار إعادة العاملين الذين فصلتهم لجنة إزالة التمكين إلى الخدمة، مع قائمة الفصل بأنها (غير معتمدة).. فالرجل لم يفعل شيئاً غير تنفيذ توجيه صادر عن إحدى السُّلطات العليا، وخادع أو مخدوع من يطالب بمحاسبته، لأن قرار إعادة المفصولين بأمر لجنة إزالة التمكين أكبر من أن يصدره محافظ المركزي..!!

:: وثمة ملاحظات في هذه القضية، أولها أن رد فعل الرئيس المناوب وأعضاء لجنة إزالة التمكين ومقررها كان دون التوقعات، إذ اختزلوا كل ردود فعلهم في بيان مجهول الكاتب.. وكان أقوى ما في البيان بالنص: (عليه تؤكد اللجنة على نفاذ قرارها الصادر بالرقم (492) والقاضي بإنهاء خدمة عاملين ببنك السودان المركزي والمؤسسات التابعة له وعلى محافظ البنك تنفيذ القرار وفقاً لمقتضيات القانون)..!!

:: ثم.. كما غاب اسم وتوقيع كاتب البيان، غابت أيضاً اللغة الثورية، وكذلك التهديد بالشارع والوعيد به.. هذا الشارع المغلوب على أمره، أصبح مثل (القباب)، بحيث يقصدها الحيارى في أحزانهم ويتبرّكون بتراب قبورها، ثم يتجاهلونها في مسراتهم.. والمهم، رغم عظمة الحدث، فإن هذا البيان يختلف عن بيانات اللجنة السابقة، إذ يبدو موضوعياً وعقلانياً، على غير العادة..!!

:: ثم غابت التصريحات النارية التي تعوّدنا عليها من السادة أعضاء اللجنة في مثل هذه المواقف.. لم يُغرّد صلاح مناع في وجه المحافظ غاضباً، ولم يتوعد وجدي صالح، المحافظ بالويل والثبور وعواقب الأمور، ولم.. ولم.. وغير ما تسرّب عن توجيه رئيس الوزراء لمحافظ المركزي بتنفيذ قرار لجنة التمكين، فلم يصدر أي تصريح من الذين عُرفوا بالتصريحات الثورية، وهذا الصمت جدير بالتوقف عنده..!!

:: ثم الملاحظة الأخرى، لم يصدر أي تصريح – لا شفاهة في الإعلام ولا كتابة في صفحته الإلكترونية – عن رئيس الوزراء حول القضية، وما قيل إنه وجه المحافظ بتنفيذ قرار اللجنة، كان تسريباً.. وما تعوّدنا من حمدوك غير الجهر بالمواقف (كتابة وشفاهة)، وليس تسريبها.. وعلى كل حال، فالقضية لم تعد هي مصير العاملين، بل هي مصير اللجنة والمحافظ.. أيهما يبقى؟، وأيهما يغادر..؟؟

:: لو لم يحدث شئ لقرار المحافظ، أي لو زاول العائدون أعمالهم، فليس هناك أي خيار أمام السادة أعضاء لجنة إزالة التمكين غير تقديم استقالة جماعية، مع حل لجنتهم بأنفسهم، لأنها غير ذات جدوى أو معنى.. أما لو نفّذ محافظ بنك السودان توجيه رئيس الوزراء و(بلع قراره)، وبلّغ العائدين بمغادرة البنك، هنا عليه أن يغادر معهم (حِجِل بالرِّجل)، ما لم يكن راضياً بأن يكون مجرد (خيال مآتة)..!!

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى