مُحاولة اغتيال حمدوك.. للغدر أكثر من سيناريو!!

تعدّدت السيناريوهات والهدف واحد

 

تقرير- مريم أبشر

غبارٌ كثيفٌ أثارته مُحاولة التفجير الإرهابية الفاشلة التي  استهدفت بشكلٍ مُباشرٍ، توقيتاً وتصويباً، موكب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أمس الأول وطاقمه الأمني المرافق بالقرب من جسر كوبر عند منحنى الناحية الشمالية الشرقية، المُحاولة الفاشلة خلفّت وراءها جُملةً من التساؤلات والاستفهامات حول دوافع وأهداف تلك الخطوة وفي هذا الظرف تحديداً والرسائل المُعلبة التي سعت الجهة المُنفذة لتوصيلها، حتى أمس لم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن الحادث (بخلاف رواية ضعيفة لمجموعة أسمت نفسها الشباب الإسلامي)، فيما قالت الحكومة إنها شرعت فور وقوع الحدث في إجراء التحقيقات لمعرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم، غير أنّ سيناريوهات كثيرة رسمها المحللون المختصون تُؤشِّر كلها نحو أطراف بعينها ربما تكون ضالعة في الجرم الدخيل على المُجتمع السوداني المعروف بالتسامُح والأريحية في التحرك دون حواشٍ صناعية، وسُجِّلت محاولة اغتيال حمدوك بأنها الحادثة الأولى في تاريخ السودان السياسي.

محاذير أمنية

الكثيرون أكدوا أنه من الخطأ استباق نتائح التحقيقات التي شرعت الجهات المُختصة في اتخاذها، غير أنّ الجميع أمن على أنّ الجهة التي أقدمت على المُحاولة الإرهابية هي جهة أصابها الضرر من قيام الثورة.
ويرى الباحث الأكاديمي البروفيسور عبده مختار أنّ علينا أن نتحسّب لأسوأ الاحتمالات في المُسقبل القريب، لجهة أنّ هنالك جهات فَقدت السُّلطة وتخطِّط للعودة بأيّ طريقة، ويرى مختار ضرورة وضع محاذير أمنية وترتيبات مُختلفة لكل الشخصيات المُهمّة، ودعا للتخلي عن نمط العفوية المتُّبع لدى كل الشعب السوداني بما فيه المسؤولين، وأن نضع اعتباراً لمثل هذه الاختلالات الأمنية، واعتبر استهداف “حمدوك” هو استهداف للثورة، لجهة أن رئيس الوزراء يمثل رمزية الثورة التي اقتلعت النظام وأطاحت بمصالحه، ويضيف: (استهداف حمدوك ضرب للثورة).

الأزمة الاقتصادية

تزامن الهُجُوم مع أزمة اقتصادية شديدة تعيشها البلاد، ووقع الحادث بعد أربعة وعشرين ساعة فقط من إعلان تشكيل آلية اقتصادية برئاسة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي حميدتي وعضوية بعض قيادات في المجلس العسكري ومجلس الوزراء، حيث ينتظر الجميع من الآلية تحرُّكاً حاسماً يرى المُواطن آثاره على صفوف الخبز والوقود، وربما هدفت المُحاولة لإحداث حالةٍ من الارتباك وجر الحكومة للتركيز على النواحي الأمنية أكثر من الجوانب الاقتصادية المُتأزِّمة.

الدولة العميقة

الدكتور والمُحلِّل السياسي وأستاذ العلوم السياسية صلاح الدومة، وصف من خطّط ونفّذ بالجهل والغباء، واتّهم بشكل مباشر الدولة العميقة وكتائب الحسم والمؤتمر الوطني بالوقوف خلف المُحاولة، وبرّأ في ذات الوقت، قوات الدعم السريع، وأضاف: هؤلاء كانوا يرون أن الإقدام على هذه الخطوة سيصب في صالحهم، وأكّد أنّ الهدف لم يكن اغتيال حمدوك بقدر ما أنه محاولة لتخويفه، عازياً ذلك للخطوة التي اتّخذها بالتوقيع على اتفاق اقتصادي وخلق آلية اقتصادية برئاسة حميدتي، ويضيف بأن من خطط للهجوم متضرر من التقارُب بين المُكوِّن العسكري والمدني خاصة بعد ترؤس حميدتي للآلية الاقتصادية، ما أصاب مصالح المُخطّطين في مقتل، واتفق مع الدومة بعض المُحلِّلين الذين صوّبوا على الفور أصابع الاتهام نحو عناصر النظام السابق باعتبارها وفق ما يرون أنه صاحب مصلحة حقيقيّة في تصفية حمدوك صاحب القبول المحلي والدولي غير المسبوق لمسؤول سوداني بغرض إحداث ربكة في المشهد السياسي وخلط الأوراق، فَضْلاً عن غرس الخوف والهلع السياسي وسط الشعب السوداني، ويرون أنّ هذه الفئة لم يعد لديها ما تخسره، مع الأخذ في الاعتبار الخنق الذي أصاب التنظيم جرّاء آلة التفكيك التي طالت أجهزته، فَضْلاً عن وضع قيادات الصف الأول في المُعتقلات جراء جُملة من التُّهم التي يجري التحقيق حولها من قبل الأجهزة المختصة.

إثارة فتنة

مصدر مسؤول بمؤسسة سيادية فضّل حجب اسمه تحدث لـ(الصيحة)، اعتبر الحادثة سُلوكاً دخيلاً على الشعب السوداني وهو يمضي نحو إرساء بنيات ومؤسّسات الديمقراطية  الخامسة، ويعتقد أنّ من سعي للفعل الأخرق هدف لإثارة الفتنة التي سيكون الشعب السوداني المُتضرِّر الأول منها، ويمضي بأن بُعداً آخر وهو محاولة إظهار البلد غير آمن، وأن الحكومة غير قادرة لتوفير الحماية لقيادتها، ومن ثم فإنّ وجود قوة أممية للحماية، غير أنّ الدومة أشار لسيناريو آخر وهو أن من خطط للهجوم الغادر سعى لأن يكون متزامناً مع الزيارة المهمة التي يقوم بها نائب وزير الخزانة الأمريكي والمباحثات المهمة التي أجراها بالخرطوم والتبشير بأنّ رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بات وشيكاً، وأضاف: سعت الجهة لبعث رسالة محددة للإدارة الأمريكية وهي أنّ السودان الذي تنوون رفع الإرهاب عنه تُمارس فيه التفجيرات.

لفت نظر

البعض مضى لسيناريو آخر، ورأي في المُحاولة بُعداً عسكرياً مرسوماً من بعض الأطراف غير الراغبة في وجود المكون المدني، وأنها ربما تسعى لإدخال نمطٍ جديدٍ وهو الاغتيالات السياسية والهجمات الإرهابية، مع الأخذ في الاعتبار أن ما أُثير مؤخراً بعد الهجمات التي نفّذتها هيئة العمليات في جهاز الأمن وعدّها مُحاولة انقلابية ومن ثَمّ الانقضاض واستلام السلطة.

أصابع مدنية

تتعدّد السناريوهات والهدف واحدٌ هو تصفية حمدوك الوفاقي، ربما تكون بعض تيارات اليسار في قوى الحرية والتغيير التي تتّهم رئيس الوزراء بالتراخي وإبداء قدر كبير من المرونة في التعامل مع المكون العسكري والإسلاميين، خاصّةً بعد أن تم اختيار حميدتي رئيساً للآلية الاقتصادية ضالعة في المحاولة.

أيد خارجية

سيناريو تورُّط جهات خارجية لم يكن مُستبعداً، خاصةً بعد أن سرى في الوسائط الإلكترونية عن إلقاء السُّلطات القبض على أجنبي اشتبهت الجهات الأمنية فيه ألقى عليه القبض في موقع التفجير، ويعتقد مصدر مطلع أن بعض الدول الإقليمية غير راضية عن مواقف بعض قوى الثورة، فَضْلاً عن أنّ قيام حكم ديمقراطي بالسودان قد يُثير عليها شعوبها ولا يستبعد ولوجها في دائرة الاتّهام ومُحاولة إجهاض الثورة قبل أن تكمل مُؤسّساتها وجرفها عن مسارها.

آن الأوان لكنس بقايا النظام السابق

ومضى آخرون لسيناريو آخر وفق رؤيتهم، وأنه وفي ظل ما اعتبروه فشلاً لحكومة حمدوك في فك شفرة الضائقة الاقتصادية  ومُعالجتها بالبلاد، لجأت بعض الأطراف لهذا الخيار لرفع شعبية حمدوك التي فقدت الكثير وسط قوى الحرية والتغيير وشباب الثورة، فيما نظر آخرون من زاوية أخرى للمُحاولة وهي أنّ الحكومة الانتقالية تسَاهلت كثيراً مع بقايا النظام السابق وأنه آن الأوان لكنس بقاياهم والمضي قدماً نحو مزيد من التفكيك وإبعادهم عن دائرة الفعل بالحكومة، خاصّةً وأنّ هنالك شبه إجماع بأنّ بقايا المؤتمر الوطني ما زالوا يباشرون مهامهم في كل مفاصل الدولة.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى