شاب مخترع يقدّم تطبيقاً للتحكم في ضبط وتوزيع الوقود

 

المهندس عاصم الطاهر: المشروع يوفر أكثر من مليار ومائة مليون دولار سنوياً

يتم صرف الوقود المدعوم عن طريق “باركود” يُخصص لكل سيارة

التطبيق عبارة عن جهاز صغير أشبه بماكينات نقاط البيع

البرنامج لا يحتاج إلى أي بنية تحتية جديدة خلاف الموجودة

قدمتُ مبادرة أيضاً لحل مشكلة النظافة لكنها ظلت حبيسة الأدراج

يمكن الاستفادة من ذات البرنامج في حل مشكلة الخبز

حوار : جيلي أنا

أزمات مُتلاحقة تُعاني منها البلاد حالياً وظروف اقتصادية حرجة أفرزت واقعاً معقداً، ورغم الانفراج الذي حدث خلال الفترة الماضية عادت الصفوف المتعرجة مُجدداً أمام طلمبات الوقود والمخابز، وجدل استمرار “الدعم” ورفعه يثير حالة من السخط في  الشارع المأزوم الذي ينتظر حلول الحكومة الانتقالية التي تشكو بدورها من تسرب الوقود المدعوم وتهريبه ونقصان حصص الدقيق المدعوم أيضاً بكميات كبيرة، ما يخلق فجوة، بالإضافة إلى الموجودة أصلاً في ظل أزمة النقد الأجنبي المُستفحلة، وتصاعد العملات الأجنبية بصورة يومية في السوق الأسود.

في هذه المساحة نستضيف واحداً من الشباب المبدع الذين يفكرون خارج الصندوق مهموم بالمساهمة في حل الأزمات الحالية خاصة “الوقود” والخبز”، المهندس عاصم أبو عبيدة الطاهر المختص في برامج وتطبيقات الحاسوب، له العديد من المبادرات من بينها تطبيق “عادل” لإدارة وتوزيع المحروقات والسلع المدعومة، فكرته تقوم على ضبط صرف الحصة المقررة من الوقود المدعوم  للمستفيدين، والتأكد من أن المستفيد لن يصرف حصة جديدة من محطة وقود أخرى للحد من التهريب ومعرفة الكميات الحقيقية المُستهلكة وتوفير قاعدة بيانات دقيقة، ويمكن استخدام ذات البرنامج لحل أزمة الخبز.

بطاقة تعريفية

اسمي عاصم أبو عبيدة الطاهر، مهندس، ومختص في برامج الحاسوب، من مواليد العام 1970،  ومهتم بالمبادرات الاقتصادية التي تساهم في تغيير حياة الناس وتقليل المعاناة والجهد من خلال التقنيات الحديثة، عملت في العديد من المشاريع، وأسست  كمبيوتر وزارة الدفاع في العام 1993، وعملت أيضاً مدير تسويق بالأمارات، وشاركت في مؤتمرات علمية، وكنت رئيساً للجنة المنظمة للمؤتمر العالمي الأول لإدارة وترشيد الطاقة 2013، ورئيس وصاحب فكرة مؤتمر الخزانة الموحدة التجربة العربية الأفريقية 2015، ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر العربي الإفريقي للتعليم الذكي.

 

*أغلب اختراعاتك وتطبيقاتك تركز على الحاسوب والبرامج التقنية..

نعم، تخصصت في برامج الحاسوب، وأصبحت غالب اهتماماتي تتعلق بالتطبيقات والأنظمة الذكية، ولدي عدد من الاختراعات في هذا الشأن، منها “محطة الكهرباء الصغيرة،  ونظام تتبع الركاب عبر المطارات وبطاقة العبور، و”مكيف مرتاح”، نظام الصرف الصحي المنزلي، ومكيف غاز برد السودان،  وتطبيق “ساهل دفتر الفروض الإلكتروني” ومن أهم التقنيات الأخيرة التي أنجزتها تطبيق “عادل” لإدارة وتوزيع المحروقات والسلع المدعومة.

*كيف يستطيع تطبيق “عادل” التحكم في توزيع الوقود والسلع المدعومة؟

أصلاً الفكرة أتت مُبادرة للمساهمة في حل أزمة الوقود والتحكم في السلع المدعومة وقفل باب التلاعب والتهريب، فنظام “عادل” يضبط صرف الحصة المقررة من الوقود المدعوم  للمستفيدين والتأكد من أن المستفيد لن يصرف حصة أخرى، والفكرة تقوم على تحديد  كمية محددة، مثلاً “60” جالوناً شهرياً طبعاً يمكن أن تكون قابلة للزيادة من قبل الجهات المختصة واقترحت حسب الدراسة المرفقة للمشروع أن تكون الحصة الشهرية “60” جالوناً بواقع “2” جالون يومياً  للمستفيد.

*ما المزايا التي يوفرها النظام؟

النظام حال تم تطبيقه سيوفر ملياراً ومائة مليون دولار سنوياً للدولة يمكن أن توجه لتطوير قطاع النقل فضلاً عن توفير الوقود وإنهاء التلاعب والحد من التهريب، لأن الحلول التي طُرحت مؤخراً تقليدية ومحاكاة للتجربة الفاشلة أيام “النظام البائد” باستخدام “التذاكر الورقية”.

*كيف يعمل تطبيق “عادل”؟

هو عبارة عن جهاز صغير أشبه بماكينات نقاط البيع أو ما يُعرف بـ “السداد الإلكتروني”، تُملك للعاملين في طلمبات الوقود، وواجهة التطبيق مقسمة بنظام وتصنيف دقيق جداً “شركات، محطات وقود مركبات”، ويتم صرف الوقود المدعوم عن طريق “باركود” لكل مركبة يدمج مع الترخيص السنوي للمركبة بمعنى أي مركبة غير مرخصة لن تستحق الحصة من الوقود المدعوم.

*كيف يتعامل المستفيد هل يستخدم بطاقة “الصراف الآلي” المعروفة أم بطاقات خاصة؟

النظام يعمل على بطاقات خاصة بمواصفات فنية محددة ليست ككل البطاقات الموجودة، توزّع على أصحاب المركبات بها شريحة إلكترونية تضم جميع بيانات المُستفيد والمعلومات عن المركبة تظهر عند تمريرها على الجهاز المُخصص الموجود في طلمبة الوقود، والميزة المهمة أيضاً أن الجهاز يمكن أن يعمل “أوف لاين” أي لا يحتاج إلى شبكة إنترنت.

*كيف يتم التحكم بدون “شبكة انترنت” المستفيد يمكن أن يحصل على الوقود من أكثر من طلمبة؟

هنالك ميزة موجودة في التطبيق تسمح فقط بالتعامل بالبطاقة مرة واحدة خلال اليوم، وفي نهاية اليوم أو منتصفه يمكن رفع التقارير اليومية من شركات الوقود إلى وزارة النفط والجهات المعنية بالكميات المباعة من الوقود المدعوم.

*وكيف يحصل المستفيد على زيادة إذا كانت الحصة المقررة لا تكفيه؟

عليه أن يلجأ إلى الوقود التجاري، فإن الدولة مثلاً تستطيع دعمك يومياً بـ (2) جالون وقودا مدعوماً، وإذا كان استهلاك المستفيد أكثر عليه أن يُكمل من التجاري، ويمكن أن يكون في ذات المحطة، أو تخصيص طلمبات وقود تجارية مثلما يحدث الآن، الفكرة أشبه بتجربة “الكهرباء المدعومة” حالياً إذا أنهيت المدعوم تلجأ لشراء التجاري.

*هل الإمكانيات متاحة والبنى التحتية مؤهلة لتطبيق الفكرة؟

نعم، التطبيق لا يحتاج إلى أي بنية تحتية جديدة خلاف بقية الأنظمة الموجودة حالياً مثل تطبيقات “نظام البيع والسداد الإلكتروني”، فضلاً عن أنه يوفر قاعدة بيانات حقيقية ودقيقة، وأنا مركز علي “ملف الدعم” لأنه ملف خطير وحساس جداً وللأسف لازال المسؤولون يتخبطون في الإجراءات ولا أحد يريد أن يفكر خارج الصندوق، وسبق أن نشرت هذه الفكرة في بعض وسائل الإعلام، ولكن لم يبادر أي مسؤول للاستفادة من هذه التطبيقات، مع العلم  أنه يمكن أن يعمل ذات النظام المخصص لضبط الوقود في حل أزمة الخبز.

*كيف يستفاد منه في حل أزمة الخبز؟

ما يميز التطبيق أن النظام بذات النسخة يمكن أن يعمل في المخابز لضبط توزيع الخبز ومنع تهريب الدقيق، وذلك مع تغيير الواجهات فقط بدلاً عن تصنيف “شركة وقود يمكن أن يكون محلها مطحن، وبدل مركبة مواطن، وبدل محطة مخبز”، وفي هذا الشأن لدي رؤية يمكن أن توفر حوالي “255” ألف جوال دقيق شهرياً كانت تذهب إلى الولايات مع العلم أن أصحابها موجودون في الخرطوم بمعنى أنه يتم توزيع الدقيق حسب عدد سكان الولاية وفقاً للسجلات الموجودة لخريطة التعداد السكاني دون الانتباه إلى هجرة معظم سكان الولايات إلى الخرطوم، وللأسف هذه نقطة لم تنتبه لها الحكومة البائدة أو الحالية، فالخرطوم تضم حوالي “6” ملايين مواطن من الولايات بسبب الحروب والظروف الاقتصادية، وهؤلاء تذهب حصصهم كاملة إلى ولاياتهم ما يفتح الباب إلى تسهيل عمليات التهريب، وفي حال تم تطبيق “عادل” في الخبز يمكن أن نحصر جميع المستفيدين في العاصمة والولايات بصورة دقيقة.

*هل من المنطقي أن يحصل المواطن على الخبز ببطاقة؟

بالعكس أفضل أن يكون كل مواطن لديه بطاقة للحصول على السلع المدعومة الفكرة ليست صعبة، لأن ذلك يُحدد بشكل دقيق جداً الاستهلاك الحقيقي للدقيق، لأن النظام في نهاية اليوم يقوم بإرسال تقرير يومي للجهات المختصة  بعدد قطع الخبز المباعة للمواطن، وبهذه الطريقة تتم مراقبة الحصص الموزعة للمخابز آليا دون طواف ميداني، والنتيجة مُربحة حتى لأصحاب المخابز لأنه يتوفر له بيع خبز تجاري لغير المُستحقين من الأجانب وأصحاب المطاعم.

*هل قدمت أياً من المبادرات لأي جهة مسؤولة؟

نعم، قدمت تجربة أخرى لوزارة التربية والتعليم تطبيق بعنوان “ساهل”، وهو عبارة عن دفتر الفروض الإلكتروني وهو أول تطبيق بديل للحقيبة التقليدية، ويستعمل من الحضانة إلى الجامعات بنفس النسخة، ومن ميزاته الكتابة اليدوية على الجهاز بذات واقعية الكتابة التقليدية.

ولكن للأسف لدي تجربة سيئة للغاية مع الحكومة المدنية الحالية، كما ذكرت أنا مهتم بالتعليم الذكي وقد قمت بالإعداد للمؤتمر العربي الإفريقي للتعليم الذكي منذ أغسطس الماضي وبعد أخذ الموافقات الرسمية من وزارة التربية والتعليم من الوزير ومدير مركز المناهج، وتم الإعداد للمؤتمر حسب الموافقات المسبقة بشهر ونصف، لكن تفاجأت بخطاب من دكتور القراي قبل خمسة أيام فقط لانطلاق المؤتمر أكد خلاله تأجيل المؤتمر حتى يتم عبر رؤية الوزارة وإتاحة الفرصة لشركات الحوسبة الخاصة أو سحب رعاية الوزير، ولكن لم أرضخ لهذه الشروط والحمد لله تمكنت من إقامة المؤتمر، وتم إهداء “تطبيقي التعليم” لروح والدي وشهيد المعلمين أحمد الخير وشهداء ثورة ديسمبر.

*علمنا أن لديك مبادرة أيضاً للمساهمة في حل مشكلة النظافة.

هي فكرة بسيطة جداً سلمتها للجهات المسؤولة في عهد النظام البائد، وبالفعل سلمتها لوالي الخرطوم الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، وبدوره  حولها لوزير البيئة حينها وكان مصيرها الأدراج، وسلمتها أيضاً للوالي الجديد في عهد المدنية الفريق عبدون وللأسف أيضًا تم تجاهلها.

*كيف تقوم فكرة النظافة؟

“يلا ننظف” مبادرة لجمع أكثر من “200”  طن من النفايات من داخل الأحياء بتكلفة قليلة، وتعتمد المبادرة علي توزيع أكياس نفايات لأصحاب المركبات في محطات الوقود وكل صاحب عربة وهو خارج من المنزل يأخذ نفايات اليوم باليوم ويضعها في أقرب تقاطع في الشارع العام بعد وضع حاويات كبيرة وأماكن مخصصة لها وبهذه الطريقة يتم جمع أكبر عدد من النفايات دون تكلفة تذكر.

*كلمة أخيرة..

كلمتي  الأخيرة أوجهها لكل الشعب السوداني وخصوصاً الشباب أن يلتفوا حول المبادرات ليس مبادرتي فقط، فالسودان مليء بالمبدعبن والمفكرين، وأناشد الجميع لدعم تطبيق “عادل” لإدارة وتوزيع المحروقات والسلع المدعومة ومبادرة النظافة، ومن باب التقدير أيضاً كل الشكر للمهندس الشاب عبد القادر عبد المنعم الذي  نفّذ التطبيق.

ووصيتي لكل الشباب أن هيا إلى العمل، والشكر كل الشكر لصحيفة “الصيحة” لإتاحة الفرصة لإيصال صوتي عله يصل المسؤولين ويلتقطوا هذه المُبادرات وهي منظومة عملية وعلمية وليست مستحيلة إن وجدت القوي الأمين لتنفيذها، وأنا جاهز لتنفيذها.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى