شباب الثورة

 

*العام الماضي وقبل سقوط نظام الإنقاذ كانت جل شوارع الخرطوم “مترسة” من الثوار احتجاجاً على الوضع المتأزم والضائقة المعيشية والأزمات المتلاحقة في الوقود والخبز والسيولة وغيرها من الأزمات.

*أذكر أثناء عودتي قرابة منتصف الليل –تلك الايام- وجدت متاريس في شارع الحرية من بعض الشباب، فأردت الرجوع بشارع آخر ولكن “الثوار” قفلوا ذات الشارع، فقلت لاحدهم لماذا تغلقون الشوارع ليتضرر المواطن وتتعطل حركته؟ فرد علي أحدهم أنهم “ترسو” الشارع لأن شقيقه استشهد في الاحتجاجات، ترحمت على شقيقه وقلت له ولكن إغلاق الشارع لن يعيد لك أخاك وبهذا العمل يمكن أن تساهم في موت مريض يسعفه أهله للمستشفى، وبإمكانك التعبير عن غضبك ورفضك للحكومة بالانضمام إلى ميدان الاعتصام بالقيادة العامة.

*اعتذر الشاب وفتح بعدها الطريق لتمر كل السيارات التي تكدست في شارع الحرية، الخميس ألمنصرم تكرر نفس المشهد في قلب الخرطوم وأطرافها من بعض الثوار الذين احتجوا على إحالة بعض ضباط القوات المسلحة للتقاعد في مليونية ردالجميل، وحدثت مواجهات بين الشرطة والمحتجين أصيب فيها الكثيرون.

*لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل وضع المتاريس سيعيد الضباط للخدمة؟ وهل المواجهة مع القوات النظامية سيشكل ضغطاً على القوات المسلحة لتحقيق مطالب الذين خرجوا ظهر الخميس؟ بالطبع الإجابة لا في الحالتين، ويجب أن يعلم جل من يريد الخروج في مسيرات سلمية أن الوثيقة الدستورية تكفل له هذا، ولكن دون أن يتضرر الآخرون، فليس من المنطق ولا العقل أن يتضرر الآخرون من هذه المليونيات التي يعلن لها في الوسائط في كل يوم.

*ظهر الجمعة حاول قلة من شباب القوز إغلاق شارع الغابة قبالة السوق، وأحرقوا بعض الإطارات مما جعل الكثير من السيارات تتخذ مسار “الحلة” لتفادي الحرائق، هذا الأسلوب رفضه الكثيرون من أهل المنطقة، فكان التصرف السليم من شباب المنطقة إزالة تلك الحرائق وفتح الطريق للسيارات، ورأيت بعضهم ينشط في حملات نظافة للشارع الرئيسي فقلت لهم  أنتم فعلاً شباب الثورة وليس من يريدون ممارسة التخريب واستغلال المسيرات لإرضاء أنفسهم المريضة.

*الشباب الذي خرج في ديسمبر2018م شباب واعٍ، ولكن للأسف ثورته حولت مسارها إلى طريق آخر، وهناك من يريد أن تستمر الفوضى بعودة المتاريس وخلق الأزمات، ولكن نثق أن شبابنا على درجة من الوعي تجعله يميز الخبيث من الطيب وأكبر دليل على ذلك ما فعله شباب القوز ظهر الجمعة وهم ينظفون الشوارع والطريق الرئيسي من آثار الحرائق، وهذا ليس بجديد على شباب القوز الذين ينشطون في العديد من الأعمال لمساعدة أهلهم في المنطقة بإنشاء أسواق البيع المخفض وقيادة حملات إصحاح البيئة وتنفيذ البرامج الثقافية والتدريبية والتى تنشط فيها الأمانة الثقافية بنادي القوز بقيادة الأخ الحبيب عباس معني، وأعضاء اللجنة الثقافية من شباب القوز.

*حسناً.. نرجو أن يعي الشباب خطورة المرحلة المقبلة في تاريخ السودان والتي تحتاج لسواعد الجميع من أجل البناء والإعمار وليس التخريب والدمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى