هَل زارهم مَسؤولٌ..؟؟

 

:: منذ الخميس الفائت، كل ذي لسان وشفتين يلعن الشُرطة ويُطالبها بحماية المُتظاهرين، ثُمّ يصمت.. وهذا خطأٌ فادحٌ، ونوعٌ من الظلم وترسيخٌ للفوضى.. فالجدير بالتأمُّل أنّ كل من يُطالب الشرطة بحماية المُتظاهرين، وكل من يُؤكِّد أنّ التظاهرات السلمية من الحقوق الديمقراطية المَسموح بها، يعلم أنّ للتظاهرات ضوابط وشروطاً معمول بها في كُلِّ دُول العالم، وغير معمولٍ بها في بلادنا، ومع ذلك لا يُطالب العمل بها..!!

:: نعم، بدلاً من نَقد الشرطة وحدها، يجب نَقد مناخ الفَوضى أيضاً، بحيث تكون لكل تظاهرة شروط وضوابط معمول بها في كلِّ دول العالم الديمقراطية، ومنها تحديد الجهة المسؤولة عن التظاهرة والإعلان عنها حتى تكون مُساءلة أمام القانون والرأي العام، في حَال تمّ المساس بمُمتلكات الدولة والمُواطن.. ثُمّ على هذه الجهة المسؤولة عن التظاهرة إخطار السُّلطات بزمان ومكان ومسار التظاهرة..!!

:: ويبقى السؤال، هل أخطرت الجهة المُنظِّمة لمَواكب الخميس، السُّلطات الحكومية بمكان حشدها؟، وزمان تحرُّكها؟، ومَسَارات سيرها؟، هَل هَذا مَا حَدَثَ؟، أم أنّ كل شئ حَدَثَ دُون علم وإخطار السُّلطات الحكومية، وكأنّ البلاد إحدى غابات أفريقيا؟.. وكما اتّهم كل ذي لسان وشفتين، الشرطة بانتهاك حُقُوق المُتظاهرين، فإنّ الشرطة أيضاً اتّهمت مجموعات – وَصفتها بالمُتفلِّتة – بكسر السِّياج الواقي في شارع القصر، ثُمّ الاعتداء على سيّارات بعض المُواطنين..!!

:: وعليه، إن كانت الشرطة مسؤولة عَمّا حَدَثَ لبعض المتظاهرين من إصاباتٍ، فهي مُدانة بلا تَرَدُّدٍ.. ولكن مَن المسؤول عَمّا حَدَثَ لعربة الأستاذ إبراهيم الشيخ الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني والقيادي بقِوى الحُرية والتّغيير، وعربات أُخرى لعامّة الناس غير المعروفة لوسائل الإعلام؟.. مَن المسؤول عمّا حَدَثَ لعربات الناس من رمي بالحجارة؟، ومَن المسؤول عن إغلاق الطُرق الرئيسيّة لحد عَجز عربات الإسعاف عن إسعاف المرضى..؟؟

:: وإن كَانت الشُرطة مَسؤولة عمّا حَدَثَ من اختناقٍ لبعض المُتظاهرين بالغاز المُسيّل للدموع، فهي مُدانة بلا شكٍ.. ولكن مَن المسؤول عن الاعتداء على عربات الشرطة بالحجارة، كما تظهر في مقاطع الفيديو؟، ومن المسؤول عن إصابة (60 شرطياً)، بعضهم في المشافي حالياً؟.. وبالمُناسبة، هل زارهم وزير الصحة، أو أيِّ مَسؤولٍ، كَمَا زار المُتظاهرين المُصابين؟، أم أنّ هؤلاء أفراد شرطة أجنبية غازية ولا يَستحقون تفقُّد أحوالهم، بل يستحقون الاعتداء عليهم..؟؟

:: وإن كانت الشرطة مسؤولة عمّا يَحدث للمُتظاهرين من موتٍ وإصابةٍ، فهي مُدانة بلا تحفُّظ.. ولكن يجب أن تكون هُناك أيضاً جهة مسؤولة عمّا يحدث من تخريبٍ وتحطيمٍ واعتداءٍ على الشرطة ومُمتلكات المُواطنين، وهي الجهة السِّياسيَّة التي تنظِّم المواكب وتحشدها، ولا تُعلن عن نفسها، ولا تخطر السُّلطات بها، لتحدِّد مكان التظاهرة وزمانها وخُطُوط سيرها وكيفية تأمينها، كَمَا يحدث في دُول العالم الحُر..!!

:: المُهم.. ثمة نصيحة غالية، للسيد رئيس الوزراء، نصّها: (البشر الذين نلتقيهم يومياً، ونتعامل معهم دائماً، مهما اختلفت أعراقهم وثقافاتهم وأعمارهم، لهم القُدرة والرغبة في ارتكاب الأخطاء والجرائم، ولكن فقط في حَال أن يجدوا من يُتيح لهم الفُرصة)، هكذا قالت ماريَّنا ابراموفيك – 1974 – بعد تجربةٍ سمّتها بتصرُّفات البشر في حَال منحهم حُرية اتّخاذ القرار بدون شُرُوطٍ.. وليتها قالت: في حَال مَنحهم حُرية إخراج المواكب (بدون ضوابط)..!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى