أول شهداء الثورة (ماكور) .. هرم البساطة يترجل إلى سفر الخلود  

 

كتب: محمد جادين

“الشهداء أكرم منّا جميعاً” عبارة  تُردد وسط الثوار كلما يسقط شهيد جديد في ساحات النضال وميادين التضحية، وثورة “ديسمبر المجيدة” محفوفة بالشهداء، أوراحهم مضت فداء تغيير آمنوا به وضحوا بدمائهم الزكية من أجله من أجل سودان عزيز يُطبق قيم “الحرية والسلام والعدالة” واقعاً لا شعارات.

شرارة   

انطلقت شرارة الثورة من الولايات وسطعت أنوارها ونيرانها واتقدت شرارتها أحرقت ستائر الخوف، وحطّمت قيود التردّد وتوشّحت بالكبرياء في طريق مهره الدماء، فكانت مدنية “بربر” أن تشرفت بأول شهيد في ثورة “ديسمبر المجيدة”، وتوشّحت بوسام التضحية.

خرجت بربر في ذلك الصباح الثائر يُحلق الغبن في سمائها، ومن ثم تدفقت الجموع في الشوارع التي لا تخون وامتلأت الحناجر بالهتاف والنشيد “تسقط بس” الشعار المُلهم الذي  اختصر ثلاثين عاماً من الوجع والظلم.

خلود

خرج الشاب “ماكور” أيقونة “بربر” وأحد رموزها ومعالمها ببساطته المعهودة، متقدماً الجموع تسبقه ابتسامته وروحه المرحة، يردد “تسقط بس” بصوته غير المفهوم للكثيرين عدا المقربين منه، ولم يكن يدري أنه بعد لحظات سيُحفر اسمه في سجلات الخلود كأول شهيد “يسقط” في ثورة ديسمبر.

سقط الشهيد محمد عيسى (ماكور)، اغتالته رصاصة غادرة من نظام البطش المخلوع بمدينة بربر صباح الخميس 20 ديسمبر 2018م،  قُتل أثناء اشتباك المتظاهرين في الطريق الأسفلتي الفاصل بين مربع 2 ومربع 16 ــ شمالي المدينة الثائرة، وهو الحي الذي يسكنه الشهيد.

ماكور

“ماكور” اسم تعرفه كل المدينة، تسبقه ابتسامته قبل يده، خفيف الظل، لم تشكل الإعاقة حاجزاً بينه وبين الآخرين، تألفه مدينة بربر ويألفها، كيف لا وهو  ريحانة مجالسها، تعرفه كل الشوارع والبيوت “زول الله .. ما بزّعل زول .. ولا بيزعل من زول”، وكأن الشاعر محمد الحسن سالم حميد كان يقصده عندما كتب إحدى مقاطع “عم عبد الرحيم” ذائعة الصيت

ﻣﺎ ﺑﻴﺨﺒﺮ ﺯﻋﻞ

يزﻋﻞ ﻣﻦ ﻣﻨﻮ

ﻭيزﻋﻞ ﻓﻲ ﺷﻨﻮ؟

ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻨﺎ

ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺻﺤﺎﺏ

ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ أﻫﻞ

ﻭﺍﻟﻤﺎﻫﻢ ﻗﺮﺍﺏ .. ﻗﺮّﺑن ﺍﻟﻌﻤﻞ

ﺍﻟﻄﺎﻕ ﺍﻟﻴﻄﻖ .. ﻋﺸﺖ أﺑﻮ ﺍﻟﺰﻣﻞ

ﺑﺎﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻴﻚ .. ﺑﺎﻟﻔﺎﻝ ﺍلأﻣﻞ

“ماكور” ضاحك دائماً ومبتسم زول ونسة ومرح  يقول عنه تجار في سوق بربر: “بركة وقدم خير لو مرّ عليك بالسلام، أو شرب معاك كباية شاي يومك كلو خير ورزق”.

رياضة

عشق شهيد الثورة الأول  “ماكور” الرياضة، ويعد أشهر الشخصيات الرياضية في مدينة بربر، بل تعدت شهرته  حتى لعيبة كرة القدم والحُكام في المنطقة، يقول عنه “سيد مليح” أحد أبناء بربر في حديثه لـ “الصيحة”، إن ماكور يعشق الرياضة وكرة القدم، لم يغب عن نشاط كروي قط في دار الرياضة حاضراً في كل مباريات الدرجات “أولى، ثانية، ثالثة”، مُشاركاً في كل المناسبات الاجتماعية في المدينة تجده في بيوت أفراحها وأتراحها.

المليح يقول إن “ماكور” معروف عنه تشجيعه للمريخ العاصمي ومريخ بربر، بل يُشجع جميع الفرق الرياضية بمختلف الدرجات في المدينة، تعرفه دار الرياضة والمدرجات وكل الأندية حاضراً في فعالياتها ومهرجاناتها يرافق البعثات الرياضية من المدينة إلى عطبرة، يداعب اللعيبة لحظات الفوز والهزيمة متأبطاً عصاه ولا يرضى في “الأحمر”.

تابع سيد مليح: “التقيت ماكور قبيل أن يستشهد، وصل بيت شقيقته ورجع إلى الموكب، ومن ثم انتشاته طلقة في رأسه”، وأضاف: “بعدها تحدث الناس عقب نبأ استشهاد ماكور بأن الإنقاذ لن تُعمر بعد اليوم وقد كان”.

رحل محمد عيسى “ماكور” ونال شرف أول شهيد في ثورة ديسمبر فقدته “بربر” شوارعها وأزقتها وحواريها وبيوتها، مناسباتها وأتراحها وأفراحها، تجار السوق افتقدوا طلته المبروكة، لم تنساه المدينة وأهل الرياضة، وها هم يخلدون ذكراه بأن سموا الموسم الرياضي الحالي باسمه وصوره وضحكته تملأ دار الرياضة التي أحبها، فكان الدوري الموسم الرياضي الحالي بعنوان “دوري الشهيد ماكور”.

///////////////////////////////////

أشعار الثورة

من ذاكرة القيادة

إلى الشهيد النذير عبد الباقي

__

المتاريس

ما متاريس

دي الطلاسم والتعاويذ

الفلق

والفاتحة

والناس

الحِصِن

والليل أباليس

المتاريس:

المنام عز الكوابيس

النهارات

الفوانيس

الصباحات

للضُلمّات المطاميس

دي الوصية القبلِ ما يموت

سابا في باب الفراديس..

النذير،، قال لينا فيها:

المتاريس

جمرتين والتالتة جنّة

خطوتين التالتة في الميس

أبو مِنّة

29 أبريل 2019

موكب شهداء المتاريس

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى