قائمة الإرهاب.. اقتراب التسوية!!

 

ترجمة: إنصاف العوص

كشف موقع “يو إس توداي” عن توصل الحكومة الانتقالية وواشنطن إلى تسوية للفصل بين مساري العقوبات الأمريكية على السودان توطئة لتطبيع القطاع المصرفي. وقال الموقع إن الحكومة السودانية وواشنطن اتفقتا على الفصل بين المسارين من أجل تسهيل وصول المساعدات والمنح من المؤسسات الدولية فضلًا عن التفاوض مع نادي باريس والمنظمات الدولية حول إعفاء الديون، وأضاف أن العقوبات الأمريكية حرمت السودان من وصول وديعة أبناء السودان بالمهجر عبر البنك المركزي كون السودان لا يمكنه إجراء التحويلات المصرفية إلا عبر المملكة العربية السعودية والأمارات العربية، بسبب وجود حسابات بنكية لوزارة المالية وبنك السودان المركزي بهذين البلدين، قاطعاً بأن تطبيع النظام المصرفي من شأنه رفع القيود المصرفية كافة على القطاع.

وأشار الموقع إلى قرب موعد رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية، كاشفاً عن توصل كل من الخرطوم وواشنطن إلى تسوية تفاوضية مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية المتهمة بها الحكومة السابقة، فضلاً عن حسمه ملف الإرهاب، وقال الموقع إن السودان توصل إلى تسوية مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية التي تمت بدعم مادي مزعوم من الحكومة السودانية السابقة وتشمل تلك الهجمات تفجيرات عام 1998 لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا فضلاً عن حسم ملف المدمرة “كول”.

دفع انتقالي
وقال الموقع إن الشطب عن قائمة الإرهاب واحد من العديد من الخطوات اللازمة لتحسين الاقتصاد ودفع انتقال السودان الديمقراطي، كما أنها مجرد خطوة من خطوات متعددة مطلوبة  من كل من الولايات المتحدة والسودان من أجل تحقيق القوى المؤيدة للديمقراطية وأهدافها. وأضاف: ببساطة لا تمنع تسمية الإرهاب  بشكل مباشر الاستثمار المصرفي الدولي أو الخاص في السودان. وقال إن هناك اعتقاداً خاطئاً شائعاً بأن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة تحول دون النمو الاقتصادي في السودان.

وفي الواقع، تمت إزالة جميع العقوبات المفروضة على السودان تقريباً في عام 2017. وكل ما تبقى هو العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والمتعلقة بدارفور، والتي لم يتم تحديثها منذ سنوات وتحظر فقط نقل الأسلحة إلى دارفور، وكذلك المعاملات المالية والدولية وسفر عدد قليل من الناس.

وعلى الرغم من أن القائمة قد تؤدي إلى بعض الإحجام من جانب البنوك فيما يتعلق بممارسة الأعمال التجارية في السودان، إلا أنها لا تمنعها من القيام بأي من هذه الجهود، على سبيل المثال، أعلنت شركة أوراكل مؤخرًا أنها ستعمل مع بنك سوداني في مشروع للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول.

عتامة اقتصادية
وما يجعل معظم البنوك والشركات تمنع الاستثمار الخاص هو عتامة النظام الاقتصادي بأكمله في السودان. هذا التعتيم يجعل من الصعب على البنوك والشركات إجراء العناية الواجبة للعملاء على العملاء السودانيين وفهم المخاطر المحتملة تمامًا، في محاولة لزيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب البنوك والشركات الدولية إلى السودان، وينبغي على القطاعين الحكومي والمصرفي إظهار قدر أكبر من الشفافية، وتطبيق قوانين وسياسات مكافحة غسل الأموال الحالية في السودان، وتحسين سياسات وممارسات الرقابة المصرفية وستسمح هذه الخطوات للمصارف الدولية والمستثمرين من القطاع الخاص بتقييم المخاطر بشكل كافٍ وربما زيادة الاستثمار في السودان.
وعندما يتم شطب السودان، سيكون أحد التأثيرات المباشرة قدرة الحكومة الأمريكية على التصويت لصالح حزم تخفيف عبء الديون الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والقروض والتمويلات الأخرى متعددة الأطراف. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن تسمية الإرهاب لا تحظر على أي دولة أو مجموعة أخرى من البلدان تقديم إعفاءات أو معونات للسودان.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يتم رفع تصنيف الإرهاب سيصبح بمقدور كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التعامل مع السودان بالرغم من أن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن المتأخرات ربما لا تزال تمنع إقراضه.

عوائق دولية
وفي منتصف ديسمبر 2019 ، زار فريق من صندوق النقد الدولي السودان لمناقشة المادة الرابعة لعام 2019 مع حكومة السودان. وأصدر الفريق بيانًا في ختام الزيارة يشير إلى أنه على الرغم من أن السودان مؤهل للتخفيف من عبء الديون بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، فإن تصنيف الإرهاب والدين الخارجي الكبير والمتأخرات يعيقان الوصول إلى التمويل والتنمية الخارجيين، وشجع فريق صندوق النقد الدولي حكومة السودان على الحصول على تخفيف شامل للديون وزيادة التعاون مع سياسات الصندوق ودفع مديونياته.

وإضافة إلى إمكانية تخفيف عبء الديون، من المرجح أن يؤدي الشطب إلى تحسين تصور السودان كمكان للاستثمار، خاصة بالنسبة للشركات الأمريكية. ومع ذلك، حتى في حالة شطب القائمة، يحتاج السودان إلى التركيز على إصلاح القطاع المصرفي واستئصال الجهات الفاعلة الفاسدة الراسخة في النظام. وإلى أن تتم هذه الإصلاحات، تظل هناك مخاطر حقيقية، وسيستمر مناخ الاستثمار غير جاذب.
واتخذ السودان العديد من الخطوات المهمة للإشارة إلى الولايات المتحدة بأنها على استعداد لإزالتها من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وزاد السودان من تعاونه في مكافحة الإرهاب مع الحكومة الأمريكية لعدة سنوات، كما انخفض النشاط الإرهابي داخل السودان، بما في ذلك جمع الأموال. والخطوة التالية الحاسمة هي التسوية التفاوضية مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية التي تتم بدعم مادي مزعوم من الحكومة السودانية السابقة. وتشمل تلك الهجمات تفجيرات عام 1998 لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا وهجوم عام 2000 على المدمرة الأمريكية. وبذل السودان بعض الجهد للتوصل إلى تسوية.

مراقبة قانونية

واتخذت الحكومة أيضًا خطوات مهمة لتحسين غسيل الأموال ومكافحة تمويل نظام الإرهاب، على الرغم من أنه ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. إن وجود نظام قوي لمكافحة غسل الأموال سيزيد من صعوبة تمويل الإرهاب باستخدام البنوك السودانية. كما سيُظهر للولايات المتحدة وبقية المجتمع الدولي أن الحكومة الجديدة تعطي أولوية لمكافحة الإرهاب وتريد حماية قطاعها المالي من أي إساءة استخدام محتملة.
ويجب على السودان إعطاء الأولوية لإصلاح القطاع المصرفي لتشجيع الاستثمار الخاص. ومحافظ البنك المركزي يدرك نقاط الضعف، وقد تعهد بمضاعفة جهود مكافحة غسل الأموال من أجل تحسين سلامة النظام المصرفي في السودان. توجد في السودان قوانين لمكافحة التمويل غير المشروع غير أن تنفيذ هذه القوانين غير متكافئ وغير فعال بشكل عام. وتحتاج جميع أجزاء النظام للعمل معًا لتحسين الفعالية. وينبغي للبنك المركزي أن يشجع القطاع المصرفي السوداني على تقديم تقارير عن الأنشطة المشبوهة، لا سيما فيما يتعلق بالفساد وتمويل الإرهاب، وينبغي أن تستخدم وحدة الاستخبارات المالية السودانية تلك التقارير لفتح تحقيقات ورفع القضايا إلى القضاء لمحاكمتها.
استثمار مسؤول
فيما يتعلق بالعقوبات، يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والحكومات المعنية الأخرى  أن تفكر في فرض عقوبات شبكة مستهدفة على المخربين للإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية. تبقى العناصر داخل الحكومة السودانية التي تسعى إلى الحفاظ على الفساد لتحقيق مكاسب شخصية خاصة بهم، ومن المحتمل أن تكون لتلك العناصر القدرة على استخدام البنوك الخاصة لغسل عائدات الفساد. ويجب معاقبة الشبكات التي تواصل تسهيل الاستيلاء على الدولة من أجل مساعدة الحكومة الجديدة على عزلها عن النظام وتحسين مناخ الاستثمار في السودان. وستصدر منظمة العين الساهرة تقريرها الاستقصائي الأول المتعلق بالسودان في فبراير الجاري، وتواصل تقديم المعلومات إلى الحكومات والبنوك للمساعدة في جهودهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويمكن للولايات المتحدة أيضًا أن تنظر في تطبيق شكل من “متطلبات الإبلاغ عن الاستثمار المسؤول” التي من شأنها أن تضمن مطالبة البنوك وغيرها من القطاع الخاص الذين بدأوا أعمالًا تجارية جديدة في السودان بنشر المعلومات، إذ يمكن لمثل هذا النظام أن يساعد في ضمان شفافية أوسع للقطاعين العام والخاص.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى