لجنتا التطبيع.. السير نحو رفع العقوبات

 

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

كَشَفَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن فريق إسرائيلي سيضع خلال أيّامٍ خُطة لتوسيع رقعة التّعاوُن مع السودان بهدف إحلال التطبيع مع الخرطوم، استكمالاً للقاء التاريخي الذي جمعه ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، فيما أكّد البرهان في وقتٍ سابقٍ عن تكوين لجنة مُصغّرة لمُواصلة بحث الأمر.

في الأثناء، عَبَرَت أمس الأول أول طائرة نفاثة إسرائيلية، الأجواء السودانية مُتّجهة إلى مطار العاصمة كينشاسا لجمهورية الكنغو بعد أن أقلعت من مطار غوريون بإسرائيل.

ما كشفته الأطراف السودانية والإسرائيلية حول تشكيل لجان مُصغّرة من الطرفين لتقنين عملية التطبيع، فتح الباب أمام تساؤلات جديرة بالطرح والإجابة عليها، يضع أمر التطبيع أو ترميم العلاقات بين البلدين على الهواء الطلق وليس في الغُرف المُغلقة كَمَا دأبت على ذلك بعض الحكومات خوفاً من ردة الفعل.. فَهل سَتضع هذه اللجان العلاقة الجديدة على الطريق الصّحيح ومتى ستّتضح الرؤية للشعب الذي وَاجَه الأمر بردود مُختلفة؟ ومِمّن تكوّنت هذه اللجان، إضافةً إلى أنّ هناك حديثاً عن فتح السفارات بين البلدين.

بلع الجُرعة

إنّ أمر التطبيع الذي تبحثه اللجنة المُصغّرة الإسرائيلية مع نظيرتها السودانية وفق ما يراه السفير الرشيد أبو شامة، يجب أن يشمل أولاً تحقيق مصلحة كبرى في مجال علاقاتنا الخارجية واستغلالها في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتعجيل في ذلك، مُشترطاً عدم تجاوُز ذلك للتمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

وقال أبو شامة لـ(الصيحة)، إنّ هناك دولاً عربية الآن لها علاقات مع إسرائيل ولكن ليس لها تبادُل دبلوماسي أو سفارات داخل إسرائيل وليس لها إعلان بذلك، وأوضح أنّ علاقتنا لا تتعدّى أبداً الخط الذي يُوصِّل للاعتراف بإسرائيل وبتبادُل العلاقات الدبلوماسية معها على أيٍّ حالٍ من الأحوال، وقال (الجرعة مُرّة جداً ويُمكن نبلعها) إذا كانت هناك نتيجة من ذلك في حال أننا فتحنا أجواءنا للطيران الإسرائيلي واجتماعنا بنتنياهو، وزاد: إذا كانت هناك فائدة منها في علاقاتنا مع المُجتمع الدولي وتحسين صورة السودان بما يجلب عليه الحلول لمعضلته وأزماته الراهنة وسحب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، قال في هذه الحالة يُمكننا (بلعها)، وأكد أبو شامة أن المقابلة التي حدثت بين البرهان ونتنياهو حدثت من قبل مع دول عربية كثيرة آخرها زيارة نتنياهو لعُمان ولقائه بسلطانها والذي نقلته كل وسائل الإعلام العالمي والعربي، وقال إنّ المطلوب من إسرائيل لا يصل إلى درجة الاعتراف بالكيان الإسرائيلي والتبادُل الدبلوماسي، فنحنُ مُلتزمون مع الجامعة العربية في كل قراراتها خَاصّةً القرار الأخير الذي ينص على العودة إلى خط 67 لإنشاء دولتين وفق قاعدة الجامعة العربية.

العطاء بمُقابل

وفتح أبو شامة، الباب لابتلاع جُرعات مُرّة مُثيلة بمُقابلات مع إسرائيل مثل التي عملها البرهان، بشرط أن تنجز لنا مصلحة كبيرة على رأسها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال إنّ الاستعمار علّمنا دوماً أنك إذا أعطيته بدون مُقابل فمن السهل جداً أن يهملك ويغدر بك ولا يعطي إذا أعطيته بدون مُقابل.

تشكيل اللجنة

ورفض أبو شامة الاتّجاه إلى التبادُل الدبلوماسي وفتح السفارات مع إسرائيل، وقال: لا يُوجد في الوطن العربي غير مصر والأردن اللتين لهما حدودٌ جُغرافية مع إسرائيل قاما بهذه الخطوة على أساس الحُدود، بيد أنّه زاد بأنّه لا مانع في سبيل تحقيق مصالح استراتيجية مُهمّة ةوإقامة مقابلات في سبيل تحقيق الأغراض الاستراتيجية، مشيراً إلى أن تشكيل اللجنة المُصغّرة لم يُعلن عنها بطريقة كافية، لذلك فهي غير معروفة، وربما جاءت على هذا النسق بناءً على ما رُشح من ردود أفعال وفقاً لآخرين، وأن لا تتجاوز هذه اللجنة لوائح وقرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية بأيِّ حالٍ من الأحوال لأنّها ملزمة للسودان.

فيما يرى الخبير الاستراتيجي الفريق أول ركن عبد الباقي كرار، أنّ اللجنة الإسرائيلية الزائرة للبلاد لن تبعد مهامها كثيراً عن صفقة القرن التي تَمّ التّوصُّل إليها مُؤخّراً، وقال إنّ عملية التطبيع التي تُجرى الآن مع السودان ليست هي البداية، وإنّما هناك دولٌ كثيرة سبقته لتلك الخطوة، وإنّه كلما تَمّ التطبيع مُبكِّراً مع إسرائيل كلما كانت علاقتك الإقليمية والدولية أقوى وتحديداً مع أمريكا، وبالتالي يُمكنك التخلِّي عن مشاكلك كلها وتصبح عضواً في حلف دولي تحت مظلة دولتين نوويتين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وأبان أنّ هذه الزيارات وعمل اللجان المُشتركة تمضي في هذا الاتجاه وفق ما أراه من مُستجداتٍ وربما تم التطبيع قريباً وبشكلٍ كاملٍ مع إسرائيل، وقد يتجاوز بعض المَطَبّات التي تتعلّق بالمواثيق الدولية والأممية، وخَاصّةً تلك التي تتعلّق بالجامعة العربية، مُشيراً إلى أنّ القوة العسكرية للدولة الإسرائيلية يُمكن أن تستفيد منه الحكومة السودانية، إضَافَةً للقوة الزراعية والصناعية المُتعلِّقة بالتقانات الزراعية.

المُضي بعيداً

ويرى المُحلِّل السِّياسي الأمين الحسن لـ(الصيحة) أنّ خطوات التطبيع ولجانه المُكوّنة من الجانب السوداني، رغم أنّه لم يفصح عنها كثيراً داخلياً، لكنه يظهر أنّه قد قَطَعَ شَوطاً كَبيراً بعد أن أعطى السودان الإذن وفتح مجاله الجوي كَمَمَرٍ آمنٍ وسريعٍ للطائرات الإسرائيلية، خُصُوصاً المُتّجهة من وإلى أمريكا الجنوبية، عقب تدشينه أمس الأول مِمّا يُمهِّد للجان المُشتركة السير في التطبيع بإقامة علاقات طبيعية مشروطة على اعتبار أنَّ جامعة الدول العربية تدعم هذا الاتّجاه، وأنَّ نموذج التطبيع المُراد هو الذي طبَّقته (3) دول عربية و(39) دولة أفريقية مُجاورة من دُون أن ينتقص من سُمعتها شَئٌ، بل مهَّد الساحة للمُساهمةِ في تسيير أمورها وحُصُولها على المُساعدات وعبورها خط المُناكفة الغربية في نهاية المطاف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى