مُقترح ميثاق الشرف.. رتق الثقة!!

 

تقرير: عبد الله عبد الرحيم

دَعَا نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو لضرورة تصفية الضمائر ولتوقيع ميثاق شرف يَضم العسكريين والمدنيين لحماية الفترة الانتقالية، في وقتٍ وصف فيه روح الشركة بين مُكوِّنات الحكومة الانتقالية من عسكريين ومدنيين غير موجودة، كَمَا أنّها ليست على ما يرام، ونثر “حميدتي” أمس الأول في حوارٍ مع فضائية “سودانية 24″، الكثير من القضايا المسكوت عنها بين المُكوِّنين العسكري والمدني، فيما رأي أنّ المَخرج من كُلِّ هذه التّعقيدات يَكمن في الاتّفاق على توقيع (ميثاق شرف) بين المُكوِّنين لإخراج الحكومة والشراكة بينهما من وَهدة الصِّراعات الخفية والعمل بضمير الجمع لحَلحلة الخلافات وطي الأزمة الكؤود.. فهل ستجد الدعوة لهذا الميثاق الاستجابة، وبالتالي التمهيد لطي أزمة الثقة التاريخية بين المُكوِّن العسكري والسياسي؟!

أهمية الوثيقة

ويَقُول د. عبد الرحمن أبو خريس الأكاديمي والمُحَلِّل السِّياسي لـ(الصيحة)، إنّ الطرفين المدني والعسكري بالوثيقة الدستورية التي تمّ توقيعها بينهما ستخرجهما مِمّا هما عليه الآن من أزمة ثقة والتفافٍ على القضايا المُشتركة، جازماً بأنّ ما يضبط ميثاق الشرف بينهما هو الوثيقة الدستورية فقط، وأكد أبو خريس أنّ لا معنى لميثاق شرف في ظل وجود الوثيقة الدستورية، لأنّه ورغم الالتزام الدولي به وبشهادته عليه تَمّ خرقه من بعض الأطراف السياسية، وأشار أبو خريس إلى أنّ نائب رئيس المجلس السيادي لا يُريد ميثاق شرف بذات الطريقة التي أكّدها، وإنما يُريد التزام جميع الأطراف بما تمّ الاتفاق بشأنه بينهما في وقتٍ سابقٍ.. ورَغم أنّ الظُّروف السِّياسيَّة تمضي مِن حَالٍ إلى حَالٍ أفضل، إلا أنّ أبو خريس يَرَى أنّ مُمارسة الحكومة لعملها وفق الوثيقة الدستورية سوف يُخرِج البلاد من أزمة الثقة الرّاهنة، وقال إنّ اللجوء لميثاق الشّرف في العُهُودِ الديمقراطية يَمْضِي في اتّجاه التّطبيع بين الحكومة والمُنظّمات والاتّحادات المحلية لتسيير العمل وفق رؤى مُشتركة بشأنها، بيد أنّه لم ير بُداً من أن تسعى الأطراف مُشتركة إلى تقنين مثل هذه الخلافات بالاتّجاه إلى تهدئة الأوضاع بالصورة التي ذهب إليها نائب رئيس المجلس السيادي.

صمام أمان

وتطرّق الخبير والمُحلِّل السِّياسي أبو خريس إلى أنّ الإشكال الآن هو في الثقة المعدومة ورُوح الإقصاء والإبعاد التي يُمارسها الطرفان “السياسي والمدني”، مُشيراً إلى أنّ هُناك إشكالاً تاريخياً مَفاده أنّ المُكوِّن المدني لا يثق في العسكريين وهذا أمرٌ طبيعيٌّ لبلد مثل السودان الذي يقع في أفريقيا المعروفة بالنزعة العسكرية القابضة، بيد أنّ أبو خريس أكّد أنّ أزلية الصراعات بينهما لا يخصم من واقعية وحتمية الاتّجاه نحو الشراكة الفاعلة ورُوحها رغم العقبة التاريخية التي تقف عائقاً وترساً في هذا الاتجاه، ويضيف أبو خريس أنّ الأطراف الرسمية تَعترف بحُكم الدستور ولا داعي لمَواثيق جديدة إذا ما التزم كل طَرفٍ بهذه الدّساتير، وقال إنّ صمام الأمان للتحوُّل المَطلوب في مسار الحكم الديمقراطي يتطلّب تجاوُب الطرفين حول القضايا الدستورية والاستراتيجية، مُشيراً إلى أنّ الخُطُورة تكمن في أن الطرفين يُمارسان السياسة باسم البلد لأنّهما على سُدّة حكم البلاد، ولكن كل منهما يُمارسها بمعزلٍ عن الآخر، وقال انّ هذا الأمر سوف يُدْخِل البلاد في نفقٍ مُظلمٍ، وأكّد أنّ الشعب السوداني وفي تاريخه الطويل لم يحفل بالصراعات السِّياسيَّة بين العسكر والمدنيين وذلك لأنّهم أول من يتأثّرون بها، مُطالباً بعدم المُضِي تجاه مثل هذه المواثيق، وإنّما من الضرورة بمكان الاتّجاه للإجابة على تأخيرهم في الاتّفاق على القضايا الاستراتيجية المُهمّة لإخراج البلاد من الضائقة السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وهذا هو الحَل والمَخرج لأزمة البلاد والصِّراعات بين الأطراف المُختلفة والمُكوِّنيْن العسكري والمدني.

تنازُل والتزام

التّشاكُس والصِّراع الخفي الذي يَحدث بين الفينة والأُخرى بين الطرفين المدني والعسكري وعدم التّنسيق بينهما، يراه البعض بأنّه لا يتطلّب ميثاق شَرف، وإنّما يتطلّب لتوقيع مواثيق مُتعدِّدة لضمان عدم تجاوُز العلاقة بينهما.

وقال الأمين محمد الحسن الاستراتيجي لـ(الصيحة)، إنّ الحكومة الحالية وبشكلها الراهن أكثر حاجةً لميثاق شرف، لجهة أنّ بَعضاً من العسكر والمدنيين وليس كلهم لا يثقون في بعضهم البعض، خَاصّةً فيما يتعلّق بأمر يختص بالسِّياسة العامّة للدولة.

وطبقاً لهذا المنحى، فإنّ أزمة الثقة المفقودة تتطلّب تنازُلاً والتزاماً تامّيْن من كل الأطراف، وأشار إلى أنّ بعض المُكوِّنات خلال الفترة الماضية ابتعدت كثيراً عن رُوح الشراكة، مَا يُؤكِّد وجود تصدُّعات بين كتائب الحكومة الانتقالية في نسقيهما المدني والعسكري.

وأسهم حديث “حميدتي” في تعميق المَفاهيم الوطنية إلى حَدٍّ كَبيرٍ وتحدث عن المسكوت عنه، رغم مُحاولة الجانب المدني عدم نَبشِهِ، ويقول الحسن إنّ شرائح كبيرة من القِوى السِّياسيَّة ترى أنّ أصابع خفية هي التي تُحَاوِل الإيقاع بين هذه المُكوِّنات في هذه اللحظات تَحديداً، فيما أكّد أنّ الصراع القديم الذي تُمارسه جهات ومُؤسّسات سِياسيَّة ضِد تَوجُّه الثورة ربما يكون لها يدٌ فيما يجري، فيما ينظر لخطوة “حميدتي” بتكوين هذا الميثاق بالخطوة الفعّالة لبناء وحِفظ الأمن والوعي الجَمعي لجماهير الأمة السُّودانية، وقال إنّها مُحاولة وقائية لقطع الطريق أمام أيِّ احتمالاتٍ قد تُعرقل العلاقة بين الطرفين، مُشيراً لتأكيدات نائب رئيس المجلس السيادي وحرصه على هذه العلاقة لقطع الطريق أمام توجُّهات الدولة العميقة بحسب تصريحاته الأخيرة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى