مُتلازمة السلطة

 

يستغرب ويتعجّب أغلبية الشعب من عدم المبالاة  البينة الواضحة للحال والمآل الذي صارت عليه الأوضاع المعيشية في السودان، وعدم الاهتمام و(الطناش) من الذين أصبحوا الآن على رأس القرار إن كانوا في اللجنة المركزية لقوى الحرية والتغيير،  أو الوزراء أو مديري إدارات مؤسسات حكومية، فهُم أنفسهم الذين عانوا الأمرّين مثلنا تماماً من حكومة الإنقاذ في فسادها  وبعدها عن هموم الشعب، وتسبيب تلك الكوارث التي نعيشها حتى اليوم وهم أنفسهم من خرجوا مع الشعب رافضين للإنقاذ، منددين بما ذكرناه وآملين في تغيير عميق وحقيقي لمن جعل البلاد من أقصاها إلى أدناها تعيش سياسات إقصائية وتهميشية، وحياة قاسية ومؤلمة بكل معاني الألم حقيقة ….

كثير منهم أصبح كل ارتباطه واهتمامه بالميديا أو “السوشيال ميديا” هو إنزال صورهم بالبدل والكرافتات في استعراض واضح تماماً بالفرحة المتوهمة التي يعيشونها بأنهم أصبحوا على رأس السلطة، وفي تحليلي لهذا  السلوك، هو ما  يسمى بمتلازمة ( Hubris) أو اضطراب السلطة، وهو اضطراب نفسي سلوكي يصيب كثيراً من يصلون إلى السلطة ويستثنى منه من تكون طبيعته مرحة أو متواضعة والمتقبلون للانتقاد، وقد صنف الخبراء النفسيون جورج دبليو بوش الرئيس الأمريكي ومارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا من هؤلاء الذين لم تصبهم هذه المتلازمة… أما غالبية المسؤولين فتظهر لديهم كما (هو الحال عندنا الآن) منذ الأيام الأولى لتوليهم المناصب، فقد حلّل  كل من الطبيب البريطاني اللورد Awen  والطبيب النفسي البريطاني أيضا د. جونسون أن هذا الاضطراب السلوكي ينبع من الإحساس بتعظيم الذات، إذ أن القيادي يشعر بأنه عظيم، لذلك نال هذا الموقع فيصبح عنده  الإحساس بالثقة الزائدة في نفسه وفي قراراته، لذلك يبدأ بتهميش آراء الآخرين حتى الذين كان يشاركهم نفس الآراء من قبل، وأيضاً يحدث عنده هوس بالاهتمام الزائد بصورته العامة مثل مظهره في اللبس وطريقة الكلام والجلوس والمشي، ويصيبه أيضاً انفصال عن الواقع وربط الواقع بأشياء غير حقيقية (ففي حالتنا مثلاً كل من ينتقد أداء الحكومة  يوصم بأنه من أتباع النظام السابق، إذ أنهم يستنكرون علينا عدم إحساسنا بالتغيير الفعلي  في واقع معاشنا، لأنهم حقيقة هم فقط من يعيشون التغيير  اليوم).

وأيضاً عدم المبالاة بالآخرين (فعدم مبالاتهم حتى اللحظة بأزمات الناس ومعاناتهم في الحصول على الخبز والمواصلات والبنزين والوظائف والعلاج وحتى الأمن لا يتفاعلون معه ولا يهتمون له)… وعدم الانتباه والمشاركة (فالشعب ما زال في ازدياد لسوء الأحوال الحياتية).. هذا  تحليل علمي حقيقي ينطبق للأسف ويصف السياسيين والقيادات لهذا البلد المنكوب بمتلازمة السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى